لم تمنحني سكينة رمضان وروحانيته القدرة على نسيان منظر الثائر السوري الذي انتزع كبد أحد أبناء وطنه وأخذ يلعقه ليؤكد أنه وطني وأنه حر وثائر؟! ولم يغادرني السؤال: ما الذي يمكن أن يلحق بصاحب الكبد الملعوق بعد أن مات.. لكنه التوحُّش والتوحُّش الآخر.. توحُّش السلطة وتوحُّش الحقد على السلطة.. خارج منظومة القيم. * وأمام كثرة المشاهد الثورية الدامية يصح القول بأن الثورة التي لا تمتلك القضية الصادقة مآلها الفشل.. والثورة التي تعوزها الفكرة الناضجة والقيم النبيلة والأهداف الوطنية الواضحة تتحول إلى عِبء على الشعب الذي يُفترض أنها قامت من أجله.. والثوار الحقيقيون هم الذين يحتلون أماكنهم المضيئة على لوحات الشرف.. وهنا أسأل: ألا تعبث بضمائركم الدماء والدمار على أرض سوريا لمجرد أن قوى إقليمية ودولية تريد الإطاحة برئيس لا يختلف عن المطالبين برأسه في كل شيء؟ * ودائماً كانت الثورات العظيمة تقوم ضد مستعمر بغيض فتدفعه إلى حمل عصا الرحيل مذموماً مدحوراً، أو تقوم على نظام مستبد فتقتلعه وتبني على حطام قبضته فنارات العدالة والمساواة والحرية دون أن يتم ذلك في صورة إبادة الشعب باسم الشعب.. * أما اليوم فإننا أمام سلسلة من الفتن والانشطارات النووية التي يتحول معها أقطاب الصراع ورفاق الثورات أنفسهم إلى متبادلي التهم عن المسؤولية في استنزاف الأحلام سلماً وحرباً.. * في اليمن كنا نسأل أين الدولة، فأصبحنا نسأل وأين الثورة.. فلا الدولة جاءت ولا الثورة تحصلت.. وفي مصر تم اختطاف ثورة يناير، وعندما خرج الشعب لاستردادها دارت عجلة المصطلحات الثورية والانقلابية وسط حلم إنشاء جيش حر على خطى جيش النصرة السورية.. * وفي ليبيا صارت أخبار اختطاف الوزارات مألوفة دونما استثناء حتى وزارة الداخلية.. فيما يواصل التونسيون الحديث عن حملة (تمرد) تونسية وسط مخاوف من تزايد أشكال الاندفاع إلى المجهول بالدعوة إلى حل المجلس التأسيسي استدعاء للحالة المصرية. * ولا أمل يرتجى من أمريكا والغرب في الاستماتة دفاعاً عن ثورات الربيع المزعوم، والسبب المثير للكوميديا السوداء اكتشاف الولاياتالمتحدةالأمريكية فجأة أخطار سلاح جبهة النصرة في سوريا، واكتشاف فرنسا أن السلاح الذي قدمته للقضاء على القذافي يعمل في مالي ضد الفرنسيين أنفسهم..!!