الانهيار الكارثي للريال اليمني: أزمة تهدد وجود المواطنين    القوة الأسيوية والطموح النازي الغربي    "صالح" أم الإخوان.. من أسقط اليمن في الفوضى؟    مبعوث أمريكا يهدد لبنان: تسليم سلاح حزب الله أو ضمكم لسوريا    السكان يضربون 5 لصوص حتى الموت    إيجا تُدخل بولندا قوائم أبطال ويمبلدون    تاريخ مواجهات تشلسي وسان جيرمان قبل مواجهتهما بنهائي كأس العالم للأندية    سلطة شبوة تفتقد للوفاء والإنسانية ... مات الدكتور الصالح دون اهتمام    حقيبة "بيركين" الأصلية تسجل أغلى حقيبة يد تباع في التاريخ، فكم بلغت قيمتها؟    بعد 98 عاما.. بريطانيا تكسب «زوجي» ويمبلدون    اقرار دولي بمشروعية العمليات اليمنية في البحر الاحمر    عقوبات تنتظر الهلال حال الانسحاب من السوبر    - بلاغ من سكان صنعاء للضبط المروري بشأن إزعاج الدراجات والسيارات المعدّلة    - جريمة مروعة في محافظة إب: طفلة بريئة تتعرض للتعذيب على يد خالتها وزوجة أبيها    لقاء سوري إسرائيلي مرتقب في اذربيجان    ما وراء الكواليس: تفكيك لغز الصراع اليمني    يا بن بريك.. من لا يملك حلاً فعليه أن يتنحّى    عُهرٌ سياسيٌ بذاكرةٍ مثقوبة.. من الذي لم يَفعل..!    خبير انواء جوية يتوقع هطول أمطار غزيرة على المرتفعات وامتدادها إلى اقصى شرق البلاد    باقزقوز يهاجم الحارس القضائي ويطالب بإيقافه وتسليم مهامه إلى لجنة حكومية    تغاريد حرة .. عصر فاقد للوعي والموقف والضمير    صنعاء .. البنك المركزي يكشف مواصفات العملة المعدنية الجديدة    ألكاراز يتأهل إلى نهائي ويمبلدون للمرّة الثالثة توالياً    مودريتش لريال مدريد: إلى لقاء قريب    الحكومة تحمل الحوثيين مسؤولية جريمة العرسوم بتعز وتدعو المجتمع الدولي لإدانتها    استشهاد 27 فلسطينياً برصاص الاحتلال الاسرائيلي قرب مركز مساعدات رفح    إدارة المبادرات المجتمعية في إب تتسلم خزان مياه للشرب في ذي السفال    -    حركة الجهاد : الاستنزاف والوقت في صالحنا ..!    سعر الدولار في عدن وحضرموت اليوم السبت 12يوليو 2025    نيوكاسل الانجليزي يعلن تعاقده مع إيلانغا في صفقة ضخمة    رئيس الوزراء يدشن الجولة الأولى من الحملة الوطنية الطارئة للتحصين    الرئيس الزُبيدي يُعزّي بوفاة المناضل اللواء محمد بن محمد عسكر    خاطرة عن الفضول في ذكراه    شيرين وفضل شاكر في دويتو غنائي جديد    متوسط أسعار الذهب في صنعاء وعدن السبت 12 يوليو/تموز 2025    وسط تحذيرات من انهيار الوضع الصحي.. تزايد حالات الإصابة بالأوبئة في ساحل حضرموت    بيان نقابي صادر عن نقابة المعلمين والتربويين الجنوبيين بساحل حضرموت    بيان صادر عن القيادة المحلية للمجلس الانتقالي الجنوبي بمحافظة المهرة    اليوم بعدن.. انطلاق الجولة الأولى من الحملة الوطنية الطارئة للتحصين ضد مرض شلل الأطفال    - صاعقة تضرب منزلًا في عمران وتحذيرات لسكان الأرياف من مخاطر البرق*     الريال يلفظ أنفاسه الأخيرة في عدن    "إشهار الإفلاس" من قبل "عمائم على بهائم،.. فسبحان الحي الدايم"    قمة أوروبية في نهائي مونديال الأندية    الضالع.. عناصر أمنية تعبث بموقع أثري وتطلق النار على فريق من مكتب الآثار بالمحافظة وتمنعه من الدخول    القبض على عنصرين متورطين في 3 تفجيرات بعدن    "الأيروجيل".. إسفنجة شمسية تحول ماء البحر إلى عذب من دون طاقة    مات كما يموت الطيبون في هذا البلد..!    اليابان تطور أول رحم اصطناعي كامل.. نحو مستقبل بلا حمل ولا ولادة تقليدية    العثور على كنز أثري مذهل يكشف أسرار ملوك مصر قبل الأهرامات    العثور على نوع جديد من الديناصورات    عن بُعد..!    آلام الظهر أزمة عصرية شائعة.. متى تحتاج للطبيب؟    يهودي من أبوين يهوديين.. من هو الخليفة أبو بكر البغدادي؟    أين علماؤنا وفقهاؤنا مع فقه الواقع..؟    العام الهجري الجديد آفاق وتطلعات    (نص + فيديو) كلمة قائد الثورة بذكرى استشهاد الإمام الحسين 1447ه    عاشوراء.. يوم التضحية والفداء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



21 فبراير ميلاد اليمن الاتحادي
نشر في يمن فويس يوم 22 - 02 - 2020

عنواين عدة تصلحُ لهذه المناسبة، لكن يبقى مشروع اليمن الاتحادي الديمقراطي هو محور هذه المناسبة وغايتها. إنها مناسبة تولي فخامة المشير، المناضل: عبدربه منصور هادي رئاسة اليمن، التي تصادف 21 فبراير 2012. السؤال وإن اختلفت صيغ طرحه: ما الذي يمثله هذا التاريخ من مثلٍ وقيمٍ سياسيةٍ حديثة لليمن؟
باعتقادي ، خلال محاولتنا تناول هذ الموضوع، سوف تتشكل القيم والمفاهيم السياسية التي تمثلها هذه المناسبة.
إننا نروم في المقام الأول أن نستعرض أبرز المحطات لانتخاب الرئيس المشير: عبد ربه منصور هادي، ودلائلها السياسية كي نَبسُطَ للقارئِ اليمني المفارقةَ بينَ القيمِ السياسيةِ المثلى للحادي والعشرين من فبراير 2012- التي يحملُ مشعلها ويتبناها فخامة الأخ/ المشير الرئيس هادي- وأعباءُ الواقع اليمني الذي أنتجتهُ عقودٌ من الهيمنةِ العصبية والصراعاتِ المركبَة التي تُحاولُ إعاقةَ تحويل قيم ومُثُلِ هذه المناسبة إلى واقعٍ سياسيٍ وديمقراطيٍ جديد.
فالحادي والعشرون من فبراير 2012، مثًلَ بداية تدشين مرحلة جديدة لليمن، يتم خلالها نقد ومعالجة الواقع السياسي والاجتماعي اليمني من منظور تصحيحي تمهيدًا للولوج الى مرحلة تالية محورها اليمن الاتحادي وغايتها الديمقراطية والشراكة الوطنية . كما عبرت هذه المناسبة عن رغبة اليمنيين بالتغييرِ وبناء اليمن الديمقراطي الحديث وعكست تطلعاتهم ومطالبهم التي صدحت بها حناجرهم خلال ثورة 2011 ولسان حالها الشعب يريد بناء يمن جديد قائم على دولة النظام والقانون ومؤسسات سياسيةٍ ديمقراطية.
لقد اُنْتُخِبَ المشير هادي في هذا التاريخ، ويعتبر الرئيسُ الثاني للجمهوريةِ اليمنية التي كان عمرها أنذاك إثنان وعشرون عاما، ورثَ عن الحقبة السياسية لسلفه إرثاً ثقيلا من المشاكل -السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية- المتراكمة لعقود. كما أن اليمنَ- بشطريه- قبل الوحدة اتسمَ باللا استقرار السياسي، أنتجَ هذا اللاستقرار صراعات وحروب (مذهبية، قبلية ومناطقية). تركت هذه الصراعات آلآماً على جسدِ اليمن. ولأن هادي هو ذلكَ -المناضل والقائد- الذي خَبَرَ الواقعُ السياسي لبلده، البلد الذي تتقاذفه عواصف داخلية عاتية، فقد أبدى رغبةً في تحديثِ اليمن ونظام الحكم، منذُ اليوم الأول لتسلمهِ مقاليد السلطة.
ومن أجل إخراج اليمنيين من أزمتهم السياسية المزمنة ومن الصراعات التي تتقاذف بلدهم، شرعَ المشير هادي إلى مقاربةِ هذه الأزمة مقاربة دستورية لنقلِ اليمن من النهج التصارعي - القائم على الرقص على رؤوس الثعابين- إلى المنهج الديمقراطي التشاركي.
وفي هذا السياق، طرح هادي على طاولة اليمنيين الأسئلةَ والمشاكلَ التي أعاقت بناء دولتهم الحديثة، فجمعَ بحكمتهِ اليمنيينَ على طاولةِ الحوار الوطني، الذي شاركت فيه كل القوى- السياسية، المدنية والدينية- الفاعلة على الساحة اليمنية. ولأن إيجاد الدواء يبدأ بتشخيص الداء، فقد وقفتْ تلكَ القوى على محددات اللاستقرار باليمن، بهدف البحث عن إجاباتٍ للأسئلةِ وحلولاً للمشاكلِ التي أعاقتْ بناءَ اليمن الحديث. تٌرجمت هذه الإجابات والحلول من قبل فريقٍ من الخبراء القانونيين إلى صيغٍ دستوريةٍ حداثية في مسودة دستور جديد ليمنٍ إتحادي تشاركي.
أراد المشير عبد ربه منصور هادي بفضل نفاذَ بصيرته -من خلال هذا العمل السياسي العظيم - تحويل قاعدة الحكم في اليمن القائمة على فكرة الهيمنة العصبية لما قبل 2012 إلى القاعدة القائمة على الديمقراطية التشاركية، كما أرادَ نقل وظيفةَ الدولةِ القائمة على المركزية الشديدة نحو الدولة القائمة على المشاركة السياسية في الحكم والإدارة وخدمة المجتمع في أي مستوى من مستويات الحكم في الدولة الاتحادية .
وفي هذا الإطار، وفقَ فخامة المشير عبد ربه منصور هادي في معالجة القضية الجنوبية وفقَ مقاربةٍ دستورية تشاركية بعد أن ظلَ النظام السابق يتعامل معها كمطالب لا تعدُ كونها مطالبَ اجتماعية.
لكن، تلك الطموحات العظيمة والمبادئ السامية في بناء يمن ديمقراطي إتحادي واجهتها إكراهات جمة. تمثلت بعدم رغبة القوى المتنفذة على مسايرة تلك الطموحات. فتحالفت نوازع الفكر القبلي مع نوازع الفكر السلالي. كان نتاج هذا التحالف - الشنيع- انقلاب على حلمِ اليمنيين في بناء اليمن الاتحادي الحديث. شرعَ هذا الانقلاب باجتياح المدن. فكان له أثاره المدمرة على موسساتِ الدولة وواقع الشعب اليمني المعيشي. واستهداف شخص الرئيس ورمزيته بوضع فخامة الرئيس وحكومته قيد الإقامة الجبرية. ورغم إدراك المشير هادي بالمخاطر المحدقة بحياته وأعضاء حكومته، إلا أنه أبدى مقاومة وجسارة منقطعة النظير في رفضِ المشروع الانقلابي، إيمانا منه بالمشروع الحداثي الذي يحمله لليمن. وفي هذا المقام علينا أن نتذكر مقولته التي رددها أنذاك:"لن أتوانَ في بذل دمي من أجل اليمن".
كما أن فخامة رئيس الجمهورية المشير عبد ربه هادي بفضل شكيمته، وانطلاقا من مسؤولياته الدستورية، تصدى لهذا المشروع السلالي الحالمُ بالهيمنة، والمدعوم من إيران -الأمة الفارسية- التي تخفِ يوما حقدها الدفين على الأمة العربية. وجدت إيران في مليشيات عربية -كمليشيات الحوثي وحزب الله- غايتها، للنيل من أمتنا. أمام هذا الخطرَ المحدقَ بالأمة، لاسيما بعد أن صرحَ ملالي إيران بأن صنعاء- العاصمة العربية الرابعة-سقطتْ بيد إيران، اضطرَ لطلب ِ العون من أشقائه، فكانت عاصفة الحزم، بقيادة -الشقيقة الكبرى- المملكة العربية السعودية ومشاركة عشرات من الدول العربية. فكان من ثمارِ عاصفة الحزم- الملهمة لضمائر الأمة العربية- وشجاعة المشير عبد ربه منصور هادي تحرير معظم جغرافية اليمن من المليشيات الإنقلابية. رافقتها حزمة من الإنجازات في المناطق المحررة، منها على سبيل المثال: عودة الحكومة الشرعية للعمل من العاصمة عدن، كما تم نقل مقار أهم المؤسسات الاقتصادية- مالية و نقدية- والخدمية لللعمل من العاصمة عدن، كذلك تم التوقيع على اتفاقية إنشاء محطة غازية وطنية لتوليد الكهرباء في العاصمة الموقتة عدن
وحرصا من الرئيس هادي وإدراكا منه بأن السلام والاستقرار يفضيان إلى الازدهار الاقتصادي والفكري، شكلَ الفريقَ تلو الفريق للتفاوض مع الجماعة الانقلابية الحوثية بهدف إنهاء الإنقلاب وتحقيق السلام المستدام. كان آخرها اتفاق استوكهولم التي راوحَ مكانه بسبب تعنت الملليشات القادمة من كهوف التاريخ والواهمة بإعادة عجلة التاريخ للوراء.
وإيمانا منه وقناعة ببناء اليمن الاتحادي، ما فتءَ يؤكد في كل مناسبة بأن الشعب اليمني لن يستسلم لاستبداد الأقليات السلالية والرجعية، ففكرها وحكمها قد تجاوزه الزمن، ولا أمل لها بالهيمنة على أرض اليمن. فهيهات للقوى الظلامية على اختلاف نِحَلِها أن تحجبَ نور الحرية الذي سطعَ بالحادي والعشرين من فبراير 2012.

*وزيرة الشؤون القانونية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.