قبل السفر إلى جدة، عقدت اجتماعات ليومين مع أنصار الله والمؤتمر الشعبي العام في مسقط، حاولت خلالها إقناعهم بإجراء تحسينات على النقاط العشر التي قدموها لي، في وقت سابق. كان هذا ضرورياً للاستجابة لقلق الرياض من أن الالتزامات بتنفيذ القرار 2216 لا تزال غير مناسبة، بالإضافة إلى عدم تضمينها الاعتراف بشرعية الحكومة. وقد وافق أنصار الله والمؤتمر الشعبي العام على صياغة جديدة حول قرار مجلس الأمن 2216 تؤكد صراحة على التزامهم بتنفيذ كامل للقرار 2216 (يرجى الاطلاع على الوثيقة المرفقة)، وذلك باستثناء المادة التي تنتهك السيادة اليمنية، وتلك المتعلقة بالعقوبات. ذلك بالإضافة إلى أن الصياغة الجديدة تشمل القبول بعودة الحكومة الحالية لمدة ستين يوماً والتي سيتم خلالها تشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة. كما قبلوا استبعاد الإشارات ذات الصلة ب"مكافحة الإرهاب" والحدود السعودية والتي اعترضت عليها الحكومة اليمنية، بالإضافة إلى الدعم الإلزامي من قبل المجتمع الدولي لإعادة الإعمار المذكور في النسخة السابقة من مبادرة النقاط العشر. والنقطة الأخيرة كانت محل اعتراض السعودية ومجلس التعاون الخليجي، والذين لم يرغبوا بأن يتم تفسيرها كشكل من أشكال التعويض الإلزامي. وكان أنصار الله والمؤتمر الشعبي العام كلاهما إيجابيين وقد أبدوا مرونة كبيرة. وكانت الاجتماعات التي عقدتُها قد أعقبت يومين من اللقاءات بين ضباط مخابرات من أنصار الله وضباط مخابرات من المملكة العربية السعودية، والتي حضرها أيضاً الأميركيون والبريطانيون والعمانيون. وتركزت النقاشات حول تدابير بناء الثقة المتاحة مثل التراجع من المناطق الحدودية مقابل إيقاف الغارات الجوية وتفاهمات لأن يوقفوا العمليات داخل المملكة العربية السعودية. وكانت هذه المرة الأولى التي بدا فيها أنصار الله منفتحين على نقاشات حول تفاهمات محددة وذات جغرافية محدودة. وبالرغم من تكرار تأكيداتهم على أن عودة الرئيس هادي سيكون أمراً غير مقبول، إلا أنهم عبروا عن انفتاحهم نحو عودة الحكومة ولمدة محدودة. وقد أبقاني السفير الأميركي مات تيولر مطلعاً، بشكل مستمر، على هذه النقاشات، الأمر الذي كان معيناً لي بشكل كبير . والورقة التي تتضمن بناء الثقة المعروضة من الحوثيين للمملكة العربية السعودية مرفقة للاطلاع. وبالرغم من استياء المسؤولين الأميركيين من إرسال السعوديين لممثلين من مستويات غير رفيعة إلى حد ما، إلا أنهم لا يزالون مقتنعين بأن اللقاءات كانت إيجابية وودية بشكل كبير، وأنها طريقة جيدة للمملكة في تقييم نوايا أنصار الله. وقد اتفق أنصار الله والمملكة على ضرورة عقد لقاءات قادمة بتمثيل أعلى، على الرغم من أنهم لم يحددوا مواعيد لتلك اللقاءات. للأسف الشديد، لم تلقِ الاجتماعات سوى ضوء قليل بالنسبة لاستراتيجية المملكة العربية السعودية في الصراع أو حول استعدادهم لدعم تسوية تتحقق من خلال المحادثات في المستقبل القريب. وبالطبع، كان للتطورات العسكرية في اليمن أثر قوي على لقاءات مسقط. إذ لم يتمكن التحالف من تحقيق تقدم سريع منذ نجاحهم في عدن وأبين وشبوة في أغسطس. بينما يظل النزاع قائماً في تعز.. وهناك تقارير أكدت بأن أنصار الله قد استعادوا بعض المناطق التي خسروها، في الأسبوع الماضي. كما تبيِّن الصعوبات التي تواجه التحالف في التحرك شمالاً أن الهجوم على صنعاء سيكون صعباً وسيستغرق زمناً أطول مما كانوا يتوقعونه، في وقت سابق. الاضطرابات والعنف التي أصبحت عدن موبوءة بها عقب السيطرة عليها يرجَّح أنها أيضاً مصدر قلق.. مقاتلو الحراك المؤيد أغلبهم للاستقلال لا يرغبون في التعاون الكامل مع الحكومة اليمنية في محاولاتها التمدد شمالاً. وهذا يبقي التحالف معتمداً على قوات برية من جماعات الإصلاح والسلفيين والقاعدة، وهو أمر تتردد الإمارات العربية المتحدة في دعمه. ختاماً: عقب النقاشات التي أجريتها في مسقط، أعتقد بأن لدينا فرصة قوية لتحقيق اتفاق سلام وتجنُّب مواجهات عنيفة في صنعاء، وذلك للأسباب الثلاثة التالية: 1) الوثيقة المعدلة (مرفقة) أقوى بكثير، وتحتوي على تنازلات جادة من الحوثيين والمؤتمر الشعبي العام. وسيكون من الصعب في هذه المرحلة دفعهم للمزيد من التنازلات. 2) التقدم البطيء، مؤخراً، للقوات الموالية للحكومة اليمنية حول تعز ومأرب قد توفر كذلك فرصة أخرى. 3) انعدام الأمن وغياب مظاهر القانون في عدن، وتزايد ظهور القاعدة في منطقة عدن عقب تحرير المدينة بواسطة قوات التحالف وقوات الحكومة اليمنية، أنتجا قلقاً كبيراً للإمارات ولبعض الدوائر في السعودية. وفي ضوء ما سبق، توصلت لنتيجة مفادها أننا يجب أن نمضي قُدماً نحو جولة جديدة من المباحثات المباشرة بعد مضي شهرين ونصف على محادثات الجولة الأولى في جنيف. كما أن جولاتي الأخيرة بلغت حداً لتصبح جدلية إلى حد ما بأن يحصل المبعوث الخاص على ورقة من طرف ثم يسعى للحصول على تعليق أو قبول من الطرف الآخر.. لا أعتقد بأننا نستطيع الاستمرار هكذا، وأوصي بالانتقال إلى مرحلة أكثر استراتيجية.. أوصي بأن نعقد هذه الجولة الثانية من المحادثات في سلطنة عمان كخيار أول، وهو خيار يبدو مقبولاً لدى العمانيين وجميع الأطراف، خاصة السعودية. والخيار الثاني الذي أقترحه سيكون الكويت، غير أن الحوثيين لا يزالوا مترددين حول القبول بهذا كمكان محتمل لعقد المحادثات. ومن الأمثل أن نخطط لعقد هذا الاجتماع قبل العيد. نقاشاتي في جدةوالرياض ستكون لصالح الانتقال لمرحلة محادثات سلام بوضوح، وبما يوقف الاستمرار بهذه الجولات وحمل الأوراق والعروض. لديَّ مؤشرات أولية أن أبو علي ومات تولر يدعمان هذا التوجه الجديد. وفي هذا الخصوص، كان من الأهمية بمكان توقيت زيارتي إلى جدة قبل انعقاد الاجتماع بين الملك سلمان والرئيس أوباما. إريك بولوفسكي- ممثل مجلس الأمن الوطني في البيت الأبيض- والذي كان في مسقط مؤخراً مطلع بشكل تام على هذا. أدرك بأن تنفيذ هذا المقترح الجديد يعتمد كثيراً على انفتاح الحكومة اليمنية نحوه وعلى دعم حقيقي من السعودية (وليس فقط على ما أسمعه من أبو علي). غير أن هذا المقترح هو الطريق الوحيد لإبقاء جهود الأممالمتحدة في لب عملية الوساطة ولتجنب الإجهاد لدى أصحاب المصلحة المعنيين، وخصوصاً المؤتمر الشعبي العام والحوثيين. ولهذا أكون بحاجة مرة أخرى لدعم الأمين العام والدول دائمة العضوية في مجلس الأمن. خالص تحياتي إسماعيل مبادئ مسقط لحل الأزمة السياسية في اليمن التزام كافة الأطراف بتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، بما فيها القرار 2216، وفقاً لآلية تنفيذية يتم الاتفاق عليها، وبدون انتهاك السيادة الوطنية، ومع تحفظات حول العقوبات على مواطنين يمنيين. وقف دائم وشامل لإطلاق النار من جميع الأطراف مع انسحاب كل الجماعات المسلحة والمليشيات من المدن، وفقاً لآلية تنفيذية متفق عليه لتجنب أي فراغ أمني وإداري بالتزامن مع رفع الحصار البري والبحري والجوي. الاتفاق على آلية للرقابة المحايدة للتأكد من تنفيذ الآليات المذكورة أعلاه، والتي سيتم الاتفاق عليها برعاية الأممالمتحدة. احترام القانون الإنساني الدولي، بما في ذلك المواد ذات الصلة بحماية المدنيين، وإطلاق الأسرى والمعتقلين من كل الأطراف، بمن فيهم أولئك المذكورون في قرار مجلس الأمن الدولي، وتسهيل عمليات الإغاثة الإنسانية والسماح بدخول البضائع التجارية والأغذية والتموينات الطبية والمشتقات النفطية والمواد الأساسية الأخرى، دون أية قيود. تعود حكومة خالد بحاح التي تشكلت بالتوافق، وتمارس مهامها كحكومة تصريف أعمال لمدة لا تتجاوز ستين يوماً، حيث يتم خلالها تشكيل حكومة وحدة وطنية، وبطريقة لا تنتهك الدستور. استئناف المحادثات تحت رعاية الأممالمتحدة وتسريعها، وفقاً لقرار مجلس الأمن. جميع الأطراف ملزمة بتسليم الأسلحة الثقيلة إلى الدولة، وفقاً لمخرجات الحوار الوطني الشامل.