الديمقراطية إيديولوجية قائمة بذاتها.. وهي لايمكن أن تنبت وتزهر وتثمر وسط حديقة من الأيديولوجياتالشائكة . وكل الأحزاب التي حكمت باسم أيديولوجية من الأيديولوجيات الشمولية، سماويه كانت أمأرضيه،أحزاب غير ديمقراطيه، مارست كافة صنوف القمع، وكافة أشكالالإقصاءوالإلغاء . ولكن إذا كان التعايش بين الديمقراطية وبين هذه الأيديولوجيات ضرباً من المستحيل، فما هو الحل ؟ كيف بمقدورنا أن نصل إلى الدولة المدنية ؟ هل بإلغاء الديمقراطية ؟أم بإلغاء الأيديولوجيات ؟ سيقول العلمانيون العرب: الماركسيون ، الشيوعيون، الاشتراكيون، الليبراليون، البعثيون، الناصريون، اليساريون... وغيرهم من أولادالأيديولوجياتالمنقرضة، بأن الحل هو في فصل الدقن عن الدولة، وليس بإلغاء الديمقراطية . أوكى.. أنا مع هذا الحل..مع فصل الدقن عن الدولة . ولكن إذا كان الحل هو في فصل الدقن عن الدولة، فلماذا لاينفصل كل هؤلاء العلمانيين عن الأيديولوجيات التي يعتنقونها ؟لماذا نراهم يتمسكون ويتشبثون بأيديولوجياتهم وقناعاتهم وبأحزابهم إلى درجة التعصب ؟ لماذا لايأخذون مسافة بينهم وبينها تمكنهم من القبول بالآخر؟ ونفس الشيء: لماذا الإسلاميون لا يتركون دقونهم في البيت عند خروجهم للعمل في السياسة؟ لماذا هم ضد فصل الدقن عن الدولة ؟ إن الديمقراطية والتكفير لايجتمعان .. إذ كيف لك أن تحكم شعباً وتكفّره في نفس الوقت ! تكفيرك له يعني أنك تكفُر بالديمقراطية التي أوصلتكإلى السلطة. من يتأمل المشهد المصري هذه الأيام يخرج بقناعة، وهي أنالعلمانيين بمختلف اتجاهاتهم،والإسلاميين على اختلاف تحالفاتهم، وجهان لنفس العملة . والقاسم المشترك بينهم هو أنهم جميعهم يتكلمون لغة واحده. هي لغة الإقصاء،لغة التخوين،لغة التكفير،ولغة العنف.. فيما الديمقراطية هي لغة التعايش.