«كاك بنك» يدشن خدمة التحصيل والسداد الإلكتروني للإيرادات الضريبية عبر تطبيق "كاك بنكي"    عدن: تحت وقع الظلام والظلم    ريال مدريد يتغلب على سيلتا فيغو في الدوري الاسباني    زرعتها المليشيا.. "مسام" ينزع أكثر من 1839 لغماً وعبوة ناسفة خلال أسبوع    بن بريك اعتمد رواتب لكل النازحين اليمنيين في عدن    حزب الله يبارك استهداف مطار (بن غوريون)    المجلس الانتقالي يحتفي بالذكرى الثامنة لإعلان عدن التاريخي    أعضاء من مجلس الشورى يتفقدون أنشطة الدورات الصيفية في مديرية معين    هيئة رئاسة مجلس الشورى تشيد بوقفات قبائل اليمن واستعدادها مواجهة العدوان الأمريكي    وفاة طفلتين غرقا بعد أن جرفتهما سيول الأمطار في صنعاء    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الأحد 4 مايو/آيار2025    شركات طيران أوروبية تعلق رحلاتها إلى إسرائيل بعد استهداف مطار بن غوريون بصاروخ يمني    الدكتور أحمد المغربي .. من غزة إلى بلجيكا.. طبيب تشكّل وعيه في الانتفاضة، يروي قصة الحرب والمنفى    الوزير البكري يهنئ سالم بن بريك بمناسبة تعيينه رئيسًا للحكومة    أبو عبيدة:التصعيد اليمني على الكيان يتجاوز المنظومات الأكثر تطوراً بالعالم    وجّه ضربة إنتقامية: بن مبارك وضع الرئاسي أمام "أزمة دستورية"    محطات الوقود بإب تغلق أبوابها أمام المواطنين تمهيدا لافتعال أزمة جديدة    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    92 ألف طالب وطالبة يتقدمون لاختبارات الثانوية العامة في المحافظات المحررة    بن بريك والملفات العاجلة    هدف قاتل من لايبزيغ يؤجل احتفالات البايرن بلقب "البوندسليغا"    يفتقد لكل المرافق الخدمية ..السعودية تتعمد اذلال اليمنيين في الوديعة    ترحيل 1343 مهاجرا أفريقيا من صعدة    الجوع يفتك بغزة وجيش الاحتلال يستدعي الاحتياط    الأهلي السعودي يتوج بطلاً لكأس النخبة الآسيوية الأولى    لاعب في الدوري الإنجليزي يوقف المباراة بسبب إصابة الحكم    السعودية تستضيف كأس آسيا تحت 17 عاماً للنسخ الثلاث المقبلة 2026، 2027 و2028.    التركيبة الخاطئة للرئاسي    وادي حضرموت على نار هادئة.. قريبا انفجاره    أين أنت يا أردوغان..؟؟    مع المعبقي وبن بريك.. عظم الله اجرك يا وطن    العدوان الأمريكي يشن 18 غارة على محافظات مأرب وصعدة والحديدة    المعهد الثقافي الفرنسي في القاهرة حاضنة للإبداع    المعهد الثقافي الفرنسي في القاهرة حاضنة للإبداع    اعتبرني مرتزق    رسائل حملتها استقالة ابن مبارك من رئاسة الحكومة    نقابة الصحفيين اليمنيين تطلق تقرير حول وضع الحريات الصحفية وتكشف حجم انتهاكات السلطات خلال 10 سنوات    - حكومة صنعاء تحذير من شراء الأراضي بمناطق معينة وإجراءات صارمة بحق المخالفين! اقرا ماهي المناطق ؟    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    "ألغام غرفة الأخبار".. كتاب إعلامي "مثير" للصحفي آلجي حسين    اليمن حاضرة في معرض مسقط للكتاب والبروفيسور الترب يؤكد: هيبة السلاح الأمريكي أصبحت من الماضي    الحقيقة لا غير    مصر.. اكتشافات أثرية في سيناء تظهر أسرار حصون الشرق العسكرية    القاعدة الأساسية للأكل الصحي    أسوأ الأطعمة لوجبة الفطور    سيراليون تسجل أكثر من ألف حالة إصابة بجدري القردة    - رئيسةأطباء بلاحدود الفرنسية تصل صنعاء وتلتقي بوزيري الخارجية والصحة واتفاق على ازالة العوائق لها!،    الفرعون الصهيوأمريكي والفيتو على القرآن    صنعاء تصدر قرار بحظر تصدير وإعادة تصدير النفط الخام الأمريكي    مانشستر سيتي يقترب من حسم التأهل لدوري أبطال أوروبا    إصلاح الحديدة ينعى قائد المقاومة التهامية الشيخ الحجري ويشيد بأدواره الوطنية    غارات اسرائيلية تستهدف بنى تحتية عسكرية في 4 محافظات سورية    الكوليرا تدق ناقوس الخطر في عدن ومحافظات مجاورة    من يصلح فساد الملح!    الإصلاحيين أستغلوه: بائع الأسكريم آذى سكان قرية اللصب وتم منعه ولم يمتثل (خريطة)    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كارنيجي: الحركة الجنوبية أكبر تهديد للاستقرار في اليمن وليس حرب صعدة
نشر في المصدر يوم 14 - 05 - 2010

"موقف الحكومة المتصلب في صعدة أدى إلى مفاقمة التظلمات المحلية وعجل في اندلاع الأزمة الاقتصادية في اليمن"..

بتلك العبارة صدّرت مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي الجزء الثالث المعنون ب"الحرب في صعدة.. من تمرد محلي إلى تحد وطني"، والذي يأتي في سياق دراسة موسعة تحت عنوان "اليمن: على شَفا الهاوية". وهي دراسة جديدة مكونة من أربعة أجزاء من سلسلة أوراق كارنيجي، والتي عرفتها المؤسسة بأنها "تلقي نظرةً معمّقةً إلى التحدّيات الصعبة التي تواجهها البلاد التي أصبحت الآن ملاذاً شبه مثالي لتنظيم القاعدة".

وبحسب ما جاء في تعريف المؤسسة لورقتها الشاملة حول اليمن، فإن الورقة تستعرض "السبلَ التي على المجتمع الدولي اتّباعها في استجابته للحرب الأهلية المندلعة في الشمال، والحركة الانفصالية في الجنوب، وتراجع الموارد السريع، وتفشّي الفقر، والحكومة الضعيفة والفاسدة".

وأكدت أن هذه السلسلة تأتي بعد الورقة الرائدة اليمن: تجنّب الانهيار المطّرد التي نُشِرَت في سبتمبر 2009، والتي فصّلت مروحة الأزمات التي تواجهها الدولة المضطّربة.

ونشرت المؤسسة الجزئين الأولين على مدى الأشهر الثلاثة الماضية، فيما تبقى الجزء الرابع والأخير تحت عنوان: "التظلمات الذرائعية: القاعدة في شبه الجزيرة العربية"، للباحث إليستر هاريس والذي سينشر قريباً.

الجزء الثالث الذي نشرته المؤسسة قبل أيام قليلة- وهو ما نحن بصدد التطرق إلى أهم ما جاء فيه - نفذه الباحث الأمريكي كريستوفر بوتشيك، وهو باحث مشارك في برنامج كارنيجي للشرق الأوسط. وتركّز أبحاثه على تحديات الأمن الإقليمي، فيما يعتبر من الباحثين الأمريكيين المهتمين بشأن اليمن، وله عدة تحليلات حول الأوضاع في اليمن لاسيما خلال السنتين الأخيرتين.

الملخص:
وفي ملخص هذا الجزء [الثالث]، قال الباحث إن قادة اليمن في حين أنهم اعتبروا أن "حربهم المتقطّعة ضدّ المتمرّدين الحوثيين صراعاً يمكنهم تحقيق الانتصار فيه" الأمر الذي جعلهم يركزون على ردع " الانفصاليين الجنوبيين الذين يمثّلون تهديداً مباشراً لقبضتهم على السلطة ووحدة أراضي البلاد"، إلا أنه وبدلاً من ذلك، يرى الكاتب أن هذه الحرب في الشمال كشفت "نقاط ضعف أكبر في النظام، وأضعفت الحكومة المركزية، وشجّعت ظهور تهديدات أخرى للاستقرار اليمني والعالمي مثل تهديد تنظيم القاعدة".

وللتوضيح أكثر لفت الباحث إلى أن الصراع الذي اندلع في صعدة في ست جولات مختلفة "كان باهظ الثمن، حيث أثّر بشكل غير متكافئ على المدنيين. فمنذ بدء القتال في العام 2004، تشرّد أكثر من 250 ألف شخص، فيما يبقى عدد الإصابات مجهولاً"، لافتاً إلى أنه "ليس ثمة بيانات يعتد بها عن الإصابات، لكن تقديرات عدد القتلى تتراوح من مئات إلى آلاف عدة".

وقد اعتبر الباحث أن اليمن غرقت منذ العام 2004 في مستنقع صرع أهلي لا يمكن الانتصار فيه عسكرياً ضد الحوثيين. وإذ يعتقد الباحث – في سياق ما ذهب إليه آنفاً - أن حرب الحكومة مع الحوثيين لم تفضِ إلى نتيجة ملموسة، كونها فشلت "في تحسين الأمن والاستقرار".."بل كشفت عن قدر كبير من نقاط الضعف في النظام، وأضعفت الحكومة المركزية، وشجعت أطرافاً أخرى مثل تنظيم القاعدة"، فقد ربط – من جهة أخرى - بين تلك الحرب والتعجيل من تفاقم الأزمة الاقتصادية، حيث قال بهذا الخصوص: "ويواجه اليمن أزمة مالية خطيرة للغاية، حيث عجّلت محاربة الحوثيين من تفاقم وتائر تلك الأزمة".

وبناء على ذلك، لم يذهب الباحث فقط للتأكيد إلى أن الحرب في صعدة – على مدى سنوات القتال الست - تطوّرت "من تمرّد محلي إلى تحدٍّ وطني"، بل أنه ذهب للترجيح "أن يفشل وقف إطلاق النار الذي بدأ في فبراير 2010"، معتقداً أن سببين اثنين يقفان وراء ذلك: الأول "لأن الحكومة المركزية لم تُبدِ اهتماماً يذكَر بمعالجة التظلمات الأساسية للحوثيين". والثاني "نتيجة للتعنت المتزايد داخل حركة التمرّد".

وعليه يرى أنه "ومن دون جهد دولي جدّي في الوساطة، فإن المزيد من القتال أمر لا مفرّ منه، وهو ما يشكّل تهديداً خطيراً للاستقرار في اليمن".

إلى ذلك، يرى الباحث أيضاً أن الأوضاع "تطورت من سيء إلى أسوأ في نوفمبر2009، عندما انخرط جيش المملكة العربية السعودية في الصراع، ما أدّى إلى تدويل ما كان مجرّد نزاع داخلي".

وبالجملة، يتطرق الباحث إلى ما تعانيه البلاد من أوضاع سيئة في مختلف المجالات الاقتصادية والإدراية وتهديد في الموارد.. يقول: "ويواجه اليمن تحديات شاقةً ومترابطةً: اقتصاد فاشل، ومعدلات بطالة ضخمة، ونمو سكاني منفلت من عقاله، واستنزاف للموارد، ومنسوب مياه جوفية ينخفض بسرعة، وتضاؤل قدرات الدولة، والعجز عن تقديم الخدمات الاجتماعية في معظم أنحاء البلاد، وفساد متشابك وقضايا حوكمة".

ومما سبق يخلص إلى تأكيد وتعزيز النقطة الجوهرية التي تصدرت رأس الدراسة من "الصراع الحوثي يفاقم هذه التحديات، مثلما تفاقمها حركة انفصالية متنامية في جنوب اليمن السابق، وتنظيم القاعدة الذي استعاد نشاطه". لكنه يرى أن الحكومة اليمنية تجعل للحرب في صعدة "الأسبقية على التحديات الأمنية المتزامنة، مثل مواجهة القاعدة في شبه جزيرة العرب، وإيجاد حلّ للتطلعات الانفصالية في الجنوب".

وفي سيق متصل بقضية حرب صعدة، يعتقد بوتشيك أن "دعم الحكومة الضمني للنشطاء السلفيين المتشدّدين في صعدة.." قد أدى " إلى إضعاف النفوذ الزيدي هناك. ويحتجّ المتمرّدون الحوثيون على هذا الإضعاف، كما على الإهمال التنموي التاريخي للمحافظة".

وفيما تطرق إلى الاتهامات التي توجهها الحكومة اليمنية للحوثيين، من أنهم يسعون "إلى إقامة ثيوقراطية (حكومة دينية( شيعية في صعدة، وإلى إحياء الإمامة الزيدية التي حكمت لأكثر من ألف عام إلى أن أُطيح بها في الثورة الجمهورية في العام1962 "، إلا أنه يعتقد أن للصراع أسباباً أخرى، حين يستدرك قائلاً: "لكن في الواقع، نشأ الصراع بسبب مجموعة معقّدة من الهويات الطائفية المتنافسة ونقص التنمية الإقليمي، والشكاوى الاجتماعية والاقتصادية المتصوّرة، والتظلمات التاريخية".

وما يُفاقِم من الصراع – بنظر الباحث- هو تلك التوترات القائمة "بين السكان الأصليين الشيعة الزيديين، والأصوليين السلفيين السنّة الذين جرى نقلهم إلى المنطقة..". ويضيف إلى ذلك سبباً آخر يقول إنه يعقد الأمور، وهو ما أسماه ب"التناحر القبلي"، على خلفية ما قام به النظام من تجنيد للمقاتلين من القبائل لمكافحة التمرد، حسب قوله.

وعلاوة على ما سبق، تقول الدراسة، أن الحكومة اليمنية سعت إلى ربط التمرّد ب «الحرب الأوسع على الإرهاب»، وإلى "حشد الدعم الدولي من خلال الزعم بأن قائمة أنصار الحوثيين تشمل ليبيا العلمانية، وتنظيم القاعدة الراديكالي السنّي المتطرّف، وحزب الله اللبناني، وإيران الشيعية. بيد أن الدولة لم تقدّم حتى الآن أدلةً على أن المتمرّدين الحوثيين يتلقّون مساعدات عسكرية خارجيةً، ولم تثبت تأكيداتها الأخيرة بأن إيران تتدخّل في الصراع".

وبخصوص دخول المملكة السعودية في الحرب (في نوفمبر 2009) يعتقد الباحث أن هذا الانخراط السعودي، في القتال علناً، أدى إلى مفاقمة خطورة الحرب، بعد أن "شنّت عمليةً عسكريةً كبيرةً ردّاً على عمليات التوغّل الحوثي على حدودها الجنوبية". وهي – كما يؤكد – تعد "العملية العسكرية السعودية الأولى من جانب واحد منذ عقود".

وبهذا الخصوص، يشير إلى أن بعض المحللين أعربوا عن القلق من جهة "أن تَورُّط السعودية في الصراع الحوثي قد يدفع إيران إلى أن تحذو حذوها، ما يضفي بُعداً دولياً خطيراً على الحرب".

وفي السياق، يعتقد أن خطوات السعودية زادت الوضع تعقيداً، "كما ستعقّد بشكل كبير جهود الوساطة الدولية مستقبلاً". حسبما جاء في الدراسة.

ومع كل ذلك، يعود الكاتب للتأكيد بالقول: "لكن حرب صعدة لا تعتبر على المدى الطويل أكبر تهديد أمني فوري للبلاد". أما لماذا؟ فيرى أن هذا التوصيف إنما هو "من نصيب التحدي المتنامي للحركة الانفصالية الجنوبية التي تهدّد السلامة الإقليمية اليمنية والحكومة اليمنية الحالية".

ومع أن الحكومة اليمنية ظلت تهتم بالقضية الجنوبية بشكل كبير، مما يعكس اعتقادها بأهميته كتحد مباشر، إلا أن الباحث حاول أن يفسر أهتمام الحكومة بالوحدة الوطنية، والتي قال إنها كانت هي "الشغل الشاغل للنظام منذ توحيد اليمن في العام 1990 والحرب الأهلية في العام 1994 لمنع الانفصال". إنما يأتي بسبب أن "الكثير من موارد النفط والغاز في اليمن، فضلاً عن الميناء الطبيعي العميق في عدن، يقعان في الجنوب". لذلك – يواصل - "يُنظَر إلى احتمال انفصال نصف البلاد، باعتباره تهديداً مباشراً لاقتصادها".

وفي السياق ذاته، يقول "وترى الحكومة أن موارد الطاقة والموانئ تشكّل مصادر الدخل المحتملة في المستقبل - على الرغم من أن موارد النفط والغاز تنضب بسرعة - ومن شأن الانفصال أن يهدّد الاقتصاد الوطني، لكن الأنكى من ذلك بالنسبة إلى القادة في صنعاء، أنه يمثِّل تحدياً مباشراً للنظام الحاكم".. ولذلك – يعتقد – أن الحكومة تبنّت "سياسة عدم التسامح إزاء الانفصال".

ومن ذلك، يصل إلى الاستنتاج الذي سبق الإشارة إليه من أن الحركة الجنوبية "تمثل أكبر تهديد لاستقرار اليمن على المدى البعيد". ومع ذلك يستغرب قائلاً: "لكن النظام مهتم أكثر بصعدة لسببين رئيسين" حسب ما يقول. وهما: الأول: أن قادة اليمن يرون أن بالإمكان تحقيق النصر في الحرب في صعدة. والثاني: أن الحكومة تستغلّ عملياتها العسكرية في الشمال لتبعث برسالة تحذير حازمة إلى الجنوبيين المحرّضين على الانفصال".

إلا أنه يؤكد "والحال أن: لا المتمرّدين ولا الحكومة يمكنهم توقّع حلّ عسكري للصراع بعد ما يقرب من ست سنوات من القتال. فقد انبثق واقع راهن طاحن يتميّز بأعمال عدائية منخفضة الوتيرة لكنها متطوّرة وتتصاعد بشكل دوري إلى جولات أكبر من القتال المتواصل وطويل الأمد"، معتبراً أن"هذه الجولات القتالية – التي بلغ عددها ستة – كانت وحشيةً وعشوائيةً على نحو استثنائي، عانى فيها السكان المدنيون المحليون كثيراً".

وفي تحليله لطبيعة تلك المواجهات، والتكتيكات، والقدرات القتالية والميدانية لكل طرف، قال إن "الجيش اليمني غير مدرَّب ومجهَّز لخوض عمليات قتالية كلاسيكية لمكافحة التمرّد، وقد اعتمد بشكل متزايد على النيران غير المباشرة، والمدفعية، وسلاح الطيران". وعلى ضوء ذلك، لفت إلى أن الجيش اليمني كان "اتُّهِم الحوثيون باتباع أساليب عشوائيةً ووحشيةً زادت من عدد الضحايا في صفوف المدنيين، ودمّرت البنية التحتية، وأسفرت عن نزوح أكثر من 250 ألف شخص داخليا"ً. وأضاف "ومما يضاعف البؤس في صعدة ما ذُكِر من عمليات الحصار الغذائي، كما كانت ثمة مزاعم بأن الحكومة قطعت مراراً وتكراراً الخطوط الهاتفية ووسائل الاتصال الأخرى هناك".

كما وتطرقت الدراسة إلى الإشاعات التي "تنتشر في كثير من الأحيان في اليمن.عن صفقات أسلحة غامضة ومعاملات مالية أخرى غير واضحة، مثلما تنتشر ادّعاءات بأن شخصيات في النظام استغلت النزاع وما يتّصل به من مبيعات السلاح لتحقيق الثراء الشخصي". ومع أنه أشار إلى صعوبة " التحقق من صحة مثل هذه الروايات"، إلا أنه – مع ذلك - أعتبرها "تسهم في البلبلة المحيطة بالحرب في صعدة".

وللتوضيح، في هذا الجانب، قال "على سبيل المثال، ثمة حديث عن أن القتال في صعدة يزداد تعقيداً بسبب الصراعات لتحديد خليفة للرئيس علي عبدالله صالح..". وأشار إلى أن "ثمة تقارير تفيد بوقوع اشتباكات بين اللواء علي محسن، قائد المنطقة العسكرية الشمالية، وأحمد علي عبد الله صالح، نجل الرئيس وقائد الحرس الجمهوري".

ومع أن الباحث ظل حريصاً على تكرار قوله من أن "تأكيد هذه الإشاعات يبقى في غاية الصعوبة"، إلا أنه ومجدداً فضل الاستدراك لتعزيز مثل تلك الشائعات، وقال" بيد أن تدقيقاً في الشخصيات الرئيسة في النظام التي تواصل الحرب في صعدة يساعد على تفسير السبب في تكرّر مثل هذه الروايات كثيراً".

محتويات الدراسة:
ما سبق كان عبارة عن اقتباسات مأخوذة من الملخص العام للدراسة. فيما أن تفاصيل الورقة (المكونة من 27 صفحة PDF) احتوت فصولها – إلى جانب الملخص – فصلاً خاصاً ب"فهم صعدة والزيدية"، ثم "شح المعلومات الموثقة"، لينتقل إلى الحديث حول جولات الصراع الست، حيث أفرد لكل جولة مساحة خاصة، بعدها انتقل الباحث لعنوان آخر تحدث فيه - دون إسهاب - عما ما أسماها "عملية الأرض لمحروقة"، ليتطرق بعد ذلك إلى "وقف إطلاق لنار الحالي"، ثم "صراع بالوكالة"، ف"التورط السعودي"، لينتهي بعنوان "تهديد خطير للاستقرار"، قبل أن يختتم بالملاحظات النهائية.

وهنا سنشير إلى بعض الأجزاء المهمة التي تضمنتها بعض تفاصيل الدراسة. وفي المحور الخاص بالحديث عن عملية الأرض المحروقة، أشار الباحث إلى أن جولات القتال السابقة، تضمّنت عمليات إطلاق نار عشوائية، لكن الجولة السادسة تميّزت على نحو متزايد بعمليات القصف الحكومية بالمدفعية والطيران. والتي قال إن مثل هذه التكتيكات استهدفت "على نحو غير متناظر الأشخاص غير المشاركين في القتال، وتزيد من الأضرار الجانبية في صفوف المدنيين، كما تزيد عداء السكان المحليين للحكومة المركزية".

وقال "وفقاً لما تقوله مصادر يمنية محلية، فإن قرار الحكومة بشن الحرب من جديد في صعدة يرجع إلى إدراك النظام أن في وسعه، في نهاية المطاف، إلحاق الهزيمة بالمتمرّدين الحوثيين". وأنه "من المُرجّح أيضاً أن الحكومة المركزية كانت مدفوعةً بالرغبة في إعادة فتح الطرق من صنعاء إلى صعدة التي أغلقها الحوثيون". ومن المحتمل أيضاً "أن تكون الحكومة اليمنية سعت إلى استخدام الحرب في صعدة كنموذج لردع الانفصاليين في الجنوب". حسب الباحث.

وفي سياق الجولة الأخيرة ذاتها ومشاركة السعودية فيها، استبعد الباحث عدم التنسيق مع السعودية، والجهات الإقليمية الفاعلة، وقال "من غير المُرجّح تماماً أن تكون صنعاء بدأت العمليات العسكرية من دون التشاور مع الرياض والجهات الإقليمية الفاعلة الأخرى، إذ يُزعَم أن السعودية ساعدت في تمويل القتال الذي دار مؤخراً". وأضاف - في السياق ذاته – "ومن المُرجّح كذلك أن السعوديين قدموا بعض الغطاء الدولي السياسي للحكومة اليمنية"، مشيراً أنه و"على مدى أشهر عدة بعد بدء عملية الأرض المحروقة في أغسطس 2009، كان هناك القليل من الانتقادات الدولية للحرب على نحو يبعث على الاستغراب. وعلى العكس من ذلك، أعرب مجلس التعاون الخليجي عن دعمه لليمن (وفيما بعد المملكة السعودية) حيث سعت الحكومة لاحتواء الحوثيين".

وبخصوص التورط السعودي أيضاً، قال"من الواضح أن الردّ العسكري السعودي كان مُبرمَجماً، لا مجرّد ردّ فعل، إذ تشير السرعة التي تم بها إلى أن القوات السعودية كانت مستعدةً للردّ، ولم تكن تحتاج سوى إلى ذريعة - مثل الهجوم الذي وقع على أحد المراكز الحدودية السعودية - لبدء العمل".

وفي ختام تقريره، يعتقد الباحث أن الحرب في صعدة لم تحظَ باهتمام دولي كبير "على الرغم من الخسائر الإنسانية الكبيرة"، مشيراً في هذا الصدد إلى أن "المخاوف الأميركية والغربية في ما يتعلّق باليمن تركّز فقط على تنظيم القاعدة والإرهاب الدولي".

واعتبر أن "الحوثيون لايهدّدون المصالح الغربية، لذلك لم يهتم المجتمع الدولي كثيراً بالوضع المتدهور في صعدة" لكنه أضاف "ومع ذلك، كانت الحرب في صعدة، بالنسبة إلى الحكومة اليمنية، مُهلِكةً تماماً".

وخلصت الدراسة إلى "إن النظام والجمهورية يواجهان تهديداً وجودياً من التمرّد الحوثي والحركة الانفصالية في الجنوب"، حيث استنتج الباحث إلى أن "كلا الصراعين يظهران اهتراء الدولة اليمنية. وأدّى موقف الحكومة المتشدّد في صعدة إلى مفاقمة التظلمات المحلية والتعجيل بالأزمة الاقتصادية في اليمن".

في نهاية الأمر، يعتقد الباحث أنه "لا الحكومة اليمنية ولا الحوثيون يمكنهم نزع فتيل الصراع في هذه المرحلة، وليس ثمة إرادة سياسية لإنهاء الحرب التي سيتطلّب إنهاؤها تدخلاً خارجياً، لكن ليست هناك جهات خارجية ميّالة إلى العمل في هذا الاتجاه".

وعليه فقد توقع الباحث أنه "ونظراً إلى مستوى التوتّر، فمن المحتمل أن يندلع المزيد من القتال".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.