على عكس قناة (سكاي نيوز) الإماراتية التي أظهرت عدم الرضى عنه، كانت الجزيرة والفضائيات السعودية تحشد جوقة محللي الأجر اليومي لديها للثناء على قرار إبعاد بحاح من منصبه وتعيين علي محسن نائباً لهادي، وأحمد عبيد بن دغر رئيساً لحكومته، والتباري على شاشاتها في التهويل من شأن علاقات محسن العسكرية والقبلية في حسم معركة صنعاء، وكأننا لا نعرف أنه ليس لدى الرجل مما يتحدثون عنه حتى ما يكفي لتأمين طريق للهروب من صنعاء مجدداً، وليس لدخولها. هذا الانقسام بين الإعلام الإماراتي والإعلام السعودي حول قرارات إبعاد بحاح يضع على الطاولة بعضاً مما تحتها من صراع نشاهد تجلياته الدموية شبه اليومية في المحافظات الجنوبية وتعز الذي تقف فيه الإمارات في مواجهة السعودية، وتقوم قطر بتأجيجه وتوظيفه لصالح حلفائها من الأصوليين والجماعات الإرهابية. تعرف المملكة، وربما لا تعرف، أن تعيين بن دغر الحضرمي مكان بحاح ليس كافياً لإرضاء الحراك الجنوبي الموالي للإمارات والتسويق لتعيين محسن الذي يبدو أن المملكة قد اختارته بديلاً لهادي، وليس نائباً له فقط، ولكنها تراهن في سحقه على حلفائها الإسلاميين والتنظيمات الأصولية الذين تحاول من خلال هذه القرارات تجهيزهم كطرف وحيد يمثلونها وحدها مقابل الطرف الوطني في مفاوضات الكويت وينوبون عنها مستقبلاً في حرب أهلية يمنية في الشمال والجنوب تتولى المملكة تمويلها وإدارتها من وراء الستار لصالحها وحدها، بعد أن تخرج من ورطة الاشتراك في هذه الحرب، وورطة الشراكة التي أصبحت المملكة ترى أنها ستؤول إلى أن يكون نصيبها منها مقاتلي الشمال ونصيب الإمارات سواحل الجنوب. ترحيب وسائل إعلام الإسلاميين والأصوليين واستدعاء قياداتهم الميدانية إلى الرياض يقوي كثيراً احتمال أن يكون هذا دافع التغييرات الأخيرة، لكن ذلك لا يمنع أن يكون الدافع وراء تعيين محسن هو فقط مقايضة تتخلى عنها المملكة مقابل تحييد الرئيس صالح عن المشهد، وفي كل الأحوال لن تكون هناك معركة لمحسن في صنعاء، ولن يحقق مرتزقة الرياض وإرهابيوها في حرب أهلية ما عجزوا عن تحقيقه بغطاء طائرات التحالف وإسناد بوارجه، ولن يقايض اليمنيون بشيء مقابل خائن أو مرتزق، وإنما سيتفكك تحالف العدوان وسيصمد اليمنيون، وستواصل قطر طعن المملكة من الخلف، وستتزايد الضغوط عليها من كل مكان حتى تستسلم للحق أو تنهار.