لم يرجع العرب الذين سبقوا اليمن في الذهاب إلى جنيف بما ينفعهم في قليل أو كثير, ومع ذلك فإن ذهاب اليمن إلى جنيف, مشروط أولاً باستعادة الأممالمتحدة شرعيتها المختطفة بالعدوان السعودي من خلال إلزام العدوان بميثاق الهيئة الأممية, ووقفه فوراً ورفع ما ترتب عليه من حصار غير مشروع. سترعى الأممالمتحدة حواراً بين قوى الأزمة اليمنية, لكن عليها أولاً وقبل كل شيء منح هذه الرعاية شرعيتها الكاملة, من خلال قدرتها على إلزام العدوان السعودي بميثاقها وإجباره على وقف العدوان ومن ثم رفع الحصار فوراً وبغير قيد أو شرط. إذا استعادت الأممالمتحدة شرعيتها المختطفة والمنتهكة بالعدوان السعودي السافر على اليمن, فأوقفت العدوان ورفعت الحصار فإن رعايتها للحوار اليمني –اليمني تكون جادة ومقبولة, كبداية تستدعي بعدها واقعية أممية في التعامل مع جوهر الأزمة كما هي قائمة لا كما هي مفترضة في صياغات قديمة, منها قرارات مجلس الأمن الأخيرة قبل وبعد العدوان. إن واقع الأزمة اليمنية الراهنة يتجلى على الأرض في الصراع العنيف بين ثلاث قوى بارزة هي: تحالف الحوثي صالح, وتحالف هادي – الاصلاح, وتنظيم القاعدة, فإذا كان الحوار محدداً بين التحالفين مع استبعاد تنظيم القاعدة, فإن المطلوب عملياً لتجاوز الأزمة هو توافق التحالفين على إطار مرجعي لمرحلة انتقالية, وعلى سلطة لإدارة هذه المرحلة, وإنجاز ما تتطلبه عملية إعادة بناء الدولة اليمنية الاتحادية. وهذا يعني تهميش المطالبة بتنفيذ قرارات مجلس الأمن وخاصة البنود التي تلزم الحوثي بالانسحاب من العاصمة والمدن الأخرى وتسليم الأسلحة الرسمية للقوات الحكومية, نظراً لغياب مؤسسات السلطة وغياب الجيش الرسمي, وهو ما يستدعي توافقاً بين القوى التي تتنازع الشرعية والسلطة على سلطة جديدة لإدارة عملية انتقالية في فترة محددة ومرجعية واضحة. ولا بأس أن يعيد مجلس الأمن صياغة قراراته السابقة في قرار مواكب لمستجدات الواقع اليمني على ضوء العدوان السعودي يشمل ما ذكرناه أعلاه؛ إضافة إلى إلغاء العقوبات التي اتخذها سابقاً ضد الرئيس السابق ونجله وقيادات في جماعة أنصار الله مع زعيمها الأخ عبدالملك الحوثي. الذهاب إلى جنيف بغير استعادة الأممالمتحدة شرعيتها المختطفة بالعدوان السعودي, عبث لا تحتاجه المأساة اليمنية المتفاقمة بالعدوان والحصار.