انتقالي رضوم يحيي حفلاً تأبيناً للفقيد سالم عوض قسيبة    انتقالي وادي حضرموت يناقش مع هيئة الاستثمار جهود تحسين بيئة الاستثمار في الوادي    السقاف يبحث مع نائب وزير الأوقاف سُبل تعزيز التعاون المشترك    رئيس كاك بنك يعزي بوفاة المغفور له "أحمد الجبيلي" مدير فرع البنك بشبوة    وفاة برلماني يمني وشيخ قبلي بارز    "وثيقة" سلطات ذمار تضيق على مصانع البلك وتشترط ترخيص لكل عملية بيع    صباح الخير ايها الاباء المقهورين على ضياع مستقبل اولادكم    نهب شركات الصرافة تجاوز كل الحدود    إلى الإنسان عمار المعلم..    إلى الإنسان عمار المعلم..    شكرًا لكم يا أصدقائي    الخطر القادم من العملة المزورة    750 طناً من السلاح الإيراني.. الحوثيون يحضرون لجولة حرب جديدة    السلطة المحلية بمحافظة شبوة تعزي المحافظ اللواء العولقي بوفاة الشيخ محمد عوض الطوسلي    السعودية تواجه العراق وقطر مع الإمارات في الملحق الآسيوي المؤهل لكأس العالم    (نص + فيديو) كلمة قائد الثورة حول اخر المستجدات 17 يوليو 2025    صنعاء تحذر من حسابات تروج لبيع ارقام سيارات!    الثقافة تستعد لإعادة تأهيل حصن القشلة بكوكبان المحويت    السيد القائد يدعو لخروج مليوني غدا نصرة للشعب الفلسطيني    يامال بين قدوته نيمار وإرث القميص رقم 10    محافظ المهرة يبحث مع القيادات السياسية تعزيز التماسك المجتمعي والتصدي لمحاولات زعزعة الأمن    تعز .. إرتفاع حالات الاصابة بالامراض الوبائية وتسجيل حالات وفيات    كالكاليسيت : اغلاق ميناء "ايلات" له تبعات تتجاوز الربح والخسارة!    مشروع قانون أمام الكونغرس لتصنيف "الإخوان المسلمين" منظمة إرهابية    مصر تعوض إنسحاب الامارات في كأس الخليج لكرة القدم    محتجون يقطعون شارع حيوي وسط مدينة تعز والأمن يطلق النار لتفريقهم    خبير في الطقس يتوقع هطولات مطرية متفاوتة الغزارة على مناطق واسعة من المحافظات اليمنية    الأمانة العامة تكرم المعلمين المتميزين والطلاب المبتكرين في محافظة لحج    اسباب وعلاج الذبحة الصدرية    الشرطة العسكرية بالمكلا تبدأ المرحلة الثانية من العام التدريبي    "مأرب الجامع" يدعو لمعالجة انهيار العملة ويطالب برفع رواتب الجيش وتمثيل المحافظة بشكل عادل    وفاة وإصابة 52 شخصاً بحوادث مرورية في سمارة خلال العام الماضي    مجلس الوزراء: تزوير الحوثيين للعملة نسفٌ للتفاهمات الاقتصادية    المدرب عبدالله الكاتب يوضح .... تجربتي التدريبية في السعودية خطوة لتحسين وضعي وتعزيز قدراتي    مقتل وإصابة نحو 50 شخصا إثر حريق هائل التهم مركزا تجاريا في العراق    ضمائر حيّة لدى شبابنا: جندي جنوبي يرفض 15 مليون ريال صرفت له عن طريق الخطأ    عدن على صفيح ساخن: هل بدأ التحالف في إعادة ضبط العلاقة مع الجنوب؟    وفاة عريس ذماري بعد أيام من وفاة عروسه بحادث سير    عمرو دياب يحيي ثاني حفلات مونديال الرياضات الإلكترونية    تل أبيب تقصف دمشق وصواريخ الحوثي تغلق مطار وميناء إيلات    ويلبروك وجونسون يحصدان ذهب المياه المفتوحة    الحقوق والحريات… حجر الزاوية لاستعادة الدولة اليمنية    العلاج بالكيّ: هل تنجو الشرعية من مأزقها الاقتصادي..؟!    السفير محمد صالح طريق .. رحلة عطاء لا تنضب    مشرف حوثي يقتل طفلًا رمياً بالرصاص في الحوف    يوفنتوس يواصل البحث عن مهاجم جديد    قيادة انتقالي أبين تبحث مع مسؤولي زنجبار أوضاع المديرية    راشفورد يواصل البحث عن نادٍ جديد وسط اهتمام من برشلونة    سوق نجم الخامس بحوطة الفقية علي    اليمنيون يؤدون صلاة الاستسقاء في العاصمة صنعاء والمحافظات    خواطر سرية.. ( الشهداء يضعون الاختبار )    علماء الآثار الروس يستخدمون مسيرات تحت مائية لدراسة مدينة قديمة غارقة    بيع ختم يمني من ذهب الإلكتروم في مزاد بأمريكا    الفلفل الأسود بين الفوائد الغذائية والمحاذير الدوائية    فتاوى الذكاء الاصطناعي تهدد عرش رجال الدين في مصر    اسباب ارتفاع الضغط وعلاجه بلاعشاب    وزارة الأوقاف تعلن تدشين أعمال موسم الحج القادم    أخطاء شائعة في تناول الأدوية قد تعرض حياتك للخطر!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا نحتاج إلى «الفيدرالية» وماذا تعني بالضبط..؟!

كانت من أوائل الكلمات التي نطق بها ابني عُمر ذو العام والنصف هي كلمة «بح» بمعنى «اختفى أو غير موجود». كان هذا أمراً عادياً بل ومسلياً إلى أن أدركت لاحقاً أن هذه الكلمة مرتبطة في قاموس كلماته الصغير باللمبة أو إنارة المنزل المثبتة بالسقف. فأصبح لدى طفلي الصغير انطباع بأن الكهرباء ممكن أن تنقطع في أي لحظة وأن حاجة أساسية مثل الكهرباء غير مضمونة ويمكن في أي لحظة أن تصبح «بح». عندما أدركت هذه العلاقة شعرت بالحزن الشديد. أن ينشأ طفلي وكل الأطفال في اليمن في بيئة تعتبر فيها الأساسيات مثل الماء والكهرباء وحتى الأمن من الكماليات شيئاً محزناً بل ويدعو إلى الغضب، بالذات لأننا لسنا دولة فقيرة أو نفتقد إلى الكفاءات الوطنية التي يمكن أن تنفذ استراتيجيات تجعل من الكهرباء وغيرها من الاحتياجات الرئيسية متوفرة وليست «بح». من الأسباب التي يرددها الكثير من أصحاب «كلفوت» - الاسم الحركي لزعيم عمليات تدمير أبراج وخطوط الكهرباء وأنابيب النفط - أنهم يقومون بهذا من منطلق عليَّ وعلى أعدائي كرد فعل على السياسات التنموية الخاطئة التي تحرمهم من الاستمتاع مثلاً بالكهرباء في حين أن المحطة تقع في منطقتهم.
وبالرغم من أني لم أسمع هذا التبرير من أي منهم بصورة مباشرة ولا أدعّي أنني أعرف «كلفوت» هذا ولا أتعاطف معه إلا أنني أتفهم فكرة أن يُحرم الإنسان من شيء يعتبره مِلكَهُ ويرى غيره يستمتع به. وهذا ما يشعر به أيضاً الكثير من أبناء المحافظات الجنوبية، وقد سمعتهم بنفسي أكثر من مرة يشتكون من المركزية الشديدة والفساد في إدارة موارد البلاد الذي أوجد انهياراً اقتصادياً وحرمان الكثير من المحافظات الجنوبية من أبسط مقومات الحياة بالرغم من أن تلك المحافظات غنية بالموارد وكان يمكنهم إذا ما أُستُغِلّت بشكل سليم أن تُعَيِّشهم في رفاهية ورخاء. لذا كان لابد من حلٍ جذري يأخذ من صلاحيات الدولة المركزية ويضعها في أيدي المحافظات... وهنا يأتي دور الفيدرالية.
وبالرغم من أن خيار النظام الفيدرالي لازال إلى حد كبير مرفوضاً لدى الكثير من الجنوبيين على اعتبار أن خيارهم الأول هو استعادة الدولة أو فك الارتباط، إلا أن ما استغرب له حقاً هو رد فعل الكثير من اليمنيين في المحافظات الشمالية الذين يظنون أن النظام الفيدرالي يعني تقسيم اليمن والتشرذم والانفصال. أولاً لو كانت الفيدرالية معناها التفكيك والانفصال إذاً لكان من الأسهل أن يتم إعلان أكثر من دولة وليس كياناً واحداً: له اسم واحد، علم واحد، عملة واحدة، جيش واحد...إلخ.
من العبط أن يتم تضليل الرأي العام - الذي هو أذكى من أن يغرّر به البعض بهذه الطريقة الفجة - ويتم تسويق الفيدرالية على أنها تقسيم للبلد، ومن أجل أن أسهم بدوري في توضيح الأمر للرأي العام؛ جاءتني فكرة هذا المثال: لنتخيّل أن اليمن أسرة كبيرة ممتدة؛ فيها أبناء كبار ولديهم زوجات وأبناء، أي أحفاد، كلهم يعيشون في بيت واحد، ولنفترض على سبيل المثال أن رب هذا البيت، أي الأب الكبير أو الجد، في نهاية كل شهر يجمع رواتب الأبناء التي يحصلون عليها من عملهم الخاص ليصرف منها على البيت الكبير، كما أن هذا الأب يتدخّل في كل صغيرة وكبيرة ويتحكّم في شؤونهم الخاصة والعامة إلى درجة مزعجة؛ وعلى مدى سنوات طويلة كان هذا الأب يأخذ أموال الأبناء ليشتري بها مصاريف البيت وبعض الأثاث ويتخذ القرارات نيابة عنهم بشكل ديكتاتوري، ولم يكن عادلاً في أي شيء؛ لذا قرّر بعض الأبناء المتضرّرين من هذا الوضع التمرُّد؛ بل هددوا بالخروج من البيت، وبعد أخذٍ ورد وحوار لمدة عشرة أشهر تخلّله الكثير من النزاعات؛ توافق الجميع على أن يستمروا في العيش تحت سقف واحد بحيث يستقل كل ابن من الأبناء بشكل نسبي في قراراته ويتحكم بجزء كبير من دخله، واتفقوا أن تُتَخذ القرارات التي تؤثّر على جميع من في البيت بطريقة تشاركية بين الجميع، أما بالنسبة للقرارات الخاصة بعائلاتهم الصغيرة فهي من شأنهم، وفي نفس الوقت يشارك جميع الأبناء بمصروف البيت الكبير بحيث تذهب هذه الأموال إلى إيجار المنزل والفواتير بشكل عام ولمساعدة الأبناء العاطلين عن العمل أو أصحاب الدخل المحدود حتى ينعم الجميع بعيش كريم، وهكذا هي الفيدرالية التي يمكن تشبيهها بالطريقة التي قرّر أصحاب المنزل التعايش مع بعضهم البعض من خلالها لكي ينعموا بالاستقرار والخصوصية ورفقة بعضهم البعض كعائلة واحدة.
إنني أحلم بيمن جديد ينعم أبناؤه بلا استثناء بالعدالة والمواطنة المتساوية، وإذا كان النظام الفيدرالي هو الحل لتحقيق هذا في ظل الظروف والمعطيات التي نعيشها الآن؛ فكان بها.
أريد حياة مستقرة لابني عُمر ولكل أطفال اليمن بحيث لا يقلقون من انقطاع الكهرباء أو أي من مقوّمات الحياة الأساسية؛ بل يشعرون أنهم يعيشون في بلدةً طيبةً يعبدون فيها رباً غفوراً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.