السلطة المحلية بمارب توجه بتحسين الأوضاع العامة بالمحافظة    صحيفة بريطانية تفجر مفاجأة.. الحوثيون دعموا تنظيم القاعدة بطائرات مسيرة    الرئيس الزُبيدي ينعي المناضل محسن أبوبكر بن فريد    قناص اسرائيلي شارك في حرب غزة يستفز طلاب جامعة جوروج واشنطن المتظاهرين وهكذا كانت ردة فعلهم    بيان حوثي بشأن إغلاق مكتب قناة الجزيرة    الوكيل الحسني يطلع على سير اعمال مشروع إعادة تاهيل الشارع العام مدخل مدينة الضالع    ها نحن في جحر الحمار الداخلي    افتتاح دورة مدربي الجودو بعدن تحت إشراف الخبير الدولي ياسين الايوبي    الحبيب الجفري ناعيا الشيخ بن فريد.. أكثر شيوخ القبائل والساسة نزاهة في بلادنا    خصوم المشروع الجنوبي !!!    قيادي حوثي يعاود السطو على أراضي مواطنين بالقوة في محافظة إب    سر خسارة برشلونة لكل شيء.. 270 دقيقة تفسر الموسم الصفري    الدوري الانكليزي: خماسية صارخة لتشيلسي امام وست هام    مجلس القضاء الأعلى يقر إنشاء نيابتين نوعيتين في محافظتي تعز وحضرموت مميز    إنعقاد ورشة عمل حول مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب مميز    تنفيذي الإصلاح بالمهرة يعقد اجتماعه الدوري ويطالب مؤسسات الدولة للقيام بدورها    بعد رحلة شاقة امتدت لأكثر من 11 ساعة..مركز الملك سلمان للإغاثة يتمكن من توزيع مساعدات إيوائية طارئة للمتضررين من السيول في مديرية المسيلة بمحافظة المهرة    الإصلاح بحضرموت يستقبل العزاء في وفاة أمين مكتبه بوادي حضرموت    تقرير يكشف عن توقيع اتفاقية بين شركة تقنية إسرائيلية والحكومة اليمنية    بخط النبي محمد وبصمة يده .. وثيقة تثير ضجة بعد العثور عليها في كنيسة سيناء (صور)    ماذا يحدث داخل حرم جامعة صنعاء .. قرار صادم لرئيس الجامعة يثير سخط واسع !    أمريكا تغدر بالامارات بعدم الرد أو الشجب على هجمات الحوثي    عندما يبكي الكبير!    غدُ العرب في موتِ أمسهم: الاحتفاء بميلاد العواصم (أربيل/ عدن/ رام الله)    حادث تصادم بين سيارة ودراجة نارية على متنها 4 أشخاص والكشف عن مصيرهم    الحكومة تجدد دعمها لجهود ومساعي تحقيق السلام المبني على المرجعيات    أطفال يتسببون في حريق مساكن نازحين في شبوة بعد أيام من حادثة مماثلة بمارب    اشتباكات بين مليشيا الحوثي خلال نبش مقبرة أثرية بحثًا عن الكنوز وسط اليمن    نجوم كرة القدم والإعلام في مباراة تضامنية غداً بالكويت    أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الريال اليمني في صنعاء وعدن    كارثة وشيكة في اليمن وحرمان الحكومة من نصف عائداتها.. صندوق النقد الدولي يدق ناقوس الخطر    ماذا يحدث في صفوف المليشيات؟؟ مصرع 200 حوثي أغلبهم ضباط    ثعلب يمني ذكي خدع الإمام الشافعي وكبار العلماء بطريقة ماكرة    قطوف مدهشة من روائع البلاغة القرآنية وجمال اللغة العربية    الحرب القادمة في اليمن: الصين ستدعم الحوثيين لإستنزاف واشنطن    كيف تفكر العقلية اليمنية التآمرية في عهد الأئمة والثوار الأدوات    المشرف العام خراز : النجاحات المتواصلة التي تتحقق ليست إلا ثمرة عطاء طبيعية لهذا الدعم والتوجيهات السديدة .    الحوثيون يزرعون الموت في مضيق باب المندب: قوارب صيد مفخخة تهدد الملاحة الدولية!    شيخ حوثي يعلنها صراحة: النهاية تقترب واحتقان شعبي واسع ضد الجماعة بمناطق سيطرتها    أرسنال يفوز من جديد.. الكرة في ملعب مان سيتي    دعاء يغفر الذنوب والكبائر.. الجأ إلى ربك بهذه الكلمات    مارب.. تكريم 51 حافظاً مجازاً بالسند المتصل    مأرب تغرق في الظلام ل 20 ساعة بسبب عطل فني في محطة مأرب الغازية    الدوري الاسباني: اتلتيكو مدريد يفوز على مايوركا ويقلص الفارق مع برشلونة    يا أبناء عدن: احمدوا الله على انقطاع الكهرباء فهي ضارة وملعونة و"بنت" كلب    الثلاثاء القادم في مصر مؤسسة تكوين تستضيف الروائيين (المقري ونصر الله)    #سقطرى ليست طبيعة خلابة وطيور نادرة.. بل 200 ألف كيلومتر حقول نفط    صندوق النقد الدولي يحذر من تفاقم الوضع الهش في اليمن بفعل التوترات الإقليمية مميز    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    تعز مدينة الدهشة والبرود والفرح الحزين    أفضل 15 صيغة للصلاة على النبي لزيادة الرزق وقضاء الحاجة.. اغتنمها الآن    بالفيديو.. داعية مصري : الحجامة تخريف وليست سنة نبوية    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    ناشط من عدن ينتقد تضليل الهيئة العليا للأدوية بشأن حاويات الأدوية    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سيل العرم وسد مارب القديم..تساؤلات الإنهيار الكبير..! (الحلقة الثالثة)
نشر في يمن فويس يوم 08 - 03 - 2022

مثل انهيار سد مارب قديماً، في المصادر التاريخية وعند الإخباريين العرب، حدثاً مزلزلاً ومحطة تاريخية فاصلة ليس في تاريخ اليمن وحسب بل في التاريخ العربي كله، فزيد في الحدث ونقص، ونسجت الروايات المختلفة للحدث حتى تداخل غثها في سمينها، وصار الغث منها والأساطير هي الطاغي الأكبر على الأصل دون تمحيص وروية، ولم يدون الحدث في المصادر المادية كالنقوش المشندي والآثارية التي تعتبر أهم الدلائل المادية والشواهد التاريخية على ذلك. وفي هذه الدراسة إعادة تمحيص لكتابة تاريخ ذلك الحدث، وتفنيد الكثير من الروايات التاريخية والأساطير الملفقة لنصل إلى الحقيقة.
تسمية العرم:
بإلقاء نظرة جوية على جبلي السد عن يمين وشمال سنجد أنه أشبه بحاجب وسد جبلي طبيعي منتهى سلسلة الجبال الغربية والشمالية الغربية وبداية السهل والصحراء، جعلت وسطها ثغرة بشكل ميزاب إذا سدت كونت بحيرة طبيعية. هذا الحاجب الحاجز من خلال صفته فهو يشبه "العُرْم" وربما جاءت التسمية من هذه الصفة المكانية والجغرافية. ففي اللغة اليمنية القديمة، والتي ما زالت محكية الى اليوم، فإن كثيراً من مناطق اليمن تسمي حاجب العين "عُرْماً"..(أنظر الصورة رقم1). وكثيرة هي المناطق في اليمن التي تسمى "العُرْم" من مناطق جبلية ومنها منطقة العرم بين شبوة وأبين مثلاً. وغالباً تطلق التسميات عند اليمنيين على الأماكن من خلال صفاتها وواقع حالها. "ويقال للسد (عرمن) في العربيات الجنوبية، أي: العرم، فلفظة (العرم) تعني السد عند اليمانيين القدماء، ولم تكن علماً على سد معين، أعني سد مارب. وقد وردت في القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿فأرسلنا عليهم سيل العرم﴾"( ). ذهبت عدة تفسيرات لمسمى "العرم" في القرآن، فمن قائل أنه لفظ يماني يطلق على السيل الكبير، ومن قائل بأنه الحاجب وهو السد، ومن قائل هو اسم السد، ومن قائل إنه اسم المنطقة والجبل القائم عليها السد. ونجد في لسان العرب لابن منظور أن للفظ عدة معانٍ وأوصاف كلها تنطبق على حال سد مارب، فهو يعني السد، ويعني الحاجز، ويعني الوادي، واسم من أسماء الجرذ، وهو المسناة (ثغرة جبل، ثغرة الشيء)، والشديد، والكثير، والسيل، والمُزارِع، و..إلخ. وأنشد بن بري للجعدي:
من سبأ الحاضرين مارب إذ يبنون من دون سيله العرما( ).
ويبدو تعاضد كل هذه الألفاظ التعريفية لمكان واحد هو الذي غلّب رواية أن سيل العرم تم إسقاطه على السد. فالنقوش السبئية تسمي السيل الجارف" ذ ع ب ن"، كما في نقش (JA735) الذي يؤرخ بسنة تبع كرب بن ودد إل بن كبر، ويتحدث عن أمطار غزيرة وسيول جارفة في مارب( )، ويعود للقرن الثالث الميلادي في عهد الملك نشأ كرب يأمن يهرجب. من خلال التاريخ القديم لإنشاء السد، كما دونته النقوش، لم تذكر نقوش ما قبل الميلاد اسم "العرم" على السد، وإنما ظهرت التسمية بنقوش ما بعد الميلاد، مثل نقش (GAM 671) أو نقش أبرهة الحبشي فقط. يقول نقش GAM: "بكن/ ثبرت/ عرمن" أي: عندما تصدع العرم (السد). والنقش -في مجمله- يتحدث عن عملية إصلاح سد مارب في عهد الملكين ثأران يهنعم وابنه ملكي كرب يأمن في منتصف القرن الرابع الميلادي..والعرم والعريم هو الحاجز في لهجة أهل اليمن اليوم( ).
لم نجد هذه التسمية (العرم) في النقوش السبئية الأولى، لكننا وجدناها في النقوش السبأية المتأخرة والتي تسمى بالفترة الحميرية، مما يعني أن لفظ "العرم" حميري مستحدث، وسمي السد باسمه لاحقاً في الفترة الحميرية، وهذه إشارة هامة على أن سيل العرم حدث في الفترة الحميرية المتأخرة. بدأت تسمية السد بالعرم مع بداية القرن الرابع الميلادي في عهد الملكين ثاران يهنعم وابنه ملك كرب يهأمن، ورد ذلك في نقش الملكين السابقين والمرموز له ب(JA 671 =MaMB 294 )، ثم بعد ذلك تكررت التسمية في نقش شرحبئيل يعفر وما بعد ذلك من النقوش إلى العهد الأخير لأبرهة الحبشي. كما إن تسمية "العرم" ليست عامة على كل سد من سدود اليمن المختلفة وإنما اسم خاص بسد مارب، والذي كان قبل الميلاد يسمى سد "ر ح ب م" (رحاب)، وهذه دلالة أخرى على أن السيل فعلاً كان مسلطاً على سد مارب دون غيره من السدود، وهو المهدد دائماً بالانهيار جراء السيول المتدفقة.
وقد جاء في نقش أبرهة الحبشي، الذي جدد فيه بناء السد سنة 658ح= 543م اسمه (عرن) وليس عرم، ومعلوم عملية إبدال الحروف في لهجات اليمن بين الميم والنون، فيسمى أحيانًا "عرم" وأخرى "عرن"، أو أنه قد سقط حرف الميم عن الناقل أو انمحى أثره ويعني (ع ر م ن) كما هو الاسم في نقش GAM 761. مع أن "العرن" يقصد به أحياناً (الحصن)، كما جاء في نقش RES 2633 وCIH 621 الذي يتحدث عن ترميم "ع ر ن/ م و ي ت" (حصن ماوية) في شبوة قديما والذي يسمى اليوم بئر علي( ). وأياً تكن التفسيرات لهذا اللفظ، ولو افترضنا أيضاً صحة إسقاطها على السد والسيل معاً، فإننا لا نستطيع تجاوز وتغافل الأدلة المادية أن السد تهدم بالسيل لحوالي ثماني مرات أو تزيد، وأن الخراب كان محدوداً للغاية، وبقيت البلاد عامرة بأهلها ولم يهاجروا بشكل كلي.
وكما هو الحال والوضع والتساؤل الذي يتكرر في كل مرة: لم تذكر تلك النقوش هجرات كبيرة، وعلى أي عهد منها يمكن أن نسقط تلك الهجرات والسيل المخصص في القرآن؟! فهل في كل سيل من تلك السيول التي هدمت السد يمكننا أن نطلق عليه نفس التسمية (العرم)؟! لتحليل اللفظ الوارد في القرآن الكريم فإن اللفظ "سيل" كان نكرة، لكن بإضافته إلى معرفة وهو (العرم) يصير معرفة لا نكرة، و"العرم" هنا اسم معرف أيضاً للسد لا صفة للسيل، بل إن السيل هو المضاف لهذا "العلم"، وبالتالي فإن "العرم" هو اسم للمكان الذي انطلق منه السيل أو الذي جرفه السيل مثلاً.
وإذا كان الاسم معرفاً فإنه يكون مقصوراً وأكثر تمييزاً وتحديداً للأشياء وعلى استعمال اسم بعينه، بعكس التنكير الذي يكون مبهماً ومفتوحاً على كثير من التأويلات والاستعمالات. *رئيس المركز اليمني للدراسات التاريخية والاستراتيجية (يمان)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.