لماذا تفوَّقنا على الولايات المتَّحدة الأمريكية في عدد الأحزاب حتى صار عندنا اليوم المشترك وشركاؤه والمؤتمر وحلفاؤه.. فيما بقيَّة الأحزاب تنتظر؟ * والجواب وباللَّه التوفيق أن الأحزاب التي حملها بعير التعدُّد الحزبي والتنوُّع الصحفي وجدت أن كل حزب لا يستطيع النجاح في الثانوية العامَّة بمفرده.. وحتى عندما تحالف المؤتمر مع الاشتراكي ثم الإصلاح بقيت العلامات دون الخمسين في المائة.. فكان لا بدَّ من أن يصير عندنا المؤتمر وحلفاؤه والمشترك وشركاؤه طمعاً في الحصول على علامة النجاح المقبولة. * أمَّا النتيجة التي أعلنها واقع الحال فإن قيادات الأحزاب ونفراً ممَّن يدورون في فلكها سقطوا ليرسب الشعب كله.. بدليل أننا وصلنا مستوى الاتِّفاق الصريح أو الضمني على تجريم الوحدة الاندماجية نفسها واعتبارها مجرَّد قرار متسرِّع من علي عبداللَّه صالح وعلي سالم البيض لم يأخذ في الاعتبار أن العجلة من الشيطان.. أمَّا البديل فهو المساومة بموت فكّ الارتباط طمعاً في حمَّى الفيدرالية.. ووضع خيار الكونفدرالية الشطرية أملاً في فيدرالية الأقاليم. * وسألني ذات القارئ : وكيف تقرأ بقيَّة ملامح الخارطة السياسية والحكومية؟ وليس أقلّ من ملاحظة أن مجمل المواقف على الأرض اليمنية إنَّما هي انعكاس واضح لهذه العُقد الحزبية التي استحكمت.. وبدلاً من أن تذوب الأوجاع القبلية والمذهبية والمناطقية في الحزب ذابت الأحزاب وتعدَّدت الوجوه المستنسخة.. ولذلك اسمحوا لي بالتشاؤم من هذه المناظر التي يلبس فيها الحقّ سروال الباطل ويرتدي فيها الباطل «شورت الحقّ». * ألا ترون كيف أن دولة المؤسَّسات ترفض الحضور لتحضر عنها الميليشيات وهذا الضعف والفوضى في المركز والأطراف.. وألا ترون كيف صارت البلطجة مهنة تدفع لاستمرارها حتى أموال المانحين؟ لا مؤسَّسات تكرِّس قيم الحقّ والعدل.. وإنَّما يترك المجرمون لتحقيق أغراض سياسية وبهدف إعلاء الذات الحزبية المتعصِّبة والحطّ من قيمة الآخر.. فيما الحقيقة التي يدركها الشعب «لم ينجح أحد». * كرامات مهدرة.. وحقوق ضائعة.. وعدل غائب.. وأشكال سياسية تمثِّل أغطية للعنف ظنَّاً منها أن في كثرة المرافقين وانتعاش سوق السيَّارات ضدَّ الرصاص ضمانة مؤكَّدة للعيش الآمن والهنجمة محمودة العواقب. * أمَّا ثالثة الأثافي فهي أن الذين تفانوا ويتفانون في إسقاط الدولة لن يجدوا دولة يحكمونها ما لم يسارعوا إلى حوار تخيِّم عليه روح التسامح والتصالح ولا يكون فيه صوت الحقّ هو الصوت الخافت.. فهل نذهب نحو الانفراج؟ أم نحو المزيد من احتقانات ليست إلاَّ الخطر الماحق على مستقبل البلد؟ * الحال أخطر من تسطيحه في القول : الأحزاب والقبائل شرٌّ لا بدَّ منه.