المقالح: العيش على شتيمة الماضي إفلاس وخسران    الوزير الزعوري يطّلع على أنشطة نادي رجال المال والأعمال بالعاصمة عدن    عدن .. المالية توجه البنك المركزي بجدولة المرتبات والحكومة تلزم الوزرات بتوريد الفائض    تقرير بريطاني يكشف دور لندن في دعم مجازر الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة    تقرير بريطاني يكشف دور لندن في دعم مجازر الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة    مجلس وزراء الشؤون الإجتماعية يتخذ جملة من القرارات للإرتقاء بعمل القطاعات    جورجينا تعلن موافقتها على الزواج من رونالدو وتثير ضجة على مواقع التواصل    ندوة وفعالية احتفالية في مأرب بمناسبة اليوم العالمي للشباب    السقلدي: هناك من يضعف الجميع في اليمن تمهيدًا لاحتوائهم    مكتب رئاسة الجمهورية ينظم دورة تدريبية حول مهارات التفاوض واختلاف الثقافات .    تضليل وكذب وافتراءات    وزير الصحة يطّلع على التجربة الصينية في التحول الرقمي والخدمات الصحية الريفية    من يومياتي في أمريكا .. أنا والبلدي*..!    واشنطن تدرس فرض عقوبات على مسؤولين في مناطق الشرعية بتهم فساد وتهريب أموال    عن فساد النخب الذي التهم اليمن في زمن الحرب    - صنعاء ترد على نص احاطة المبعوث الاممي وتهتمه بعدم الحيادية وعدم ادانته للانفصال السياسي وتدرس انهاء عمله!    حل مشكلة كهرباء المكلا.. طرد النخبة وحبرشة الساحل (وثيقة)    - السلع العمانية والسعودية تواجه صعوبات في الأسواق اليمنية    عظيم يرثي عظيم    عدن شهدت انطلاقة كرة القدم قبل 125 عاماً على يد "فتيان الثكنات"    القوات المسلحة اليمنية تنفذ 4 عمليات عسكرية في الأراضي الفلسطينية    مناقشة الوضع التمويني لمادة الغاز وتلمس احتياجات المواطنين في ذمار    إحاطات في مجلس الأمن تندد بالتصعيد الحوثي وتؤكد على أهمية دعم الحكومة اليمنية    "القسام" تنفذ سلسلة من العمليات ضد العدو الإسرائيلي شرق مدينة غزة    فريق طبي مصري يستخرج هاتفا من معدة مريض    تعز تحتفي باليوم العالمي للشباب بورشة لتعزيز الدور الثقافي والاجتماعي للأندية الرياضية    الرشيد يمطر شباك نور صبر ب14 هدفاً ويعتلي صدارة مجموعته مؤقتاً في بطولة بيسان    تعز: وفاة 3 اطفال جراء انهيار صخري وصواعق رعدية    الهيئة النسائية تدشن فعاليات المولد النبوي في المحافظات الحرة    توكل كرمان، من الثورة إلى الكفر بلباس الدين    العراسي: محطة فاشلة لتوليد الكهرباء في الحديدة أطلقوا عليها اسم "الحسين" وألواحها إسرائيلية    حملة ميدانية في مديرية صيرة بالعاصمة عدن لضبط أسعار الأدوية    مأرب: صمام أمان الجمهورية في وجه مشروع الحوثي الإمامي    مليشيات الحوثي تدمر المعالم الثقافية في الحديدة وتحوّلها لمصالح خاصة    منسقية انتقالي جامعة حضرموت تناقش تقارير الأداء للنصف الأول من العام الجاري    وزارة الإعلام تدشن خطة التغطية الإعلامية لذكرى المولد النبوي    محافظ شبوة يزور ملعب الفقيد الخليفي ونادي التضامن الرياضي    مساعدات إماراتية تنتشل شبوة من أعباء حرب الخدمات    باريس سان جيرمان يتعاقد مع المدافع الأوكراني زابارني    مكتب الزكاة بذمار يستعد لتدشين فعاليات ذكرى المولد    باريس يستبعد دوناروما من قمة السوبر الأوروبي    الصين تعلّق الرسوم الجمركية على السلع الأمريكية لمدة 90 يومًا    أهلي تعز يهزم التعاون ويتصدر مجموعته في بطولة بيسان    الأرصاد يتوقع هطول أمطار متفاوتة الشدة ويحذر من العواصف الرعدية    50 شهيدا بقصف منازل واستهداف منتظري المساعدات في غزة    عاجل.. وحدات الدعم والإسناد الحربي بالقوات الجنوبية تدك تجمعات حوثية شمال الضالع    ورشة عمل تشاورية لتعزيز الوصول الشامل للأشخاص ذوي الإعاقة إلى المرافق الخدمية    موقع بريطاني يؤكد تراجع نفوذ لندن في البحر الأحمر    لماذا لا يفوز أشرف حكيمي بالكرة الذهبية؟    لماذا يستهدف وزير الإصلاح "حيدان" كفاءة عدنية عالية المهارة والإخلاص    مركز تجاري في عدن يعرض تخفيضات هي الأقوى والأرخص ولم تشهد عدن واليمن مثل هذه التخفيضات منذ سنوات    النائب العام يوجه بحملات مشددة لمراقبة أسعار الأدوية وضبط المخالفين    مناقشة آليات التعاون بين وزارة الاقتصاد وهيئة الابتكار في مجال توطين الصناعات    فيديو وتعليق    اكتشاف مستوطنة نادرة على قمة جبل في بيرو    بهدف معالجة الصعوبات والمشكلات التي يعاني منها القطاع الصحي.. رئيس مجلس الشورى يلتقي وزير الصحة والبيئة    مرض الفشل الكلوي (16)    وصية الشهيد الإعلامي أنس الشريف ابن فلسطين درة تاج المسلمين توجع القلب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا حسم معاوية المعركة لصالحه.. قراءة في موازين القوة بين علي ومعاوية (8)
نشر في يمن فويس يوم 15 - 08 - 2023

سابعاً: علي يستخدم المبادئ والتصلب ومعاوية يستخدم السياسة والتكتيك
ونحن نتابع مواقف علي -رضي الله عنه- ونقرأ سيرته وأحداثه ندرك أنه كان رجلاً تنفيذياً ميدانياً في الدرجة الأولى وليس رجل سياسة وتخطيط وحكمة، ولذلك كان يُغْلب في كثير من المحطات والمواقف، ولم يكن يقدر كثيراً منها حق قدرها، ومن تلك المواقف مثلاً عدم تقديره أبعاد وتبعات عزل معاوية من ولاية الشام رغم النصائح التي قدمت له من المغيرة بن شعبة ومن ابن عباس والتي كانت واضحة وضوح الشمس، وباعتقادي لو أنه لم يعزل معاوية عن الشام ما نافسه معاوية، ولما استخدم قميص عثمان للخروج عليه ومنافسته، ولما خيض كل ذلك الصراع.
فلقد نصح عبدالله بن عباس، وكذلك المغيرة بن شعبة، علياً -رضي الله عنه- بعدم عزل معاوية من ولاية الشام، ولكنه أبى إلا أن يعزله، واستمع إلى غِرَّيين طريين لا خبرة لهما لا بالرجال ولا بالسياسة، وهما محمد بن أبي بكر ومحمد بن جعفر بن أبي طالب اللذين كان حماس الشباب يدفعهما دفعاً لاستخدام القوة، والعجب العجاب أن يترك علي نصح المغيرة وهو أحد دهاة العرب الخمسة أيضاً وابن عباس.
فلئن صدقت رواية الواقدي (قال علماء الحديث لا يحتج به في الحديث ويحتج به في المغازي) في نصيحة عبدالله بن عباس لعلي، أما والله فهو رجل يرى الحوادث من خلف حجاب، ويرى بنور الله، فما أشار على علي برأي إلا تحقق كالشمس في رابعة النهار، وكان علي يخالفه الرأي في كل شيء ولا يحدث إلا ما يقوله بن عباس، وهنا يكون أحد المبررات له لترك علي في نهاية الطريق، فقد كان يستكفي برأيه ولا يسمع نصحاً ولا مشورة من أحد.
قال ابن عباس: قدمت المدينة وقد بويع لعلي، فأتيته في داره فوجدت المغيرة بن شعبة مستخلياً به، فحبسني حتى خرج من عنده، فقلت: ماذا قال لك هذا؟ فقال: قال لي قبل مرته هذه: أرسل إلى عبدالله بن عامر وإلى معاوية وإلى عمال عثمان بعهودهم تقرهم على أعمالهم ويبايعون لك الناس، فإنهم بهذا يهدِّئون البلاد ويُسَكِّنون الناس، فأبيت ذلك عليه يومئذ، وقلت: والله لو كان ساعة من نهار لاجتهدت فيها رأيي، ولا وليت هؤلاء ولا مثلهم يولى. قال: ثم انصرف من عندي وأنا أعرف فيه أنه يرى أني مخطئ، ثم عاد إلي الآن فقال: إني أشرت عليك أول مرة بالذي أشرت عليك وخالفتني فيه، ثم رأيت بعد ذلك رأياً، وأنا أرى أن تصنع الذي رأيت فتنزعهم وتستعين بمن تثق به، فقد كفى الله، وهم أهون شوكة مما كان.
قال ابن عباس: فقلت لعلي: أما المرة الأولى فقد نصحك، وأما المرة الآخرة فقد غشك، قال له علي: ولم نصحني؟، قال ابن عباس: لأنك تعلم أن معاوية وأصحابه أهل دنيا، فمتى تثبتهم لا يبالوا بمن ولي هذا الأمر، ومتى تعزلهم يقولوا: أخذ هذا الأمر بغير شورى، وهو قتل صاحبنا، ويؤلبون عليك فينتفض عليك أهل الشام وأهل العراق، مع أني لا آمن طلحة والزبير أن يكُرّا عليك (الطبري: ج4/439).
فقال علي: أما ما ذكرت من لإقرارهم فوالله ما أشك أن ذلك خير في عاجل الدنيا لإصلاحها، وأما الذي يلزمني من الحق والمعرفة بعمال عثمان فوالله لا أولي منهم أحداً أبداً، فإن قبلوا فذلك خير لهم، وإن أدبروا بذلت لهم السيف. قال ابن عباس: فأطعني وادخل دارك، والحق بمالك بينبع، وأغلق بابك عليك، فإن العرب تجول جولة وتضطرب ولا تجد غيرك، فإنك والله لئن نهضت مع هؤلاء اليوم ليحمَّلنك الناس دم عثمان غداً. فأبى علي، فقال لابن عباس: سر إلى الشام فقد وليتكها، فقال ابن عباس: ما هذا برأي؛ معاوية رجل من بني أمية، وهو ابن عم عثمان وعامله على الشام، ولست آمن أن يضرب عنقي لعثمان، أو أدنى ما هو صانع أن يحبسني فيتحكم عليّ. فقال له علي: ولم؟ قال: لقرابة ما بيني وبينك، وإن كل ما حمل عليك حمل عليّ، ولكن اكتب إلى معاوية فمنِّه وعِده. فأبى علي وقال: والله لا كان هذا أبدا (الطبري: ج4/440)، (ومثله في البداية والنهاية: لابن كثير الدمشقي ج5/ص229).
استطاع معاوية استمالة كثير من الشخصيات إلى صفه وتألفها، والإيقاع بين علي وقيس بن سعد برسالة مزورة جعلت علياً يعزل أهم شخصية في ولايته وأهم دهاته وهو قيس بن سعد عزله عن مصر واستبدله بالأشتر الذي كاد له معاوية فقتل مسموماً قبل دخوله مصر، ثم استبدله بمحمد بن أبي بكر، ثم استطاع معاوية أن يوقع بين عبدالله بن عباس وعلي أيضاً رغم مكانته من علي ودهائه أيضاً إلى جانب قيس، وبالإيقاع بينهم تخلخل صف علي كثيراً، بل كانت النازلة الكبيرة التي أودت بدولته بانسحاب ابن عباس.
لم يدرك علي أن الحرب خدعة كما نصحه ابن عباس، وأن الرسالة قد تكون مزورة ولما علم بها مؤخراً من بعض أصحابه لم يعد قيساً إليها، وبذلك يكون قد تخلص من أهم رجال دولته الذين كانوا أربع شخصيات: عمار بن ياسر وقتل يوم صفين، والأشتر وقتل مسموماً بالعسل قبل دخول مصر، وتنحي قيس وابن عباس، ومن بقي معه لم يكن لهم أي وزن بعد هؤلاء الأربعة الخلّص والمخلصين لعلي.
كان ابن عباس يقول لعلي: الحرب خدعة، ودعنا نكايد القوم، أما سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "الحرب خدعة"؟، فقال: "بلى". فقلت: "أما والله لئن أطعتني لأصدرنهم بعد ورد، ولأتركنهم ينظرون في دبر الأمور لا يعرفون ما كان وجهها في غير نقصان عليك ولا إثم عليك"، فقال: "يابن عباس: لست من هِنّاتك ولا من هِنّات معاوية بشيء"!
يدل كلام ابن عباس على أنه أيضاً كان رجلَ رأيٍ وداهيةَ تصرف وحكمة، وكان لا يرى علي رأياً إلا رأى ابن عباس عكسه تماماً، وقد أوضحت الأيام والأحداث بعد ذلك أن مجمل آراء ابن عباس كانت صائبة، تحقق معظمها ضد علي – رضي الله عنهما.
كان معاوية وعمرو بن العاص قد صدرا الأحداث من الشام إلى العراق ومصر؛ أي: خارج مجالهما الحيوي، ولعبا في ميدان علي وفي حديقته الخلفية، وبدأت بعض أعمال الشغب والتمردات على علي في الكوفة والبصرة، واستطاع معاوية شراء بعض الولاءات داخل موطن علي في الكوفة، وكانت له طلائع تمهيدية فيها، ولم يستشهد علي إلا وقد كانت الأمور على وشك الحسم والانتهاء، وبدل أن تدور الأحداث في الشام أو قريب منها باعتبار هجوم علي على معاوية كونه متمرداً على خلافته، صار هجوم ولعب معاوية في العراق ومصر، وهو يتمدد كل فترة، في حين أن علياً -رضي الله عنه- كان يلقى مشاكل عصيبة من أتباعه وفي أرضه ورفضهم الاحتشاد بعده والتجييش لمساندة محمد بن أبي بكر في مصر حتى لا تسقط بيد عمرو بن العاص، وكانت أرضه تتقلص فترة بعد أخرى، كما هو وضع شرعيتنا اليوم في كل شيء، وكأن سيناريو صراع علي ومعاوية يتكرر بيننا مجدداً اليوم في اليمن، وعما قريب سيكون نفس الصراع في بقية البلاد العربية.
إذ إنه لما رأى أن معاوية حرك جيشه بقيادة عمرو بن العاص إلى مصر، واستنصره محمد بن أبي بكر برفده بالمقاتلين، قام علي يندب أصحابه في الكوفة فخذلوه، فقال لهم: "عباد الله، إن مصر أعظم من الشام، أكثر خيراً، وخير أهلاً، فلا تغلبوا على مصر، فإن بقاء مصر في أيديكم عز لكم، وكبت لعدوكم. أخرجوا إلى الجرعة بين الحيرة والكوفة فوافوني بها هناك غداً إن شاء الله.
فلما كان من الغد خرج يمشي فوافاه بكرة وانتظر حتى انتصف النهار يومه ذلك، فلم يوافه رجل واحد، فرجع"( تاريخ الطبري: ص881).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.