في اليوم الثامن من شهر مارس يتم الاحتفال في أرجاء العالم بيوم المرأة العالمي، وهذا التقليد السنوي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة لأول مرة عام 1977 .. بينما تاريخه يعود إلى يوم 8 مارس عام 1908 الذي تظاهرت فيه نحو 15 ألف عاملة أمريكية في نيويورك للمطالبة بخفض ساعات العمل ورفع أجور النساء العاملات والاعتراف بحق المرأة في الانتخاب، كما طالبن بحظر تشغيل الأطفال.. قمعت سلطات نيويورك المتظاهرات بقسوة، وترتب على ذلك مزيد من النشاط النسوي وصولا إلى تشكيل حركة تعنى بحقوق المرأة والنهوض بأوضاعها في كافة المجالات، ليس في الولاياتالمتحدةالأمريكية فحسب بل في دول أخرى كثيرة.. وقبل أن تعتمد الجمعية العامة هذا اليوم اعتمده المؤتمر الدولي للنساء الذي عقد في العاصمة الدانمركية كوبنهاجن يوم 8 مارس عام 1913. التذكير بهذه المعلومات يفيد لجهة أن بعض الأحداث التاريخية، التي يعتقد أنها قليلة الأهمية، تتأسس عليها تغييرات مدوية عندما ترتبط بتضحيات في سبيل مقاومة الجور وتوق الإنسان للحياة الكريمة.. وهذا حدث من قبل نساء فرضت عليهن حالة استضعاف عبر التاريخ، ومع ذلك تم تغيير هذه الحالة بفضل إصرار النساء على التمسك بحقهن الأول الذي هو المساواة بالذكور في الحقوق المدنية والاقتصادية، وهي المدخل للحصول على الحقوق السياسية والاجتماعية وغيرها. النساء في اليمن لا يبذلن جهدا كافيا للحصول على حقوقهن، ويرجعن سبب عدم المساواة إلى ضعف حماسة الرجال في الانتصار لهن، وكثيرا ما يعبن التمييز المسطور في الدستور والقوانين، وكأن وجود النص الجيد كفيل بإزالة التمييز في الواقع، في حين أن أفضل المبادئ الدستورية والنصوص القانونية لا فعالية لها ما لم تسند بحركة مطلبية تفرضها في الواقع العملي، كما أن أكثر الرجال ثقة بالمرأة وإخلاصا لقضاياها لا يمكنهم أن يفرضوا حقوق النساء نيابة عنهن. النساء وحدهن يستطعن فرض هذه الحقوق حتى في ظل أقوى أشكال المقاومة، والأمر يتطلب جرأة في الحق ونضالاً بدون كلل أو ملل.. كان رجال الدين يحرمون تعليم المرأة مثلا، لكن عندما خرجت إلى المدرسة وتمسكت بحقها في التعليم، سكتوا، ومن لم يسكتوا تراجعوا قليلا وقالوا: لا بأس في تعليم المرأة شريطة كذا وكذا، ولما رمت المرأة شروطهم وراء ظهرها تنازلوا قليلا قليلا، وهكذا في الشؤون الأخرى، العمل والسياسة.. وإذا النساء قررن مقاومة موروث التخلف الثقافي فكل العقبات الأخرى تصبح هينة.