ماذا يعني توافق سياسي؟ هل هو توظيف عشرات الآلاف من البشمرجة ومن انتهكوا حرمة المؤسسات الحكومية مقابل تشريد الآلاف من مبدعي هذا الوطن وفقرائه بسحق آمالهم في التوظيف المُستحقِّ لهم والعيش الكريم؟ أم هو التوافق السياسي لإرضاء رغبات من أكل الدهر عليهم وشرب رغم ما أفسدوا ونهبوا.. وبذلك تتوقف أحلام البسطاء عند أول قراراتٍ اعتبرها المواطن تاريخية للوهلة الأولى، بينما هي في حقيقتها ذرُّ الرماد في العيون. حتى المكان الذي هو من حقِّ أطفالنا سلبوا منه اسمه الذي سيرتبط بعقولهم مدى حياتهم ومستقبلهم المتوقِّف على خمسين ألف لبنة تم اعتماد اسمها بيوم "شقلبة العملية السياسية" في اليمن لخاطر عيون من لم يرد أن يتركنا نتنفس ما تبقَّى من عمرنا إلَّا وهو ماثل أمام عيون أطفالنا في زيِّه المرعب وتاريخه المريب. ثم ماذا يعني أن يوافق الجنرال علي محسن، على الخروج من الفرقة مقابل اعتمادات شهرية بعشرات الملايين وآلاف البراميل النفطية وخمسة آلاف جندي حراسة للجنرال المعتَّق، والكثير من المِنح التي ليست من حقه.. وربع بعض تلك الاعتمادات تم اعتمادها للعميد أحمد علي عبدالله صالح كحلٍّ توافقي.. بينما الحقيقة أن العميد أحمد ارتضى العمل السياسي المدني وهو العسكريُّ المرتبط بأهم جهاز عسكري بالدولة.. وارتضى خيار التوافق، لكنّ الجنرال في حقيقة أمره ما زال كما هو وبصلاحيات واسعة ستثبتها الأيام وسيبقى بشخصه وخيوط لعبته الممتدة ببعض القوى السياسية شوكة في قلب الوطن إلى أن يشاء الله، ثم إرادة صادقة من أبناء هذا الوطن المغلوب على أمره. أريد أن أقول إنّ كابوس الحديقة سيبقى.. بينما سننسى كمواطنين مع الأيام دهاليز الهيكلة وما أوحت به القرارات الأخيرة من مخاوف كبيرة رغم ظاهر الطمأنينة فيها. وكنتُ أتمنى على رئيس الجمهورية أن يكمل مشروع الهيكلة بطريقة واضحة لا لبس فيها ولا غموض كما حدث.. لأنّ بقاء الجنرال علي محسن بقرب مصدر القرار وبالصلاحيات الواسعة يجعلنا على حذرٍ دائم من المخاطر القادمة التي لن تنتهي طالما وهو جاثم على قلوب أبناء هذا البلد. والآن وقد انتقل العميد أحمد للعمل السياسي والمدني أستطيع أن أقول ما لم أقله بعهده العسكريّ.. أنّ المواطن البسيط يفقه جيداً ماذا تعني صفحة العميد أحمد، وماذا تعني صفحات الجنرال علي محسن.. وإنّا لمنتظرون للعام القادم وما سيحمله من حقائق يفقهها النخبة السياسية في السلطة وخارجها ويتحذلقون بعيداً عنها، وبالمقابل يؤمن بها المواطن البائس في شخص "أحمد" بعيداً عن أي خلافٍ حول شخص والده وسلطته السابقة.