كشف اللواء علي محسن في المقابلة الصحفية مع جريدة الشرق الأوسط التي نشرت يوم أمس الأول أنه الرجل الذي يمتلك الملعب ويحترف إدارة اللاعبين. قال الكثير كمن يقول أمراً خطيراً ومهماً، وفي توقيت دقيق رغم أنه في فمه ماء. تحدث بلغة مدروسة وكأن مطبخ إعداد المقابلة قد رسم مسار الحوار الداخلي بتجاهل كامل لنوع الأسئلة المطروحة وقد تفوق على نفسه هذا المطبخ لولا زلة أنه أجراها عبر الهاتف مع الصحفي من لندن. كانت الإجابة قد أعدت قبل تأسيس الأسئلة، لذلك نراه يبعث برسائل إلى كل اتجاه بمحتوى سياسي يحتاج منا التوقف طويلاً عند بعض الاعتبارات: 1- الرجل يُقدم نفسه بصورة جديدة يمكن تسميتها ملامح ما بعد تقاسم النفوذ وما بعد اتضاح مسار الهيكلة، ويضع من جديد نفسه في الخندق الذي رابط فيه أكثر من ثلاثة وثلاثين عاماً مع صالح، ولكنه هذه المرة وإن استخدم اسم عبدربه أكثر من ثماني مرات فإنه يتلذذ بالقول إن خصوم اليمن الكثر يمنعونه من التراجع ولو خطوة واحدة عن مواصلة دوره المحوري في العملية التاريخية. 2- يكشف للمرة الأولى أن "قادة ونُخب الثورة" كانوا منذ اللحظة الأولى للتخطيط والانقلاب على صالح كانوا تحت قيادته وهو الذي ما زال يعمل على تنفيذ أهداف الثورة، وإن كانت لغة الحديث قد اعتراها اجترار أسلوب حديث السبتمبريين ولكنه كشف أن خصوم صالح يترصدونه ويديرون مصيره داخل أضيق حلقات محيطه الخاص. تصريح عام وتنسيق المواقف مع النائب هل أرادها علي محسن رسالة إلى صالح؟ أم هي وشاية بهادي؟ هذه أخطر نقطة من شأن كشفها إعطاء المراقبين والباحثين عن حقيقة الربيع العربي، المسافة الفاصلة بين مفهوم الثورة والانقلاب، وأمر آخر: هل أراد محسن فتح شهية متابعيه بهذه الكروت ليقول إن في جعبته الكثير. 3- تحدث عن الوساطة بينه وبين صالح ولكنه لم ينكرها ولم يثنِ الذين ما زالوا يختزنون العزم للتوفيق والصلح ولكنه بعث برسالة مهمة يفترض الرد عليها بأحسن منها وهي: أن المطلوب وقف الحملات الإعلامية الساعية إلى هدم الشخصية. علي محسن في المقابلة كان حصيفاً، ولغته المواربة وتلميحاته تدل على أن الرجل يمر بمرحلة خاصة، واضح أن الخصوم فيها أكثر من الحلفاء وأن الخيارات باتت أقل عدداً إذا ما قيست بالمراحل المختلفة منذ الانشقاق، هذه المقابلة تفتح رصيداً جديداً لمحسن ولكن السؤال في أي بنك سياسي قادر على تجريب المجرب؟ كيف له أن يبقى "ثورياً" وفي نفس الوقت يتصالح مع تعقيد وضعه الراهن، عرف علي محسن كيف يطل على الشارع السياسي، ولكنه فشل في إزالة الغموض الذي سوف يبقى يحيط خياراته ومواقفه في كل مرحلة.