أول معرفتي بالفنان المصري وجدي العربي في فيلم الرسالة، حين قام بأداء دور عمار بن ياسر، وكان دوره رائعا ًوهو يعلِّم الناس الانعتاق والحرية وعدم الرضوخ للظَّلمة والطُّغاة، واستشهد والداه أمام عينيه في مشهد مهيب جعل أمّه سمية تتصدَّر كلَّ الشهداء وتفوز بلقب أول شهيدة في الإسلام، ليتبعها زوجها ياسر.. وعمار يرى كلَّ ذلك ويصبر ويعدُّ نفسه للَّحاق بوالديه إلى حيث بشَّرهم النبي صلوات الله عليه وآله. كانت المشاهد التي قام وجدي العربي بأدائها تملأ الروح بقشعريرة الحياة، وبالفداء حين يكون رخيصاً لأجل هدف سامٍ ونبيل.. وكان ذهابه إلى الحبشة وسط طابور من المستضعفين يوحي بتضحية كبيرة تهون دونها كلُّ مصيبة. قبل أيام كان وجدي العربي -الذي قام بدور عمار بن ياسر في فيلم الرسالة- في ميدان رابعة العدوية وسط حشدٍ من الإخوان المسلمين، حاملاً كفنه، وقد كتب على قميصه عبارة "مشروع شهيد"، وهو المشروع الذي دشَّنه مؤيدو مرسي للدعوة إلى "الاستشهاد" في سبيل منع أية محاولات للانقلاب على الشرعية، التي تتلخَّص في مرسي حسب رؤيتهم. تذكرتُ دوره في فيلم الرسالة، وتساءلت: كيف بمن يتقمَّص دور عمار بن ياسر ويؤمن بتضحيته، تدور به الأيام فيضحي بنفسه لأجل مرسي، ويستشهد لأجله!! وكما ارتبطت شخصية حمزة بن عبدالمطلب في أذهاننا بعبدالله غيث، فقد ارتبط وجدي بشخصية عمار بن ياسر، لكن عمار لم يكن ليحمل كفنه ليموت لأجل رئيس لأنه ينتمي إلى جماعته فقط. خرج المصريون للحياة في ميدان التحرير، وخرج وجدي العربي حاملاً كفنه وهو يعدُّ نفسه مشروع شهيد.. لا أدري لماذا لا يتحدث الإخوان المسلمون إلَّا عن الموت!! وكل شعاراتهم وهتافاتهم وأناشيدهم ملغومة بالموت.. وكلما رأوا الشعوب تتحدث عن الحياة يتحدثون عن الموت!!