ديفيد جي كريمر- رئيس مؤسسة فريدوم هاوي دانيا جرينفيلد- نائبة مديرة مركز الحريري في المجلس الأطلسي
الأخبار الواردة من الشرق الأوسط خلال الفترة الماضية محبطة: حرب أهلية مدمرة في سوريا، البيئة الأوتوقراطية لنظام الإخوان المسلمين المستبد في مصر واستمرار أنشطة المليشيات المسلحة في ليبيا وانهيار التحالف القائم في تونس.. الأوضاع السياسية في اليمن هي الأقل نقاشاً في الآونة الأخيرة، لكنها إيجابية للغاية وبشكل فاجأ البعض. لعبت الولاياتالمتحدة دوراً هاماً في المرحلة الانتقالية اليمنية والتي بشرت بخروج الرئيس السابق علي عبدالله صالح في مقابل حصوله على الحصانة من الملاحقة القضائية وتشكيل حكومة وحدة وطنية واختيار رئيس توافقي أشرف في منتصف الشهر الماضي على انطلاق مؤتمر الحوار الوطني. تعهدت الولاياتالمتحدة بدعم الحوار الذي سيؤدي إلى إجراء انتخابات جديدة واستفتاء دستوري. ومع ذلك، يرى الكثير من اليمنيين بأن واشنطن تركز بصورة ضيقة على التحديات الأمنية في المدى القريب والحرب على الإرهاب والتطرف، ويرى البعض أن الولاياتالمتحدة لا تهتم بالتغيير السياسي الحقيقي في اليمن. ومع دخول اليمن في مرحلة حساسة من عملية التغيير، لدى واشنطن فرصة ثمينة لتغيير صورتها من خلال تبني سياسة جديدة تسلط الضوء بشكل ملموس على الاستقرار والازدهار والديمقراطية والتي من شأنها الدفع بالمصالح المشتركة لكل من اليمن والولاياتالمتحدة. على الرغم من المساعدات الإنسانية والتنموية الأمريكية الملحوظة للحكومة اليمنية، يربط السواد الأعظم من الشارع اليمني الدور الأمريكي في اليمن بالحملة العسكرية/الأمنية الجارية فقط، والتي تستهدف تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية بالطائرات بدون طيار.. ويرى الشارع اليمني أن الحملة لا تراعي نتائجها/عواقبها الوخيمة على المدنيين. أشار عدد من القيادات العسكرية والأمنية الاستخباراتية الأمريكية إلى أن برنامج الطائرات بدون طيار قد يكلف الولاياتالمتحدة ثمناً باهظاً يفوق في الواقع فوائدها/إيجابياتها. صرح مؤخراً الجنرال المتقاعد ستانلي ماكريستال حول سلبيات الإفراط في الاعتماد على برنامج الطائرات بدون طيار. من جانبه حذر نائب رئيس هيئة الأركان المشتركة السابق الجنرال جيمس أي كارترايت، في الشهر المنصرم من العواقب غير المقصودة للطائرات بدون طيار، وأوضح قائلاً: "مهما كانت دقة الغارات الجوية للطائرات بدون طيار" فإنها ترعى مشاعر العداء وتولد الكراهية داخل المجتمعات المستهدفة وتهدد جهود الولاياتالمتحدة في كبح جماح التطرف. إذ ترعى الطائرات بدون طيار بيئة التطرف والإرهاب في اليمن وهي تخلق مشاعر معادية وحالة من السخط العام تجاه الولاياتالمتحدة. يجب على الولاياتالمتحدة أن تعيد النظر في استراتيجيتها اليمنية وعليها الابتعاد عن التكتيكات في الدفع بمصالحها وأهدافها. يجب على واشنطن أن ترعى المصالح المشتركة وأن تحافظ على التوازن القائم لأولوياتها المتعددة في اليمن: دعم الاستقرار في شبه الجزيرة العربية وتفكيك شبكة الإرهاب وتأمين المياه الإقليمية وتوفير الدعم الضروري لرعاية المرحلة الانتقالية اليمنية. إن التركيز على الأهداف الاستراتيجية قصيرة المدى تهدد مصالح الولاياتالمتحدة على المدى البعيد، الاستقرار الأمني المستدام يخدم المصالح المشتركة ولن يتحقق سوى بالتركيز على الاستثمار في المجالات الإنسانية والاقتصادية والسياسية للشعب اليمني. الحوار الوطني اليمني، فرصة مثالية لكسر تركة القيادات اليمنية الفاسدة التي أهلكت البلاد بُغية تحقيق مكاسب شخصية. يجب على إدارة الرئيس أوباما تشجيع المرحلة عبر توفير الغطاء السياسي الدولي للقرارات الصعبة التي سيتخذها المشاركون في مؤتمر الحوار بهدف تأسيس نظام سياسي جديد يرعى المساواة والعدالة وتقاسم السلطة وكذا التسامح والتصالح والمشاركة المدنية الحيوية. كل ذلك يتطلب من الإدارة الأمريكية إعادة تقييم سياساتها القائمة وتغيير مسار العلاقات بعيداً عن الأوضاع الراهنة التي تقوض المصالح المشتركة.. وخلافاً للمواقف السلبية تجاه السياسية الأمريكية، يتطلع الشعب اليمني إلى شراكة فعالة وحقيقية مع الولاياتالمتحدة مبنية على الشفافية والمساءلة والالتزام الكامل بالأهداف المستقبلية. * واشنطن بوست