تقول هيلين تومس "إنني أرى بوادر حرب عالمية ثالثة طبخت في مطبخ تل أبيب ووكالة الاستخبارات الأمريكية، والشواهد عديدة أول خطوة ظهور تنظيمات إرهابية، بدعم أمريكي.. لا تصدقوا أن واشنطن تحارب الإرهابيين، لأنهم دمية في أيدي السي آي إيه"، وأضافت: "إنني أرى أن بريطانيا سوف تستحضر روح البريطاني (مارك سايكس)، وفرنسا سوف تستحضر روح الفرنسي (فرانسوا بيكو)، وواشنطن تمهد بأفكارهما الأرض لتقسيم الدول العربية بين الثلاثة، وتأتي روسيا لتحصل على ما تبقى من الثلاثة، صدقوني إنهم يكذبون عليكم ويقولون إنهم يحاربون الاٍرهاب نيابة عن العالم وهم صُنَّاع هذا الإرهاب والإعلام يسوِّق أكاذيبهم، لأن من يمتلكه هم يهود إسرائيل". تظهر الولاياتالمتحدة أمام العالم بأنها تتخوف كثيراً من الحركات الإرهابية مثل القاعدة وداعش وغيرها من التنظيمات التي تُعلن العداء الظاهر لأمريكا، وفي الواقع ما هي إلّا صناعة أمريكية كما هو معروف في مشاريعهم واستراتيجياتهم التي يطبقونها، والتي تمهد لاستعمار من نوع جديد، وعندما يتحدث مسئول أمريكي عن الوضع في اليمن تجده لا يهتم كثيراً للحرب الأهلية أو العدوان السعودي الذي يمثلُ ذروة الوحشية، ولا تؤثر فيهم مشاهد القتل لآلاف الأبرياء؛ لأن هذا الأمر لا يعنيهم، لديهم استثمار آخر لمثل هذه الجرائم ولكن في "الوقت الذي يحددونه"، المهم لديهم الآن من سيحكم اليمن يجب عليه أن يحافظ على المصالح الأمريكية، ولديه قدرة على مواجهة الأعمال الإرهابية التي يمكن أن تحدث من قبل التنظيمات المعادية للسياسة الأمريكية في اليمن. مشكلة اليمن في نظر الأمريكان ليست سياسية فقط، ولكنها مشكلة اجتماعية، واقتصادية وعقائدية تم تغذيتها بوحشية مفرطة، وكأن هذا الأمر ليس من صنعهم، وإنما قام بِه غيرهم أو وكيل عنهم، وهم الذين وضعوا في استراتيجيتهم لتقسيم المنطقة العربية استثمار التناقضات العرقية، والعصبيات القبلية والطائفية (أما اليمنيون فقد كانوا يتعايشون من ألف وأربعمائة سنة دون أن تحدث المشاكل والخلافات المذهبية التي نراها الآن)، ومع الأسف يسعى الجميع إلى تضييق الخناق عليهم ومحاولة إذلالهم بشتى الطرق وبتعاون بعض الدول العربية المتعطشة للمال السعودي. كما تتخوف أمريكا من قيام تنظيم القاعدة من إقامة دولة في جنوباليمن بعد أن أصبح التنظيم "متعدد الولاءات" ويصعب السيطرة عليه في بعض الأحيان، وهذه أكثر المشاكل التي تخشاها أمريكا، خاصة إذا تدهورت الأوضاع الأمنية في المناطق الجنوبية وخرجت الأمور عن السيطرة، وانهارت الدولة هناك حينها يصعب على الجميع التحكم بالتنظيمات الإرهابية، وكذلك القبائل الطامعة في الحكم في المناطق الجنوبية وكذلك الشمالية الرافضة لأي سلطة تحكمها، هذا ما يقلق الأمريكان في الوقت الحالي، ويظهرون للرأي العام بعض المخاوف من استمرار الحرب في الحدود اليمنية السعودية والتي يمكن أن تصل إلى العمق السعودي -اليمني تاريخياً في الأصل- وهم أكثر العارفين في تلك الحقوق وقد وضعوا لها مخطط مرتبط بتقسيم المنطقة العربية ومنها السعودية. في المقابل ينظر القادة الأمريكان إلى تواصل الأعمال العسكرية في الداخل السعودي بحذر شديد وأنها يمكن أن تشمل مناطق أكثر من المسموح بِه، والذي يتجاوز المخطط الأمريكي الموضوع للمنطقة ومنها السعودية التي يتحرك نحوها "المشروع بخطوات سريعة". فهل يدرك صناع القرار في السعودية حجم الأخطار التي تحاك تجاه بلدهم، ويتخلون عن كبريائهم وغرورهم ويعترفوا بأن اليمن يصعب السيطرة عليها وإذلال شعبها الحر الكريم، وأن الشعب اليمني ليس عدواً لهم، بل إخوة وجيران تربطهم صلات الدم والنسب والتاريخ المشترك، وفي المحن اليمن هي العمق الاستراتيجي والعسكري والبشري للسعودية والخليج، ومهما حدث من خلاف فإن المنطق والعقل يحتم على الجميع الجلوس إلى طاولة واحدة وحل خلافاتهم ومداواة الجراح بعيداً عن هيمنة الكبار الذين يديرون اللعبة في المنطقة من أجل مصالحهم فقط وأولهم أمريكا، وروسياوبريطانيا، جميعهم متفقين مهما ظهر منهم بعض الخلاف في المواقف المعلنة في المحافل الدولية إلى أنهم يخدعون الجميع.