تبدو مملكة بني سعود -منذ نشأتها الأولى- وكأن إنشاءها ووجودها لم يكن إلّا من أجل إيذاء اليمن وإضعافه، كما تبدو الغاية من إيجادها لجيش نظامي وتسليحه، وكأنها قد حصرت دورها في المنطقة على محاربة اليمن أولاً.. وهذا ما تشهد به الوقائع منذ امتلاك الدولة السعودية الأولى لفصيل عسكري نظامي في نهاية القرن الثامن عشر، الذي وجهته بقيادة حزام العجماني، نحو احتلال صبياء اليمنية.. وحتى عدوانها الحالي بعد تكوين تحالفها المشبوه المسمى بتحالف عاصفة الحزم. هكذا هو حال بني سعود مع اليمن، من عدوان حزام العجماني، إلى عدوان الحزم الصهيوني، وإذا ما كنا قد أشرنا إلى دوافع الحقد والانتقام والتوسع الكامنة خالف توجيه قوة حزام العجماني جنوباً نحو صبياء، فإن ذلك الحقد وشهوته التوسعية في أراضي الغير قد استمر عدوانه حتى بداية القرن التاسع عشر الميلادي، بل حتى سقوط الدولة السعودية الأولى عام 1818م. إذا ما سجلنا ذلك كأول اعتداء سعودي على اليمن، فقد تلته سلسلة من الاعتداءات، خاصة في بداية القرن التاسع عشر. ففي العام 1805م، شنت الدولة السعودية الأولى حرباً عدوانية مكنتها من الوصول إلى نجران، إلا أنها لم تستقر هناك لضراوة المقاومة اليمنية، فاتجهت نحو الساحل التهامي اليمني وفتح أكثر من جبهة اعتداء تمكنت خلالها من الوصول إلى مديرية اللحية ومدينة الحديدة بمساعدة (بن مسمار) كما أنها في العامين 1809 و1810م حاولت الوصول إلى حضرموت والسيطرة عليها، وكانت محاولاتها تمنى بالفشل.. وتستمر الاعتداءات السعودية على اليمن حتى العام 1818م، ووصول الحملة المصرية التي أرسلها المرحوم محمد علي باشا -رحمه الله- بقيادة ابنه إبراهيم باشا لمحاربة الوهابية. وقد تمكنت هذه الحملة من القضاء على الدولة السعودية الأولى، لتعدنا الأقدار بالقضاء على الدولة السعودية الثانية بقيادة آل رشيد في العام 1891م، وفي هذا ما يدلل على عمق العلاقة اليمنية المصرية، التي لم تتجسّد وتزدهر خلال فترة الزعيم العربي جمال عبدالناصر قبل الثورة اليمنية (سبتمبر وأكتوبر) وبعدها وحسب، بل كان لها حضورها قبل ثورة 23 يوليو المصرية، ومن الشواهد على ذلك أن الملك فؤاد رفض اعتراف مصر بمملكة عبدالعزيز عبدالرحمن بن سعود التوسعية في الحجاز والمنطقة الشرقية وشمال اليمن. وفي هذا ما يفسر لنا قيام السلطات المصرية الحالية بوضع غطاء من القماش على تمثال إبراهيم باشا عقب الزيارة الأخيرة للملك السعودي سلمان عبدالعزيز كي لا يتعكر مزاجه برؤية ما يشير إلى من قضى على الدولة السعودية مرتين، خاصة وهو يزور مصر مبتهجاً باستلام جزر مضيق تيران. يتبع..