في بلد يدرك مسؤولوه مغزى التضحيات والبطولة والتفاني، كان من المفترض ان ينزل الكابتن النقيب طيار عصام شحرة من طائرته الأربعاء الماضي مباشرة إلى مكتب الرئيس (ان لم يكن الرئيس قد جاء اليه ) لتكريمه بعد أن انقذ بحنكته وسرعة بديهته طائرة عسكرية انتابتها حالة اشبة ب"جنون البقر"، وحال دون سقوطها فوق رؤوس المواطنين في منطقة دارس.. كانت فرصة مناسبة للاستماع منه ومن زملائه عن مشاكل الطائرات والاسباب الحقيقية لتحطمها، دون الاكتفاء بسماع تدليس القيادات.. صلاح شحرة أنقذ طائرة سوخواي مقاتلة رقم 2231، في التوقيت الحرج، والارتفاع الأكثر خطورة، بينما كانت في المرحلة النهائية للهبوط، على ارتفاع منخفض جداً يقدر ب 100 متر تقريباً وبعد أن انزل عجلات الطائرة، والقلابات.. فوجئ بالطائرة تقوم بميلانات يمين-يسار واندفاع هجومي من تلقاء نفسها، بدون تدخله، بمعنى ان الطائرة أصبحت على وشك الانهيار التام.. وبسرعة استجابة عالية وحنكة مبهرة لرجل يشاهد الموت قاب قوسين أو أدنى، تدخل شحرة في الوقت المناسب، وألغى الهبوط ورفع العجلات والقلابات، وزاد من دوران المحرك وقام بعمل دوره ثانية للهبوط، وتمكن من السيطرة على الطائرة بشكل تام، وهبط بسلام.. وهذه الطائرة هي أخت شقيقة للطائرة التي تحطمت قبل حوالي عام من الآن في شارع الزراعة، من ذات الصفقة المشؤومة، ولا رحم الله من نكب البلاد بها. الطيارون اليمنيون الذين يتدربون على أسوأ ما في الكون من طائرات، يستحقون الطيران على أحدث الطائرات في العالم.. هم يتفوقون أحياناً على خطأ قاتل من قبيل جنون البقر، الذي انتاب طائرة السوخواي 2231 التي كان يقودها الكابتن شحرة الاربعاء.. يتفوقون على اخطاء في فترة يرفض المصنع ضمان طائراته تلك.. يستحقون التدرب على طائرات جاهزة على الأقل وليس على جنازات، تم شراؤها من قمامة السوق السوداء في اوكرانيا تحمل الموت لهم وللمدنيين ايضاً. حمداً لله على سلامتك كابتن صلاح شحرة.. ايها البطل المحنك..