الظروف الاقتصادية الصعبة لا تسبب السخط والسأم فحسب، بل تفقد المرء شهيته لمواصلة الحياة، كما وتفقده -أيضاً- شعر رأسه وإحساسه بكل ما يمكن اعتباره -على الأقل لدى المسئولين- إنجازاً يستحق من "المطحونين" أن يصفقوا له و"على أبتهم!" . يكفي أي نابه من طحاطيح الحكومة أن ينظر الآن إلى أقرب وجه لرب أسرة يصادفه ليعرف كم أن الحياة غدت قاسية ولئيمة. وأنه لم يعد هناك أمر عادي، أكثر من أن ترى "يمني يسير في الشارع وهو يكلم نفسه". من حقهم أن يصيروا كذلك طالما وأن لا أحد فاضي يسمعهم! للإنسان اليمني عموماً فترة سعيدة (بلا هموم) يعيشها في حياته.. هي تلك التي تنقضي من حين يبدأ يتعلم المشي إلى حين يجب عليه أن يعمل. ومن بعدها بسم الله، تبدأ مواسم "البرطعة"ويبدأ الواحد ينتف شعر رأسه، كما يبدأ ينفتح –من بعدها- على الأمثال الشعبية المحبطة "سَبَرةْ حِجنة.. اعتوجه شريم".. و"لو غريمك القاضي من تشارع"..و"ابن آدم يموت ولا يشل معه من الدنيا غير عمله"..و"تَيس قال احلبوه".. و"جني نعرفه ولا إنسي مانعرفُش"..و"ما بدا بدينا عليه"..و"كُب لا شعوب". يحدث كل ذلك الإحباط ونجد عاقلا يقيم وزناً لحكمة أو لمثل على نحو"لا تعطني سمكة.. بل علمني كيف أصطاد". [email protected]