علي ناصر محمد ... وسؤال ماذا يجري من وراء الكواليس !!!    هل أصبحت إيران أقرب لدول التحالف العربي من شعب الجنوب العربي    بن ثابت العولقي: الضالع بوابة الجنوب وقلعة الثورة والمقاومة    البنك المركزي يشرعن جرائم إنهيار سعر الريال اليمني    الحوثيون يفرضون صلاة الظهر ويمنعون خطبة الجمعة... جرائم طائفية جديدة في مساجد المحويت!    خارج اليمن ام داخله...غموض يلف مصيرَ عبد الملك الحوثي: غياب مُريبٌ منذُ 10 أعوام!    ميثاق شرف لإنهاء الثارات القبلية في مناطق الصبيحة بمحافظة لحج    القاء القبض على مدير مكتب الزراعة بعد الفضيحة الحوثية وإدخال المبيدات الإسرائيلية المحظورة    الروتي في عدن: صراع بين لقمة العيش وجشع التجار    بالصور والأدلة.. معلومات مؤكدة تكشف كذب جماعة الحوثي بعدما زعمت أمس تنفيذ 3 عمليات ضد السفن!    ناطق قوات طارق صالح يرحب بقرار محكمة العدل الدولية بوقف هجوم إسرائيل على رفح    "وكيل وزارة العدل: الحوثي لا يزال مجرم حرب رغم إعلان الإفراج"    شاهد: مراسم تتويج الهلال بلقب الدوري السعودي    34 تحفة من آثار اليمن مهددة للبيع في مزاد بلندن    السد يتوج بطلاً لكأس أمير قطر    الامتحانات وعدالة المناخ    الهيئة العامة لحماية البيئة تشكو من تدخلات وزارة الزراعة في رقابتها على مبيدات الصحة وتكشف عدم التنسيق معها    غموض يكتنف وفاة الطفلة حنين القطوي بعدن: لا أدلة على الانتحار    ترحيب عربي ودولي بقرار "العدل الدولية" وقف الهجوم على رفح ومطالبات بتطبيقه فورا    مليشيات الحوثي تصدر بيانا بشأن منعها نقل الحجاج جوا من مطار صنعاء إلى السعودية    السعودية تعلن عن الطرقات الرئيسية لحجاج اليمن والدول المجاورة للمملكة للتسهيل على ضيوف الرحمن    كيف يزيد الصيف أعراض الربو؟.. (نصائح للوقاية)    حملة طبية مجانية في مأرب تقدم خدماتها لأكثر من 839 من مرضى القلب بالمحافظة    انهيار جنوني لأسعار الصرف وقفزة سريعة وجديدة للسعودي والدولار أمام الريال اليمني مساء اليوم الجمعة    يامال يودع تشافي على طريقته الخاصة    استشهاد وإصابة 4 مدنيين بانفجار لغم من مخلفات المليشيات غربي تعز    رئيس تنفيذي الإصلاح بحجة: الوحدة نقطة تحول مهمة في تأريخ اليمن الحديث    وزير المياه يناقش آلية التنسيق والتعاون مع مجموعة المانحين الرئيسيين لليمن    قرارات مفاجئة لنجمين في الهلال والنصر السعوديين قبل النهائي    مانشستر يونايتد يقرر إقالة إيريك تن هاج    عالم يرد على تسخير الإسلاميين للكوارث الطبيعية للنيل من خصومهم    الفن والدين.. مسيرة حياة    عن طريق أمين جدة السعودية.. بيع عشرات القطع الأثرية اليمنية في لندن    أحدث ظهور للفنان ''محمد عبده'' بعد إصابته بالسرطان.. كيف أصبحت حالته؟ (فيديو)    احباط تهريب 213 شخصًا من اليمن ومداهمة أوكار المهربين.. ومفاجأة بشأن هوياتهم    بصعوبة إتحاد النويدرة يتغلب على نجوم القرن و يتأهل إلى نصف النهائي    دورة الانعاش القلبي الأساسي للطاقم الطبي والتمريضي بمديرية شبام تقيمها مؤسسة دار الشفاء الطبية    الدوري الايطالي ... سقوط كالياري امام فيورنتينا    تصحيح التراث الشرعي (32) أين الأشهر الحرم!!؟    المهندس "حامد مجور"أبرز كفاءات الجنوب العربي تبحث عنه أرقى جامعات العالم    السعودية تقدم المزيد من الترضيات للحوثي    إعلان سعودي رسمي للحجاج اليمنيين القادمين عبر منفذ الوديعة    رونالدو يفاجئ جماهير النصر السعودي بخطوة غير مسبوقة والجميع ينتظر اللحظة التاريخية    نجل القاضي قطران: والدي معتقل وارضنا تتعرض للاعتداء    منارة أمل: إنجازات تضيء سماء الساحل الغربي بقيادة طارق صالح.    بنك اليمن الدولي يرد على شائعات افلاسه ويبرر وقف السحب بالتنسيق مع المركزي .. مالذي يحصل في صنعاء..؟    بنك مركزي يوقف اكثر من 7شركات صرافة اقرا لماذا؟    الحكومة تطالب دول العالم أن تحذو حذو أستراليا بإدراج الحوثيين على قائمة الإرهاب    سنتكوم تعلن تدمير أربع مسيّرات في مناطق سيطرة الحوثيين مميز    نايف البكري يدشن صرف البطاقة الشخصية الذكية لموظفي وزارة الشباب والرياضة    وزير الأوقاف يحذر ميليشيا الحوثي الارهابية من تسييس الحج والسطو على أموال الحجاج    ما بين تهامة وحضرموت ومسمى الساحل الغربي والشرقي    وهم القوة وسراب البقاء    "وثيقة" تكشف عن استخدام مركز الاورام جهاز المعجل الخطي فى المعالجة الإشعاعية بشكل مخالف وتحذر من تاثير ذلك على المرضى    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ملكة سبأ بين الجدل التاريخي والتدوين الأسطوري.. دراسة تحليلية في ضوء النص القرآني (الحلقة الرابعة)
نشر في يمن فويس يوم 08 - 05 - 2023


سبأ مملكة في الشمال!
في برنامج "على خطى العرب" الذي يقدمه الدكتور عيد اليحيى على قناة العربية، يقول: "ذهب بعض المؤرخين إلى أن ملكة سبأ المذكورة في القرآن إنما كانت مملكتها وعاصمتها في دومة الجندل شمال المملكة العربية السعودية"، وذلك جرياً على آراء بعض الباحثين الذين قالوا بمكان مملكة سبأ في شمال الجزيرة العربية، وهو رأي قديم لهومل - كما أسلفنا- وتراجع عنه بعد ذلك. ويبررون ذلك أنه لم تكن هناك أسماء لملكات يمنيات، بينما كان هناك أسماء لملكات عربيات في دومة الجندل وما جاورها من البلاد العربية الشمالية مثل (سمسي، تلخونو، زبيبي) كما في النقوش الأشورية في عهد شلمنصر وسرجون وأسرحدون( ). ولكن مهما قيل عن هذه الملكات وهذا المُلك فلم يكن يرقى بشهرته أو قوته وعظمته إلى مستوى مُلْك سبأ أو تدمر اللتين كانتا أعظم مُلك عربي في التاريخ. صحيح لم تذكر النقوش اليمنية حتى الآن ملكات لسبأ شهيرات، لكن مع كثرة النقوش المهربة نجد نقصاً كثيراً في المعلومات، فضلاً عن أنه لم تجر أبحاث ميدانية مؤسساتية حتى الآن تكشف النقاب عن ملكات أخريات. لقيت تمثالاً باسم ملكة من ملوك اليمن لدى صديق كان يحتفظ به للبيع ولم تتم أية دراسة عليه، ومنذ الوهلة الأولى لاطلاعي عليه تبين لي أنه تجسيد لشكل ملكة اسمها (أ و س ن/ أوسان)، غير أنه غيبه تماماً، وكم من أمثاله من فعل ذلك، فهم يعدون تجارة الآثار مربحة للغاية. الشاهد في هذا القول: إنه توجد ملكات يمنيات لكن لم يتم الاطلاع عليهن، وهو ما يذهب لترجيح ملكة سبأ، ومن يدر عند من يكون مخبأ تمثال لملكة سبأ!
يذهب بعض الباحثين والمؤرخين إلى أن ملكة سبأ ليست تلك التي في اليمن جنوب الجزيرة بل هي ملكة الشمال في معين مصران، "ويستدلون على ذلك بعثور المنقبين على أسماء ملكات عربيات، وعلى إسم ملك عربي هو (يثع أمر) السبئي في النصوص الآشورية في حين أن العلماء لم يعثروا حتى الآن على أسماء ملكة في الكتابات العربية الجنوبية، ثم صعوبة تصور زيارة ملكة عربية من الجنوب إلى سليمان، وتعجبها من بلاطه وحاشيته وعظمة ملكه، مع أن بلاط (أورشليم) يجب أن لا يكون شيئاً بالقياس إلى بلاط ملوك سبأ، ولهذا لا يمكن أن تكون هذه المملكة في نظر هذه الجماعة من علماء التوراة إلا ملكة مملكة عربية صغيرة لم تكن بعيدة عن عاصمة ملك سليمان، قد تكون في جبل شمر أو في نجد أو الحجاز"( ).
كما يذهبون أيضاً إلى شبهة أخرى أو تحليل آخر وهو أن الهدهد لم يكن باستطاعته أن يقطع كل تلك المسافة من الشام إلى اليمن في سرعة وجيزة، بل إنه ذهب إلى مملكة جوار مملكة سليمان وقد تكون "معان"/"معين مصران"، أو دومة الجندل خاصة وأن "معان" كانت في فترة ما إحدى محطات ومدن التجارة السبئية وهي إحدى القرى الظاهرة التي ذكرها القرآن ﴿وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ﴾( )، ومن هنا كان استنتاج هذا الرأي القائل بأنها مملكة عربية شمالية، وكذلك كون الملكة امرأة فلا يمكنها قطع كل تلك المسافة من الجنوب إلى الشام. ولتفنيد هذا الرأي فإن باستطاعة الطير اجتياز كل تلك المسافة كما تفعل الطيور المهاجرة غالباً والتي تقطع المسافات من قارة إلى قارة عبر آلاف الأميال، فما بالنا من الشام إلى اليمن، خاصة وأن مسافة الطيران الجوية لا تقاس بمسافات السير الأرضية للحيوانات أو أقدام الإنسان؛ فما يقطعه الإنسان عبر ركوب الخيل أو الجمال في يوم يمكن للطائر أن يقطعه في ساعة أو أقل، وما يقطعه الإنسان في شهر يقطعه الطير في يوم كامل أو يومين؛ لأن الطير في السماء لا تعيقه عوائق من جبال ووعورة الطريق أو أية معيقات أخرى. وقد يعيق الطائر مثلاً مطر أو جوارح، لكن مع ذلك قد يكون قليلاً وتستمر رحلة الطيران.
أما مدينة معان، أو معين مصران فلم تكشف الآثار عن قصور عظيمة بعظمة قصور سبأ أو عرش مثل عرش سبأ، ولا بلغت شهرتها بالتأثير الحضاري والسياسي ما بلغته سبأ، وما دوّن تاريخياً عنها، فضلاً عن أنها كانت محطة تجارية لا أكثر، والمرجح - بحسب ذكر النقوش لها- فإنها أنشئت في فترة لاحقة عن فترة ملكة سبأ. وبينما تقول كل الآراء اليوم إنه لا يوجد أي نص يذكر اسم ملكة سبأ سواء "بلقيس" أو أي اسم آخر كملكة في اليمن، وهو صحيح حتى الآن فقط، لكن القرآن الكريم يثبت أن الملكة يمنية وسبأية، بغض النظر عن اسمها الحقيقي. فلو أن النص القرآني الخاص بمملكة "سبأ" مع الملكة التي قابلت سليمان الوارد في سورة النمل كان هو النص الوحيد ولم يكن له تفسيرات مشابهة ولا ورود في سورة أخرى بأحداث أخرى أكثر تفصيلاً كما هو الحال في سورة "سبأ" والتي أسميت السورة كلها باسمها لكانت الشبهة والغموض تم هنا، أما وإن القصة الأخرى في سورة سبأ كانت أكثر تحديداً وتوضيحاً باختصاصها بسيل العرم وبالسد، وبالتجارة، وبالمحطات (القرى الظاهرة)، وبالجنان، فإنه يزيل كل غموض.
ففي سورة النمل ذكر البلاد والمرأة ومُلكها وعبادتَها وعرشَها وقومها ولقاءها سليمان، وكلها تنطبق على اليمن، وأفرد لبلادها سورة سميت سورة "سبأ" والتي ذكر فيها سيل العرم وهي قصة مشهورة.
كما ذكر تفاصيل كثيرة لتلك المملكة وتجارتها بين اليمن والشام، وهو ما ينطبق تاريخياً على مملكة سبأ، مثل المدن والمحطات التي بنتها الدولة في طريق التجارة كاستراحات لمبيت القوافل ﴿وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ﴾( )، وكذلك السد والسيل واستبدال الجنان وتباعد الأسفار ﴿فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَى أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ﴾( )، فهل عند أصحاب هذا الرأي كانت سبأ مملكتين مختلفتين واحدة في الشمال وأخرى في الجنوب؟!
فحتى لو لم نعتمد طريقة تفسير القرآن للقرآن في مختلف السور والمواضع، علينا أن ندقق في الصفات والأماكن، والأحداث، والأسماء، وغيرها للوصول إلى نتيجة، والنتيجة الواضحة وضوح الشمس التي لا تقبل المساومة هي أن مملكة سبأ في الجنوب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.