، فكل ما يحيط بنا الآن في أرض الحكمة والإيمان عجيب غريب ليس له مثيل وغير قابل لقياسات العقل والمنطق، ونحن اليمانيون الأرق قلوبا والألين أفئدة، صار واقع حالنا أننا لسنا بأحياء ولا نحن أيضا بأموات، فلا ماء ولا كهرباء ولا نظافة، ولا غاز ولا بترول ولا ديزل، ولا دولة ولا رئيس جمهورية ولا رئيس حكومة وبالتالي لا حكومة ولا وزراء، ولم يعد كل ذلك حالة طارئة وليدة يوم أو أسبوع أو شهر بل صارت حالة مألوفة منذ ما يقارب نصف السنة حتى الآن، وكيف لذلك أن يحدث في غير (اليمن) الاستثناء؟!. عفواً أنصار الله.. نقطة نظام، فذلك حالنا مع الأسف الشديد في ظل استمرار ومواصلة (المراجمة) ب(طوائر) وطواقم بعضها (صهيونية) تحوم وتحلق على ارتفاعات شاهقة، لتقصف وتنسف وتذيب الحجر والشجر والبشر وتحول أشلاءهم إلى مجرد ذكريات تروى، وأساطير ستظل تحكيها وتتناقلها الأجيال جيلا بعد جيل، بطلب ودعم وتمويل وعناد ومكابرة ثلة من الأعراب من طواغيت (جُهَّال) آل سعود الذين يدعون أنهم (خدام) للحرمين الشريفين، وتشهد ألسنتهم بأنه لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما ما تخفيه صدورهم فالله وحده العالم يقينا به المطلع عليه، فالشواهد الحية الملموسة الماثلة للأعين وواقع حالهم يقول بزور شهادتهم تلك، فقد تجردوا من آدميتهم وإنسانيتهم، وخالفوا تعاليم دينهم وهدي نبيهم، وهم يزرعون بعنجهيتم وغرورهم وتسلطهم وتجبرهم الرعب والفزع في قلوب الآمنين المطمئنين من أشقائهم وجيرانهم، أطفالهم ونسائهم وشيوخهم عند كل تكبيرة للصلاة تنطلق من المآذن في بيوت الله، بدم بارد في الأشهر الحرم بأسلحة وذخائر محرمة دولية، بعضها مازال قيد التجربة، ويستخدم للمرة الأولى في العالم، وضربات صاروخية تحرق الأخضر واليابس، تغوص في أعماق الأرض، وتهز أرجاء الجبال الشوامخ، وتجلب الخراب والدمار، وتحيل أحياء بأكملها بكل ما فيها إلى مجرد أطلال تنعق في أرجائها البوم والغربان. عفواً أنصار الله.. نقطة نظام، فبرغم كل ذلك تمضي الحياة بهدوء وصمت وسكينة واستسلام مذهل، وأنى للحياة أن تمضي برغم كل ذلك إلا في (اليمن) الاستثناء؟!، وسيظل ذلك أحد الأسرار والعجائب التي اختص الله بها اليمانيين دون غيرهم ممن استخلفهم لتعمير كوكب الأرض، فهم وحدهم من يصارعون الموت والفناء ليس فقط وهم يبتسمون بل وهم يضحكون، رغم فداحة الخطب وهول المصاب، مطمئنون راضون قانعون بقضاء الله وقدره. عفواً أنصار الله.. نقطة نظام، فصحيح أن الله قد رحم من عرف قدر نفسه، وأن السلطة عليكم مستجدة، وأنكم وجدتم أنفسكم فجأة تمسكون بمقاليد الأمور في كل أرض (اليمن)، بعد ثورة انتزعتم فيها عدد من الطواغيت من صياصيهم وهم الذين عاثوا في الأرض فسادا، ظانين أنهم مخلدون في عروشهم أبدا محال تطهير (اليمن) من رجسهم أبدا، وصحيح أيضا أنكم بذلك اكتسبتم تعاطفا شعبيا جارفا، وأضفتم إلى ذلك ملامستكم الفورية لما كاد أن يتجرعه مواطنيكم البسطاء من السواد الأعظم من الشعب من معاناة وأوجاع عند إقرار الرئيس (الفار المخلوع) اعتماد حكومته لجرعة مجنونة ضاعفت أسعار المشتقات النفطية، وأرغمتموه هو وحكومته للانصياع والخضوع والإذعان للإرادة الشعبية التي تبنيتموها وتلقفتموها في ذلك الشأن، كل ذلك كان محموداً لكم ومعززاً لتواجدكم في المشهد السياسي، وقبل ذلك في قلوب البسطاء بقوة مذهلة وفي زمن قياسي ربما لم تكونوا تحلمون به، وتوجتم ذلك بإقرار كل المكونات السياسية الوطنية لاتفاق السلم والشراكة وأكسبتم ذلك الاتفاق مباركة وتأييدا ومشروعية أممية. عفواً أنصار الله.. نقطة نظام، فقد صاحب صعودكم ثم تربعكم على كراسي السلطة جملة من الأخطاء كان بعضها للأسف الشديد كارثياً ومستهجناً ووصمة عارٍ في حقكم، فقد أفقدتكم بعض تلك الأخطاء تأييدا ليس فقط الكثير من عناصركم ومناصريكم والمتعاطفين معكم بل وبعض قياداتكم، كملاحقتكم لمعارضيكم وزجهم في غياهب السجون، واقتحامكم لمساكنهم وتفجير بعضها هي ومقراتهم الحزبية دون الاستناد إلى أحكام قضائية أو مسوغات قانونية، واحتجازكم ثم تقييدكم لحرية رئيس الجمهورية ورئيس حكومته وأعضاء تلك الحكومة ووضعهم تحت الإقامة الجبرية عقب استقالتهم من مناصبهم مختارين أو مجبرين، لكن كل ذلك ربما كان متوقعا، أو يمكن تفهمه وتفسيره بشكل أو بآخر ولو على مضض، بحكم أنكم بشر تخطئون وتصيبون، وما ادعيتم قط أنكم غير ذلك، ولا شك بأن لكل ثورة أخطاؤها، ولسنا هنا بصدد تقييم ذلك، كما أنه لا يمكنكم إنكار أنكم لم تكونوا مؤهلين بعد بما يكفي لتولي مقاليد الحكم في بلد عظيم ليس كأي بلد بحجم (اليمن). عفواً أنصار الله.. نقطة نظام، فقد اكتفيتم ببث وقائع الاحتفال بإذاعة إعلانكم الدستوري من قلب القصر الجمهوري في العاصمة صنعاء، ولم تتلُ ذلك الإعلان خطوات عملية تبلور ما ورد فيه، وتحول نصوصه إلى واقع ملموس، فلا أنتم قمتم بملء الفراغ الدستوري في رئاسة الدولة بتشكيل مجلس رئاسي يخضع لسلطة (لجنتكم الثورية) بحيث يختار من بين أعضائه رئيساً، ولا أنتم توليتم تسمية رئيس جديد للوزراء ليقوم بتشكيل حكومة تحل محل الحكومة المستقيلة، كما أنكم فشلتم فشلاً ذريعاً في تشكيل مجلس وطني يكون بديلاً لمجلس النواب باستقطاب الأعضاء الحاليين، وإضافة ممثلين لكم فيه، مما أفضى إلى وضع هلامي ضبابي ملتبس، فلا أنتم الذين حكمتم، ولا أنتم الذين تركتم، وبحجة تمردكم وبتوصيفكم كانقلابيين، مكنتم أعداء (اليمن) والمتربصين به من احتضان المجموعة الفاقدة للمشروعية الدستورية والقانونية التي فرت إليها وباتت متهمة بما هو عندي أعظم من الخيانة العظمى، ليستندوا إليها في تدمير (اليمن) كل (اليمن). عفواً أنصار الله.. نقطة نظام، أما كان الأحرى بكم ومازال الأمر كذلك حاليا، أن تتخذوا إضافة لما تقدم خطوات عملية للرد على أولئك العملاء الخونة ممن ارتضوا لأنفسهم أن يكونوا نعالا في أقدام (جُهَّال) آل سعود، كمنح مهلة زمنية لمن تبقى داخل الوطن من قيادات كافة الأحزاب التي يتواجد رؤساءها وبعض قياداتها في عاصمة دولة العدوان المعلنين تواطئهم ودعمهم وتأييدهم ومباركتهم للعدوان على وطنهم، لانتخاب قيادات جديدة لها، وخلع تلك القيادات الخائنة العميلة وإعلان براءتها منها، والإقرار بأن تلك القيادات العميلة لم يعد لها أي صفة تنظيمية فيها، ما لم فيتم الإعلان عن حل وحظر نشاط الأحزاب التي تمتنع عن تنفيذ ذلك خلال المهلة الزمنية المنوحة لها. عفواً أنصار الله.. نقطة نظام، فبدلا من ملئكم للفراغ الدستوري الذي أوجدتموه، ولو وفق ما ورد بنصوص إعلانكم الدستوري في كل من رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء وتشكيل حكومة وطنية جديدة، وإنهاء أي مشروعية يتشدق بها أولئك العملاء الملفوظين الذين مازال أسيادهم يعرضونهم كممثلين رسميين شرعيين للجمهورية اليمنية، أقول بدلا من ذلك ذهبتم إليهم في (جنيف) أيا كانت مقاصدكم سواء للتفاوض معهم وأنتم تدركون يقينا أنهم لا يملكون من أمرهم شيئا، وأنهم ليسوا سوى أبواق تنطق وفق إرادة مستضيفيهم أولياء نعمتهم أو لإظهار حسن نواياكم لمجتمع دولي حقير ومتواطئ مع سادتهم المتمسكين بشرعيتهم المزعومة، مجتمع دولي متورط ومساهم أصيل في كل ما حاق بالوطن مما يندى له جبين البشرية، وها قد انتهت الجولة الأولى من مفاوضات جنيف وعاد ممثلوكم بخفي حنين، لأن أرباب ذلك المجتمع الدولي من الصهاينة أرادوا من خلال ذلك المؤتمر أن يحققوا ل(جُهَّال) آل سعود ما عجزوا عن تحقيقه بعدوانهم الغاشم الذي مازال مستمرا حتى ونحن في كنف شهر رمضان المعظم. أفلا تستحقون بعد كل ذلك نقطة نظام.. عفواً أنصار الله، فإما أن تتحملوا بشجاعة واقتدار وأمانة ثمار ونتائج وعواقب (ثورتكم) مهما كان الثمن، أو أن تمتلكوا شجاعة الاعتراف والإقرار لمواطنيكم بفشلكم الذريع وعجزكم التام عن إدارة شئون الدولة كما ينبغي، وتقديم الاعتذار لهم، وطلب الصفح والمسامحة منهم عن كل ما حل بالوطن بسببكم، فإن لم تفعلوا فإنكم ستتحملون المسئولية التاريخية والجنائية لما تعرضت له وما تزال تتعرض له (اليمن) من حقد ووحشية وإجرام، جنبا إلى جنب وعلى قدم المساواة مع المعتدين من (جُهَّال) آل سعود الذين يدعون أنهم إخوة لنا أشقاء في الدين والعروبة، لأن عدوانهم استند على زعم أنكم تمردتم وانقلبتم على (الشرعية) الدستورية، وبحجة حتمية إنهاء تمردكم وانقلابكم وإعادة تلك الشرعية إلى موضعها، ولو بتصفية أهل اليمن أجمعين.