ليش كلما التقينا في مكتب واحد أو شارع واحد أو حتى مقبرة واحدة، يبدأ خوفنا من بعضنا البعض، وتتسرب إلى علاقاتنا الإنسانية ولقاءاتنا الحميمية ملامح ذكر «الشمبانزي». إنه يخدع ويتآمر .. ويقتل أحياناً من أجل الحصول على موقع! وللأسف فإن كثيراً من الأغبياء لم يتركوا من ملامح الشمبانزي شيئاً غير أنهم يخبئون عوراتهم خلف وقارٍ باهت، في حين يعيش الشمبانزي مكشوفاً وغير آبه بأحد! إنه بجد حيوان حُر وواضح، شخصياً أحترمه أكثر من حيوانات تعيش وسطنا وبيننا وبينها عيش وملح في بعض الأحيان؟!
في حقيقة الأمر ليس هناك ما هو أقل مُعافاة كما هم الأنانيون. إذ كلما اجتمعنا حول فكرة واحدة تبدأ الأنانية تلف خيوطها، وتظهر للسطح روائح حسابات «هبلا» وسخيفة، وتسمع عن مؤامرات وخزعبلات تكتشف بكل سهولة أن الأغبياء والفارغين هم من قاموا بذلك، معتقدين أنهم عباقرة و«طحاطيح».
أحمق من يظن الحياة بنطالاً ضيقاً، ولا يتسع لأكثر من وركين!
وأما الأكثر حماقة فهو ذاك الذي يعتقد أن الأخلاق وخبط الصدور حكاية تبدأ قبل الانتخابات وتنتهي بعد إعلان النتائج ؟!
على أية حال، الفارغون وقُطَّاع المشاعر أخطر ألف مرة من قطاع الطرق، لطالما أزعجونا بهذرهم وإنجازاتهم، ثم استحقوا – وبجدارة - مشاعر احتقار الآخرين لهم!
وبما أن المثل الشعبي يقول: «أُذن السارق تطن!» فإنني أعرف الآن أن كثيراً من الآذان «تطنطن» ولا ساعة بيج بن.
أتابع التلفاز وأشعر بقلق بالغ هذا المساء. لو انفصل جنوب السودان عن شماله، حينها من سيمسك المطالبين بانفصال جنوب اليمن عن شماله. ولو لم ينجح استفتاء المصير في تقسيم السودان، حينها سيكون نهار أبونا أسود، إذ ستتضاعف عضلات سلطة صنعاء وبيكسروا رؤوسنا خطابات وحدوية ! الله يستر بس.
أخشى أن لا تقام الانتخابات في اليمن، فمعنى هذا أننا سنشهد موسماً حافلاً من المهاترات السياسية، وسنعيش حياة معطلة أكثر مما هي معطلة الآن . وأما إذا ظل المؤتمر الحاكم متمسكاً بالتعديلات الدستورية ودخل الانتخابات لوحده وسارت الأمور على ما يرام ، فإننا سنشهد سنوات أخرى من سياسة «كب لاشعوب» . الله يخارجنا.