بالأمس وأنا أقف في جولة حدة، مرَّت سيارة شرطة عسكرية - وهي تطلق صوت الونّان- متقدِّمةً سيارة تحمل شخصية سياسية غير يمنية.. نزل رجل المرور عن المنصَّة التي يقف عليها ليوقف السيارات ويسمح للسيارتين بالمرور.. فصاح أحد السائقين: مابش نظام في البلاد هذه.. ليش هذا تخليه يطلع واحنا ماشي؟؟ فقال له رجل المرور: هذا وفد.. قال السائق: كلنا "أوفاد"!! مش عارف منين جا بكلمة أوفاد!! ورغم أن الوقت ظهراً ضبط رجل المرور أعصابه وحاول أن يفهِّم هذا السائق ما معنى "وفد".. وعاد إلى جولته مبتسماً. رجل المرور هو المحكُّ للالتزام بالنظام والقانون، فحين تريد أن تقيس مستوى رقيِّ أيِّ شعب وتقدُّمه، ما عليك إلَّا أن ترى مدى التزام السائقين بنظام السير، واحترامهم لرجل المرور. رجل المرور في اليمن مهضومٌ ومغبونٌ إلى أبعد حد.. يتعامل مع سائقين لا يحترم البعض منهم نظاماً ولا قانوناً.. ويده التي يوقف بها السيارات لا تجدي أحياناً حين يكون هناك سائقون يتجاوزون ويصرخون ويتطاولون عليه.. لأنهم لا يعون أنه يقف طوال اليوم لأجلهم ولأجل حمايتهم من الحوادث والزحام الذي يشكِّلونه في الجولات حين يغيب رجل المرور. ألا يكفي أن يكون رجل المرور في رمضان واقفاً في جولته والناس يتناولون الفطور، وهو ينظِّم حركة الناس الذين يكونون في تلك اللحظات في منتهى الجنون!! على الدولة أن تراجع حساباتها في ما يخصُّ مرتَّبات رجل المرور، فالمرتَّب الذي يستلمه رجل المرور لا يمكن أن يقبل به رجل عاطلٌ مقابل أن تطلب منه الوقوف تحت الشمس ستَّ ساعات متواصلة كلّ يوم. لأن ما يستلمه لا يكفي ثمناً لوقوفه تحت شمس الظهر، ولا بد أيضاً من إعادة الهيبة إلى هذا الرجل، لأن رجل المرور وجهٌ من وجوه الدولة.