في الصباح الباكر ذهبت القطة إلى بيت الفأرة البيضاء وقرعت الجرس بقوة. مرعوبةً التصقت الفأرة بالباب وقالت: من؟ قالت القطة: أنا يا حبيبتي.. افتحي الباب. قالت الفأرة: من أنتِ قالت القطة: أنا القطة السوداء، جارتك. - وبصوت كاد يتجمد من شدة الرعب- قالت الفأرة البيضاء: ماذا جاء بك؟ وماذا تريدين؟ قالت القطة: جئت يا حبيبتي لأقول لك إن علينا أن نطوي صفحة الماضي ونفتح صفحة جديدة. أعرف أنك متفاجئة ومستغربة، ومندهشة من زيارتي، لكن إلى متى سنبقى أسرى كراهيتنا لبعض! إن كانت جدتي قد أنشبت مخالبها في بطن جدتك، أو كانت أمي قد التهمت قلب أمك الحنون فما ذنبي أنا؟ ماذا فعلت بك حتى تكرهيني؟ ما دخلنا نحن الأبناء والأحفاد في صراعات الآباء والأجداد؟ علينا نحن يا فأرتي الجميلة الحلوة أن نعيش زمننا: زمن التصالح والتسامح والحوار لا زمن آبائنا وأجدادنا المشحون بالعداء والكراهية. افتحي الباب يا حبيبتي ودعينا نفتح صفحة جديدة. افتحي لنتصافح.. افتحي لنتصالح.. افتحي لنتسامح.. افتحي لنتحاور. العالم كله زعلان من خلافاتنا وصراعاتنا، وهو يضغط علينا ويطلب منا أن نحل خلافاتنا بالحوار . ولأن لديك طاولة على ما أذكر، قلت آتي إليك لنتحاور في هذا الصباح الجميل. صباح الحوار يا فأرتي افتحي يا حبيبتي لابد من أن نتحاور ونتفق على طريقة تمكِّننا من التعايش، ومن العيش معاً، وتمكِّننا من توريث لبن وسمن المحبة لأولادنا وأحفادنا بدلاً من سُمِّ الكراهية. من جهتي يا فارتي البيضاء الحلوة نسيت الماضي وسامحتك، ولم أعد أكِنُّ لك أي عداء أو حقد. ولعلمك يا حبيبتي: النسيان هو حجر الزاوية، وهو الخطوة الأولى في الطريق المؤدي إلى التسامح. ووحدهم الذين في قلوبهم حقد وضغينة لا يعرفون جمال ولذة وعذوبة التسامح . قالت الفأرة- بصوتٍ يرتعد: لقد نسيتُ ما فعلتهُ جدتك بجدتي، وأمك بأمي، وسامحتهما. قالت القطه: حلو يا حبيبتي، حلو، كنت أعرف قبل مجيئي إليك أنك فأرة حبوبة، طيبة ومتسامحة. والآن يا فأرتي الحلوة، الحبوبة، الطيبة والمتسامحة، افتحي لنتحاور . قالت الفأرة- وقد تناهى إلى أسماع القطة دقات قلبها الخائف المرعوب - : كلا، لا أستطيع. قالت القطة -وهي تحاول إخفاء انزعاجها- :لماذا يا حبيبتي؟ ما الذي يخيفك؟ إن كنتِ خائفة مني فأحب أطمئنك أننا لن نكون لوحدنا أثناء الحوار . سيكون معنا السفير الأمريكي والمبعوث الدولي جمال بن عمر. أنا وأنت سنتحاور تحت الطاولة، وسيكون السفير الأمريكي فوقي وفوقك وفوق الطاولة، وجمال بن عمر يراقب.