تغيب القيم الإنسانية والضمير معاً لدى الكثير من الأشخاص وفي الأزمات يظهر تجارها لا تفوتهم سانحة ولا مناسبة دون أن يستثمروها، ودائما ما يستغلون الظروف والأزمات لجني الأرباح على حساب الضحايا. ونحن نعيش في زمن «كورونا» الذي ازداد فيه إقبال المواطنين على استخدام المعقمات والمطهرات، ولمجرد أن ظرفا استثنائيا جعل هذه المنتجات عالية الطلب، فهناك من وجدها فرصة لا يجب تفويتها للمقامرة بأرواح المواطنين، غير آبهين بالنتائج الكارثية التي تجعل من المواطن ضحية ليس للغش التجاري فقط، وإنما للفيروس أيضاً، ودونما الحصول على الوقاية منه. احتكار وارتفاع الأسعار بسبب رعب «كورونا» اختفت عدد من المعقمات والمطهرات ذات الماركات المعروفة والمشهورة، وأخرى في طريقها للاحتضار والاحتكار تدريجياً بعد أن تضاعفت أسعارها بشكل جنوني. فعلى سبيل المثال: ارتفع سعر الدبة الديتول الأصلي إلى 18 ألف ريال قابلة للزيادة بعد أن كان سعرها لا يتجاوز 7000 ريال على أقصى تقدير، أما دبة الأسبرت (كحول الإيثيلين) عبوة 5 لترات التي كان سعرها 6000 ريال، فقد أصبح سعرها 25 ألفاً، كما ارتفع سعر معقم اليد ذي العبوة الصغيرة من 400 ريال إلى 1000 ريال. أسماء جديدة تنذر بكارثة زيادة الطلب على منتجات التعقيم أدت إلى ظهور أشكال وأسماء جديدة لمعقمات ومطهرات لم نسمع بها من قبل، ولا توجد أي إثباتات على أنها تقي من الوباء أو تقضي على الفيروس، وهو ما ينذر بكارثة في حال دخول فيروس «كورونا» إلى اليمن، إذ إن هذه المنتجات ستتكفل بتفشي الوباء ونقله من شخص إلى آخر، لكونها لا تعقم ولا تقي من الفيروس، وفي حال تلوثها أو لامسها شخص مصاب تصبح ناقلاً للوباء وليس للحماية منه. صيدليات في قفص الاتهام ربما يبدو الأمر مألوفاً، في حال كانت هذه المعقمات أو المطهرات المغشوشة تباع في الأرصفة والحوانيت، وعلى مرأى ومسمع من الهيئة العليا للأدوية والهيئة العامة للمواصفات والمقاييس، غير أن الكارثة أن هذه المنتجات المغشوشة تباع في الصيدليات التي يفترض بها أن تكون حريصة على عرض منتجات مضمونة الجودة وليست مغشوشة، حفاظاً على الصحة العامة وحياة أبناء المجتمع. منتجات سعودية خطرة أكد مصدر طبي لصحيفة «لا» أن هناك منتجات سعودية الصنع سامة خطرة على الصحة، تباع في الأسواق اليمنية كمعقمات ضد الفيروسات. وكشف المصدر أن أحد هذه المنتجات هو «جل» يحمل اسم «shield» من إنتاج شركة بون للصناعات الدوائية بالمملكة السعودية. مشيراً إلى أن هذا ال«جل» يمثل خطرا على الصحة العامة، نظراً لاحتوائه على نسبة عالية من مادة الميثانول التي تعتبر مادة سامة، وتستخدم أساساً لأغراض صناعية وليس طبية. واستنكر صمت الهيئة العليا للأدوية تجاه هذا المنتج وغيره من المنتجات السامة أو المغشوشة التي تباع في الأسواق والصيدليات. تعددت طرق الغش أشكال وطرق الغش التجاري في المطهرات والمعقمات التي تكتظ بها الأسواق، أكثر من أن تحصى، فهناك من يستخدم مكونات بديلة عن المكونات الأساسية، كأن يستخدم الكحول الميثيلي عوضا عن الكحول الإيثيلي، ومثل هذه المنتجات لا تعقم بالشكل المطلوب، فيما يستخدم آخرون مكونات وهمية (نكهة وصبغة ورغوة وماء)، وتكون النتيجة أن هذا المنتج لا يحمل من صفات المعقم أو المطهر سوى الشكل أو الرائحة، وهناك من يقوم بخلط الصابون السائل المستخدم غالبا في المطاعم، أو جرش (طحن) الصابون الصلب مع شامبو السجاد وخلطهما مع بعض النكهات، وعرضها في السوق كمطهر أو معقم، بينما هي ليست سوى منتجات وهمية.. والحديث هنا يطول.