المقيل اليمني .. طقس اجتماعي بين الحميمية والتحديات    الأرصاد يخفض التحذير إلى تنبيه ويتوقع أمطاراً على مناطق محدودة من المرتفعات والسهول    وقفة في كليات جامعة البيضاء تنديدا بالعدوان الصهيوني على غزة    ارتفاع حصيلة عدوان الاحتلال على غزة إلى 65.502 شهيد و167.367 مصابا    إصلاح تعز ينظم ندوة حول دور النقابات في الثورات والدفاع عن الحقوق ومواجهة الفكر الحوثي    تراجع الأسهم الأوروبية بضغط من خسائر قطاعي الصحة والصناعات    صرف إعاشة أبناء وأرامل الشهداء والمفقودين لشهر سبتمبر    الوزير العكبري ووكلاء العاصمة عدن لشؤون المديريات والتنمية يناقشون الأوضاع التعليمية    إسبانيا تعلن إرسال سفينة حربية لحماية أسطول الصمود العالمي المتجه إلى غزة    في كلمة بالأمم المتحدة.. نصر العيسائي: تقرير المصير أساس لأي تسوية سياسية في اليمن    إتلاف 62 طن من المواد الغذائية منتهية الصلاحية في العاصمة    الداؤودي: استمرار حملة التفتيش لضبط المواد الغذائية الفاسدة بالمنصورة    ذكرى ثورة 26 سبتمبر قِبلة اليمنيين للانتصار للجمهورية    عملية أم الرشراش.. تقدم تقني يمني يدخل العدو في تخبّط استراتيجي    محافظ حضرموت يتفقد أعمال تطوير منشأة غاز بروم    الرئيس الزُبيدي يبحث التعاون الأمني مع أوغندا والصومال    الرئيس الزُبيدي: الواقع على الأرض يعكس وجود دولتين    افتتاح مدرسة النقوب في نصاب بتمويل من الإمارات    تنفيذي الحصين بالضالع يناقش تقارير المكاتب الإدارية للفصل الثالث    سياسي يمني: حمود المخلافي رسخ ثقافة الضباع داخل أسرته    الصين تتهم أمريكا بتوجيه ضربة خطيرة للنظام التجاري المتعدد الأطراف    الشاي وصحتك.. 3 أكواب كافية لصنع الفرق    راتب محافظ المركزي المعبقي أعلى من راتب رئيس أمريكا    شرطة تعز تعلن ضبط أحد المطلوبين أمنيا وتواصل ملاحقة آخرين    بن بريك وسلطان المهرة يؤكدان وحدة الصف الجنوبي ومواجهة التحديات    هاتريك ألفاريز يمنح أتلتيكو انتصارا دراماتيكيا    25 لاعبة يدشن أول منتخب سعودي للفتيات تحت 15 عاما    كوش أول ألماني ينضم إلى الألعاب المحسنة    صنعاء... الحصن المنيع    اليوم بميدان التحرير بصنعاء ايقاد شعلة العيد ال63 لثورة 26 سبتمبر الخالدة    "جيل الشاشات".. كيف خطفت الهواتف تركيز الطلاب؟ وهل يمكن استعادته؟    قرعة صعبة لآرسنال وليفربول في ثمن نهائي الرابطة    بذكرى ثورة سبتمبر.. مليشيا الحوثي توسع حملة الاختطافات في إب    نادي 22 مايو يكرم الشاب محمد وهيب نعمان    الصحفيين والإعلاميين الجنوبيين ترد على تقرير هيومن رايتس ووتش    اشتراكي تعز يدعو لمواصلة الاحتجاجات حتى تسليم كافة المتهمين باغتيال المشهري    عمران.. اعتقال شيخ قبلي وشاب في خمر    أسرة عارف قطران تكشف عن وضعه الصحي الحرج وتناشد بالكشف عن مصيره    في الوقت القاتل.. منتخب الناشئين يخسر أمام الإمارات في كأس الخليج    وثائقي "الملف الأسود" .. يكشف عن نهب ممنهج لنفط اليمن    اجتماع للجنة الفنية المشتركة للبرنامج الوطني للطاقة المتجددة بصنعاء    العاقل يبحث خطط تطوير المكاتب الإعلامية في العاصمة و3 محافظات    محافظ حضرموت يتفقد سير العمل بمؤسسة الاتصالات في الساحل    عمار المعلم .. صوت الوطن وروح الثقافة    الليغا: ريال مدريد يواصل انطلاقته الصاروخية بفوز سادس على التوالي    رئيس هيئة الإعلام والثقافة يبحث مع مركز اللغة المهرية آفاق التعاون المشترك    المساوى يدّشن مشروع التمكين الاقتصادي لأسر الشهداء    القسام تدعو لركعتين (ليلة الجمعة) بنية الفرج لمرابطي غزة    البقوليات وسيلة فعّالة لتحسين صحة الرجال والتحكم في أوزانهم    نائب وزير المياه يبحث ترتيبات إحياء يوم اللغة المهرية    إلى أرواح أبنائي الشهيدين    منارة عدن المنسية.. إعادة ترميم الفندق واجب وطني    الراحلون دون وداع۔۔۔    السعودية تسرق لحن زامل يمني شهير "ما نبالي" في عيدها الوطني    على خلفية إضراب عمّال النظافة وهطول الأمطار.. شوارع تعز تتحول إلى مستنقعات ومخاوف من تفشّي الأوبئة    على خلفية إضراب عمّال النظافة وهطول الأمطار.. شوارع تعز تتحول إلى مستنقعات ومخاوف من تفشّي الأوبئة    في محراب النفس المترعة..    العليمي وشرعية الأعمى في بيت من لحم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا ستفعل السعودية بالآلة الحربية الضخمة ؟ ولماذا تستهدف السعودية تعطيل الملاحة في مضيق باب المندب؟
نشر في اليمن اليوم يوم 19 - 03 - 2017

مع التوسُّع في امتلاك آلة حربية ضخمة، ما هي الخيارات أمام المملكة العربية السعودية في التنمية الاقتصادية؟ وما سيكون موقف الحليف القديم الولايات المتحدة الأمريكية، هل تقع بين مطرقة الروس وسندان غزو السعودية لدول الجوار، ولماذا تستهدف السعودية تعطيل الملاحة في مضيق باب المندب؟ نشر موقع «نيوزويك» تقريراً كتبه «ريان ريدج»، المحامي الأمريكي، يتناول بالتحليل أسباب وعواقب استفحال الآلة العسكرية السعودية. يذكر «رايان» أنَّه في عام 2010 انتقل للملكة العربية السعودية كي يعمل لدى شركة محاماة دولية في خضم طفرة شراء المملكة العربية السعودية الأسلحة. وبخلاف العمل الذي كان يقوم به في قطاع الدفاع، يذكر أن جميع المجمعات السكنية في الرياض كان فيها عددٌ من مقاولي الأسلحة، على رأسهم عدد كبير من متعهدي الأمن الأوروبيين ومدربين سابقين في الجيش الأمريكي. وكانت شركة «بي آي إي سيستمز»، مصنع الأسلحة البريطاني، لديها الكثير من الناس الذين يتاجرون بالأسلحة، لدرجة أنها خصصت لهم مجمعاً سكنياً خاصاً متكامل التجهيزات، حتى حمامات السباحة والحانات. وفي حين أن الكمية والغرض من الأسلحة التي كان يشتريها السعوديون في جميع أنحاء العالم ما تزال أمراً غامضاً، لم يكن لغزاً أو يخفى على الولايات المتحدة الأمريكية. و بعد أن أتى بفترة وجيزة إلى الرياض، وافق الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما على بيع أسلحة برقم قياسي بلغ 60 مليار دولار أمريكي، وهي بشكل أساسي الأسلحة التي تستخدمها المملكة العربية السعودية اليوم في قصف اليمن، وكان ذلك على الرغم من عدم موافقة أي من الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الولايات المتحدة الأمريكية. ويضيف أنه بالنسبة للعديد من مؤيديه، كان قرار أوباما ببيع الولايات المتحدة الأمريكية الأسلحة إلى «دولة دينية صريحة»، بحسب الكاتب، ما تزال تُعدِم النساء بتهم السحر والشعوذة غريباً. ففي نهاية المطاف كان أوباما الرجل الذي رفعت حملته الانتخابية شعار «الأمل» وركزت الأنشطة الخيرية لزوجته بشكل كبير على دعم النساء الشابات في جميع أنحاء العالم. وعلى الرغم من أن قرار أوباما ببيع الأسلحة للسعوديين لم يكن مخالفاً لأعراف السياسة الأمريكية، خاصة عندما يكون الاقتصاد الأمريكي في حاجة ماسة إلى الدخل. ولعل الأمر الوحيد المميز في بيع أوباما الأسلحة للسعوديين كان مدى براعته أكثر من أي رئيس أمريكي سابق. لماذا تبيع أمريكا السلاح بضخامة للسعوديين؟ ولفهم لماذا تبيع الولايات المتحدة الأمريكية الكثير من الأسلحة للسعوديين، قد يكون مفيداً التعرف على السياق التاريخي. فمنذ الحرب الباردة عملت المملكة العربية السعودية حليفاً حيوياً في تقييد القوة الروسية من خلال إنتاج البترول. تعتمد الصادرات لكل من السعودية وروسيا بشكل كامل على البترول. إلا أن على العكس من حقول النفط الروسية التي تنتج النفط مقابل 20 دولاراً للبرميل الواحد، تبلغ تكلفة برميل النفط السعودي أقل من 10 دولارات للبرميل الواحد، أو ببساطة إذا تمكنت السعودية من ضخ البترول بسرعة كافية، ستفلس روسيا. لذا فإن علاقة قوية مع المملكة العربية السعودية توفر قيداً قويا على القوة الروسية. ومن خلال بيع الأسلحة للمملكة العربية السعودية عبر صفقات لسنوات متعددة، والتي قد تستمر برامج التدريب عليها وصيانتها أكثر من نصف عقد كامل، كان يرسخ أوباما لتحالفٍ طويل الأمد معتمداً على سياسة الاحتواء الروسي المتبعة منذ بدء الحرب الباردة. وعلى الرغم من توسع المملكة العربية السعودية الهائل في قواتها الحربية التي جرت على قدم وساق طوال ست سنوات وتضمنت زيادة القدرات البحرية الحربية، وتحركات القوات في عدن باليمن، التخطيط إلى تدريب أطقم للغواصات في ماليزيا، يشير كل ذلك إلى احتمالية أن بعض المتشددين في المملكة قد يختارون التدخل العسكري، لا سيما في مضيق باب المندب باعتباره وسيلة للتحوط ضد عدم الاستقرار الداخلي الناجم عن انهيار الاقتصاد السعودي. إذا فشلت إصلاحات الاقتصاد السعودي والتي تشمل إطلاق سوق الأوراق المالية لشركة النفط أرامكو، وإصلاحات خطة 2030 وخفض إنتاج الأوبك، فإنه من المرجح أن يدفع حينها بعض المتشددين داخل المملكة باتجاه خطوات ربما تشعل حرباً إقليمية جديدة. كيف يزيد النظام السياسي السعودي من احتمالية قيام حرب في الشرق الأوسط؟ لرفع مستوى معيشة مواطنيها، تواجه الدول اختيار ما بين النمو داخلياً من خلال إنتاج بضائع وخدمات جديدة، أو أن تنمو خارجياً من خلال غزو بلاد أو مناطق أخرى. روجت القطاعات المحافظة داخل المؤسسة الدينية والسياسية السعودية للمذهبين التكفيري والحكم الديني اللذين هما بطبيعتهما توسعيان. وتمجيدهما للتحول للعنف وتصوير جميع غير المسلمين على أنهم بطبيعتهم أدنى شأناً من المسلمين. وفي حين ليس جميع أعضاء الحكومة السعودية يدعمون هذا الشكل من الإسلام، بل العديد منهم يحاربونه بقوة، فإنه ليس من المبالغة القول بأن أولئك الذين يأملون في شكل أكثر عصرية وتسامحاً من الإسلام يواجهون مهمة مضنية في المملكة. العديد من المنظمات التعليمية السعودية ما تزال تستخدم الكتب التي تعلم الطلاب المسلمين ألا يتخذوا من المسيحيين أو اليهود أخداناً، أو أنها تروج لنظريات المؤامرة التي تتهم المنظمات الخيرية الغربية بالتآمر لتقويض وإضعاف المسلمين، منظمات مثل الروتاري والليونز كلب وغيرها. وفي نفس الأثناء، تستمر المؤسسة الدينية السعودية بأمر المسلمين ب «كراهية» المسيحيين واليهود و «المشركين» وغيرهم من «غير المؤمنين». ولعل المعضلة الأكبر من تمجيد المؤسسة الدينية السعودية للعنف هو الطبيعة الدينية الثيوقراطية للحكومة السعودية، والتي تجعل النمو الاقتصادي يكاد يكون مستحيلاً بدون التوسع الخارجي العنيف، يقول الكاتب. ويضيف: «المملكة العربية السعودية دولة دينية ثيوقراطية، حيث يجمع بين الدين والدولة، والسلطة متمركزة، لا يسمح بأي دين آخر، كما لا يسمح بأي أحزاب سياسية أخرى. والخيارات الفردية فيما يتعلق بما يمكن للفرد قوله أو مشاهدته أو مخاطبته – على سبيل المثال لا يمكن للنساء مخاطبة الرجال بدون وجود محرم أو وصي – محدودة للغاية. وفي نفس الوقت يتم تثبيط أي شكل للتفكير النقدي يتعلَّق بالدين». ولأن الحكم الديني الثيوقراطي يحد من الخيارات الفردية، فهو يعمد بطبيعته إلى أن يكون عدائيا تجاه الإبداع والعلم، وكلاهما مكونات حيوية للنمو الاقتصادي. فالمنتجات الجديدة والخدمات الجديدة تخلق فقط عندما يكون لديك قوة عاملة لديها الحرية في استكشاف أفكار في مجتمع يشجع الإبداع والعلم. المملكة العربية السعودية مثلها مثل أغلب العالم العربي غير قادرة على الإبقاء على العلماء أو تعليم العاملين. لذلك، على الرغم من إنفاق مليارات الدولارات على التعليم أكثر من أية دولة أخرى في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فإن ما يعوق بشدة إمكانات البلد من النمو الداخلي على المدى البعيد هو تجفيف العقول المستمر، فضلاً عن الفشل المزمن في العلوم والرياضيات. علاوة على ذلك، وكما يكتب حوله بإسهاب في أماكن أخرى، القيود الدينية داخل المملكة العربية السعودية تجعل التنوع ونمو الاقتصاد غير النفطي شبه مستحيل في المملكة. فمن الصعب للغاية أن ينمو الاقتصاد إذا كانت المرأة غير مسموح لها بقيادة سيارة إلى العمل، أو التحدث إلى الرجال، وأن تقبع نصف القوة العاملة في المنازل؛ بسبب قواعد الفصل بين الجنسين. نتج عن ذلك وعوامل أخرى تهدر الوقت أنه على الرغم من العديد من الجهود الإصلاحية على مدى السنوات، لا يزال 90% من اقتصاد التصدير السعودي قائماً على النفط. وهكذا، كما نوقش في مقال نشر على فورين بوليسي بعنوان «لماذا يرجح أن السعوديون يستعدون لحرب حقيقية»، بسبب استهلاك المملكة العربية السعودية المتزايد من الطاقة، فضلاً عن انخفاض مطرد في الأهمية النسبية للنفط في الاقتصاد العالمي، فإنه من غير المحتمل أن ينقلب منحنى الاقتصاد إلى نمو متصاعد في المدى القريب. ونتيجة لذلك، ربما يكون بعض المتشددين داخل المؤسسة السياسية في المملكة العربية السعودية قرروا تنمية اقتصادهم خارجياً وليس داخلياً، من خلال الغزو والتوسع العنيف. ووفقا لذلك، وقد خصصت المملكة العربية السعودية 13% من الناتج المحلي الإجمالي لتمويل جيشها لمدة ست سنوات، وأصبحت أكبر مشتر للسلاح في العالم. الدول التي تواجه أكبر المخاطر بسبب التوسع العسكري السعودي على الرغم من التعزيزات العسكرية في المملكة العربية السعودية على مدى السنوات الست الماضية، قد يبدو للوهلة الأولى أنه من المستبعد أن يهدد السعوديون أيا من جيرانهم بالهجوم المباشر؛ إذ تحتفظ الولايات المتحدة بوجود بحري كبير في منطقة مضيق باب المندب، تكملها القواعد العسكرية للولايات المتحدة (واليابان) في البحرين. ظاهرياً، إذا غزت المملكة العربية السعودية أحد الجيران، ستحرص القوات الأمريكية على تحجيمها في ذلك. ومع ذلك، إذا كان الوضع الاقتصادي في المملكة يزداد سوءاً بما فيه الكفاية، فالمتشددون داخل المؤسسة السعودية ربما يكونون قادرين على إقناع نظرائهم الأكثر اعتدالاً للهجوم على أحد جيران المملكة لدرء السخط المحلي، لا سيما إذا استطاعوا إقناع الحكومة أنه من غير المرجح أن تثأر الولايات المتحدة من المملكة. فكما تم طرحه في المقال بعنوان «لماذا يرجح أن السعوديين يستعدون لحرب حقيقية»، من المرجح أن يستمر التدهور الاقتصادي في المملكة، خاصة إذا فشل إطلاق سوق الأوراق المالية لشركة أرامكو، ورؤية المملكة 2030، وخفض خط إنتاج الأوبك في الارتقاء لمستوى التوقعات. وبالتالي فإن احتمال هجوم المملكة العربية السعودية على أحد جيرانها يعتمد إلى حد كبير على أربعة معتقدات تتعلق بالولايات المتحدة الأمريكية داخل المؤسسة السعودية: 1- أن الشعب الأمريكي استنزف على مدار 15 عاماً إثر التدخل شبه اللانهائي في العراق وأفغانستان كي تشارك في حرب أخرى في دولة (المملكة العربية السعودية)، المليئة بأتباع نفس النمط الإسلامي الذي ألهم ميليشيات الدولة الإسلامية. 2- أن الجيش الأمريكي مشتت بين جميع أنحاء العالم، ومعني باحتواء روسيا؛ كي لا تتورط في حرب أخرى في الشرق الأوسط؛ مما يستبعد احتمال أن تكون الولايات المتحدة على استعداد لخوض حرب ناجحة ضد المملكة العربية السعودية؛ ولأن خوض تلك الحرب على الأرجح سيؤثر على المقدسات الإسلامية في مكة المكرمة والمدينة المنورة. فإذا ما بدأت الولايات المتحدة حربا ضد المملكة العربية السعودية، على الأغلب ستواجه رداً عنيفاً من العالم الإسلامي أجمع في حال دخول جنود أمريكيين منطقة الحجاز، الأمر الذي من شأنه أن يجبر الولايات المتحدة على الخضوع، وهو أمر لا تود قيادة الجيش الأمريكي مواجهته، خاصة بعد توتر شديد دام لأربع سنوات بينها وبين روسيا. 3- أن النخبة السياسية الأمريكية تفتقر إلى الداعم الأساسي الآن. فعلى مدى السنوات القليلة الماضية، سرب السعوديون العديد من الأسلحة والبنادق لتنظيم الدولة الإسلامية، وقصفت اليمن، وهو شبه أعزل من السلاح، ومع ذلك أفلتت من العقاب. لذلك، ربما يخيل للسعوديين أنهم يستطيعون فعل ما يريدون، معتقدين أن الولايات المتحدة لن ترد، لا سيما في ضوء فشل باراك أوباما في فرض «خط أحمر» في سوريا، بالإضافة إلى خطابات دونالد ترامب التي تشير إلى نظرة انعزالية شاملة، والتي من شأنها أن تبقي الولايات المتحدة بعيداً عن الشرق الأوسط. 4- أن الولايات المتحدة الأمريكية أصبحت مصدراً للطاقة، وأي حدث من شأنه أن يرفع من أسعار الغاز والنفط، فهو يصب جزئياً في مصلحة أمريكا. وإذا شنت السعودية حرباً في الشرق الأوسط من خلال غزو أحد جيرانها: اليمن أو قطر أو العراق...إلخ، فإن الخاسر الأكبر خارج المنطقة ستكون أوروبا؛ إذ ستواجه خفضاً كبيراً في حجم إمداداتها من الطاقة. وما لم ترغب أوروبا في زيادة اعتمادها الأساسي الفعلي على النفط والغاز الروسي، سيتاح لها خيارات محدودة أخرى عدا استيراد الطاقة من الولايات المتحدة، وعليه، ليس من مصلحة أمريكا كلياً أن تدخل في حرب مع المملكة العربية السعودية، بغض النظر عن تحركات المملكة. ويضيف «رايان» أنه على الرغم من كون الاتحاد الأوروبي حليفاً تاريخياً للولايات
المتحدة، فإنه ليس من مصلحة أمريكا تماماً أن تحمي إمدادات الطاقة الأوروبية القادمة من الشرق الأوسط. خصوصاً منذ أن عبر ترامب عن سخطه عليها عندما قال: إن أوروبا لا تسدد «نصيبها من فاتورة» الدفاع عنها. من غير الواضح إلى أي مدى تتمسك المؤسسة العسكرية والسياسية السعودية بتلك المعتقدات الأربعة. فإذا لم يصدق السعوديون أن الولايات المتحدة سوف تهاجم المملكة بسبب غزوها إحدى دول الجوار، ربما لن يكون هناك ما يمنع المملكة عن فعل ذلك. كما أن التاريخ السياسي والاقتصادي والديني للمملكة يدفعها للتوسع الخارجي من خلال الغزو والحرب على حساب التوسع الداخلي من خلال إنتاج السلع والخدمات. تعد اليمن أكثر البلاد هدفاً للاجتياح. إذ تعرضت للقصف من المملكة العربية السعودية على مدار سنتين حتى الآن، بينما تركز آلة الدعاية السعودية بشكل كبير على الحوثيين في اليمن. إلا أن غزو اليمن في غالب الأمر لن يقدم للسعودية دفعة اقتصادية ملموسة، ما لم تعطل السعودية الملاحة في مضيق باب المندب، والذي تعتبره إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أحد المضايق السبعة الرئيسة للطاقة في العالم، إذ تمر منه 3.8 مليون برميل نفط إلى الغرب يومياً، بالإضافة إلى ما يعادل من نصف مليون إلى مليون برميل من الغاز الطبيعي. وعلى فرض أن السعودية نجحت في خلق حالة من الفوضى والارتباك في مضيق باب المندب من خلال الهجمات الصاروخية، أو من خلال تنامي قدراتها البحرية بشكل كبير، أو حتى من خلال استفزاز الحوثيين لمهاجمة السفن في المضيق، سوف تكون أوروبا أكبر الخاسرين، إذ ستُحرم ما قيمته 150 مليار دولار من النفط والغاز الطبيعي الضروري سنوياً، ما سيجعل الأوروبيين أكثر اعتماداً على روسيا والنرويج والولايات المتحدة والسعودية في سد حاجاتها من الطاقة. إذا عُطلت الملاحة في المضيق، سوف ترتفع أسعار النفط والغاز، وسوف يحقق الاقتصاد السعودي أرباحاً مهولة، خاصةً بعد أن بدأ السعوديون في التوسع رويداً رويداً في خط الأنابيب الواصل بين الشرق والغرب. وبالتالي إذا ما أُغلق المضيق، سوف تكون الطريقة الوحيدة العملية المتاحة لجميع دول الخليج العربي تقريباً لتصدير الطاقة إلى الغرب، عبر المملكة العربية السعودية، من خلال خط أنابيبها الواصل من الشرق إلى الغرب المُوسع حديثاً. غالباً ما تدعي المملكة العربية السعودية أن الحوثيين هم من يهدد مضيق باب المندب، إلا أن الحقائق تشير إلى العكس تماماً. فقد سيطر الحوثيون على عدة مواقع مطلة على المضيق على مدار العامين الماضيين، والتي كان من شأنها إتاحة الفرصة لهم بتعطيل سير الملاحة بشكل كبير، ولكن استمر المضيق مفتوحاً للملاحة بشكل دائم. ومن خلال مقارنة بسيطة، تعرضت السفن الإيرانية والباكستانية للهجوم من المملكة العربية السعودية، أو من حلفائها في اليمن مرتين على الأقل، بينما تكاد تنعدم الأدلة على أن غالبية الهجمات على سفن التحالف غير السعودية -خلال العامين الماضيين- نفذها الحوثيون. وبعيداً عن اليمن، قد تستهدف المملكة العربية السعودية المناطق الجنوبية والشرقية من العراق- أجزاء من الأنبار والمثنى، والتي تمكنت بالفعل من تحقيق نفوذ قبلي بشكل ملحوظ قبل نقل الحكومة العراقية السلطة إلى الشيعة. فيما يتعلق ببعض المناطق المحددة في العراق، من المستبعد أن تغزو المملكة العربية السعودية العراق وصولاً للمناطق الملاصقة للحدود الإيرانية العراقية. فمن شان ذلك أن يستدعي حرباً مباشرة مع إيران، ويؤدي إلى تدفق أعداد هائلة من الشيعة إلى المملكة العربية السعودية، وهو ما لا يريده السعوديون. بدلاً من ذلك، وأخذاً للتكاليف والفوائد في الحسبان، قد تلجأ المملكة العربية السعودية إلى محاولة تدمير خط الأنابيب الاستراتيجي للعراق، من خلال بعض القنابل الموجهة جيداً، أو عن طريق عمليات إرهابية من شأنها أن ترفع قيمة النفط السعودي مقابل تكلفة منخفضة نسبياً بالنسبة للسعوديين. قد يبدو وجود منظمة مسلحة تفجر محطات ضخ النفط في المثنى أو في الانبار بعيد المنال، لكنها لن تكون المرة الأولى التي تُجرى فيها مثل هذه العمليات في العراق بنجاح. إذ فُجِر خط أنابيب الموصل حيفا على يد كل من العصابات العربية، وعصابات الإرجون اليهودية عدة مرات خلال ثلاثينات وأربعينات القرن الماضي. علاوة على ذلك، خلال الخمس سنوات الماضية أنفق المتشددون في المملكة العربية السعودية على تمويل منظمة جبهة النصرة المسلحة، والتي بالرغم من إدعاءها رغبتها في الإطاحة بالنظام السوري، أمضت وقتاً أكثر في السيطرة على أجزاء من الأنبار في العراق، مما أمضت في محاولات قتال الأسد. وفي الوقت ذاته، تسببت الأسلحة المسربة إلى تنظيم الدولة من المملكة العربية السعودية في انقطاع إمدادات النفط بشكل كبير في شمال العراق، ما صب في مصلحة المملكة العربية السعودية بصورة ملحوظة، وذلك وفقاً لمجلة فوربس. على الرغم من ذلك، لو لم تجتح المملكة العربية السعودية العراق، فإنها غالباً ما ستفرض سيطرتها على مناطق من المثنى والأنبار، ذواتا الغالبية غير الشيعية، والكثافة السكانية القليلة، والذي من شأنه أن يصب في صالح المملكة العربية السعودية من خلال فائدتين رئيسيتين: 1- السيطرة على حقول النفط في أبو الخيمة، والسماوة، وسلمان، والديوان. 2- الاضطراب أو التحكم الدائم في خط الأنابيب الاستراتيجي للعراق. إذا ما عطلت المملكة العربية السعودية كل من خط الأنابيب الاستراتيجي للعراق، ومضيق باب المندب، سوف تحتكر المملكة العربية السعودية تقريباً نقل النفط والغاز العربي إلى أوروبا. وسوف يضطر معظم منتجي الطاقة العرب إلى التصدير، إما عبر المملكة العربية السعودية، وإما عبر المسارات الإفريقية والإيرانية المحدودة والمكلفة إلى حد بعيد. بغض النظر عن العراق واليمن، إذا ما ساءت الأحوال الاقتصادية السعودية بما فيه الكفاية، قد تهاجم حينها قطر. إذ تمتلك قطر ثلاثة أضعاف مخزون السعودية من الغاز الطبيعي، والأهم من ذلك، يتزايد الطلب على الغاز الطبيعي بشكل متسارع في أوروبا -إذ يحترق أنظف من النفط، فقد ارتفعت واردات الغاز الطبيعي بنسبة 17% عام 2015. بينما يُعتبر ذلك السيناريو هو الأقل احتمالاً بين السيناريوهات الثلاثة، إلا أن الهجوم على قطر لا يزال محتملاً. إذ يُعد تنامي الغاز الطبيعي لدى كل من قطر وإيران، هو التهديد الأعظم لقوة السعودية الإقليمية حالياً. ففي حالة تطور العلاقات الإيرانية مع الغرب، واستمرار إحلال الغاز الطبيعي محل النفط، واستمرار تراجع اقتصاد المملكة العربية السعودية، قد تلجأ حينها السعودية إلى الهجوم على قطر كبديل أخير لوقف تقويض الغاز الطبيعي القطري للنفط السعودي. منع المملكة العربية السعودية على المدى القصير من استخدام مخزون أسلحتها ضد جيرانها، يعتمد بشكل كبير على الترويج لخطاب أن الغرب (أو حلف من الدول العربية) سوف يتحرك ضد المملكة السعودية إذا ما انخرطت في هجوم عسكري. ولكن على المدى البعيد، قد يأتي أكبر رادع للسعودية من داخل المملكة نفسها. فمن خلال تعاملي على نطاق واسع مع أعضاء العائلة الملكية السعودية، يمكنني القول: إن بعض من في السلطة في المملكة العربية السعودية مهتمون ولو قليلاً برفاهية منطقتهم، كما أن هناك البعض الآخر الذين لا يريدون أن يوصم الشرق الأوسط بالحكم الثيوقراطي والحروب. إذا كان ترامب وغيره من القادة جادين حقاً في مقاومة «الإسلام الراديكالي»، وتعزيز الاستقرار في المنطقة، فهم في حاجة إلى تشجيع الإصلاحيين الحقيقيين في المملكة، بدلاً عن الاعتماد على شباب العائلة المالكة السعودية. *ساسة بوست

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.