الشعب اليمني أصبح يشعر بالملل والسأم وهو يرى بعض الأطراف السياسية تختلق أزمة بعد أخرى، وبدل أن تتجه تلك القوى إلى خدمة الشعب أصبحت عبئا ثقيلاً على كاهل الشعب. من خلال متابعتي للمشهد اليمني، ومعرفتي لسلوك أطراف الأزمة خلال السنوات الماضية وحتى الآن، أشك بأنهم سوف يتخلصون من التبعية المقيتة لبعض القوى الإقليمية التي لا تريد الخير لليمن، وتسعى لتصفية حساباتها على الأرض اليمنية، وأرى أنهم لن يهدؤوا، ولن يسيروا في الطريق الصحيح حتى يستسلم أحد الأطراف، وهذا الأمر في بلد مثل اليمن يعتبر من المستحيل، نظراً للتركيبة الاجتماعية والقبلية المعقدة، والتي لا يقبل أفرادها الخضوع والاستسلام أبداً، فهل يقبل أطراف الصراع الاستمرار في العملية السياسية من أجل مصلحة الشعب اليمني، وبما يتوافق مع مصالحهم، ويتناغم مع مصالح القوى الإقليمية. بعيداً عن ذكر الساسة الذين أرهقوا الشعب اليمني: علينا النظر بمسؤولية دينية وإنسانية إلى معاناة الشعب اليمني الصابر الذي عانى الكثير من صراع مراكز النفوذ والسيطرة في اليمن طوال السنين الماضية. ومع الأسف لم تكتفِ تلك القوى بما أخذته من أموال، وخيرات الشعب اليمني، هاهي الآن تحشد للقتال الذي لا يبقي ولا يذر غير مكترثة بما سيلحق بالمواطن الذي عانى الكثير من الحروب العبثية التي لا تنتهي. استمرار الحرب في اليمن لن يزيد الأمور إلى تعقيداً، وتعميق الجراح بين الأطراف المتصارعة التي على ما يبدو ليس لديها رغبة حقيقية في الحلول السياسية الهادفة إلى مشاركة الجميع في صنع القرار السياسي في اليمن. أصحاب هادي يقومون بمحاولات مستميتة من أجل الوصول إلى صنعاء عبر التحركات الكبيرة من مختلف الجهات، ولكن على ما يبدو بأن صالح والحوثيين أيضاً أخذوا احتياطاتهم جيداً، وخاصة في المناطق المجاورة لمحافظة صنعاء، التي تعتبر أكثر الجبهات اشتعالاً هذه الأيام المتزامنة مع بدء مشاورات الكويت، لعله يحرز أي تقدم باتجاه صنعاء، حيث تستخدم قوات هادي هذه المرة مدفعية حديثة وطويلة المدى، ربما إذا تقدمت هذه القوات وتجاوزت خطوط الطوق مثل نهم وصرواح وغيرها من المناطق المحيطة بصنعاء، حينها يمكن لهذه المدفعية إيصال قذائفها إلى صنعاء. ويرى المراقبون للأحداث في اليمن بأن مدينة صنعاء تمثل رمزية كبيرة لدى اليمنيين وتحتضن أغلب النازحين من مختلف المناطق والمدن الشمالية، وكذلك الجنوبية، لذلك فإن أمريكا لن تسمح بدخول صنعاء عن طريق الحرب لأسباب إنسانية ولرمزيتها التاريخية لدى الجميع. فيما يرى المحللون السياسيون بأن ضرب صنعاء بالمدفعية طويلة المدى لن يحقق مكاسب سياسية تختلف كثيراً عن الذي يمكن أن يحصلوا عليه في مشاورات الكويت لأسباب يعرفها الجميع؛ منها أسباب تاريخية معقدة، أهمها أن صنعاء عاصمة الدولة اليمنية منذ القدم، والقبائل المحيطة بها مشهورة عبر التاريخ بقوة بأسها وشراستها في القتال، وارتباط أهلها بمدينتهم ودفاعهم عنها لن يتوقف بدخول قوات هادي صنعاء أو ضربها بالمدفعية والصواريخ. لتلك الأسباب الإنسانية والتاريخية يمكن القول بأن دخول صنعاء مغامرة كبيرة محفوفة بالمخاطر، ويمكن أن تسبب بكارثة إنسانية ومجتمعية لن تهدأ بعدها اليمن أبداً، وسوف يستمر القتال والخراب والثارات لأجيال. وحتى لا يصل اليمنيون إلى تلك الصور الموحشة المتوقعة في المنظور القريب إذا استمر الحرب؛ يأمل اليمنيون من جميع أطراف الصراع مراقبة الله في الشعب اليمني الصابر الذي عانى الكثير بسبب صراع مراكز القوى على الحكم والسلطة والمال، بينما يعاني أغلب اليمنيين من البطالة وارتفاع نسبة الفقر في المجتمع إلى مستويات مخيفة، بالإضافة إلى انعدام الدواء والغذاء والمشتقات النفطية المحركة لكل عصب الحياة في اليمن.