بالرغم من تمركز الطائرات العسكرية على مطارات مشتركة مع الطيران المدني، وهي المطارات الواقعة في ضواحي المدن اليمنية الرئيسية، ورغم الحوادث الجوية التي كانت تحدث للطائرات العسكرية (في حدود المعدل المعقول)، إلا أنه لم يحدث في تاريخ القوات الجوية أن سقطت طائرة عسكرية على مدينة يمنية. أما أن تسقط 3 طائرات بالتتابع فوق العاصمة صنعاء، خلال أشهر، فذلك شيء غريب، ووجه الغرابة أن سقوط الطائرات ما كان يحدث إلا فور إنزال العجلات استعدادا للهبوط. حدث هذا مع طائرة الأنتينوف، فبعد أن قام كابتن الطائرة بإنزال العجلات، وطلب السماح بالهبوط من برج المراقبة في المطار، فجأة انقطع الاتصال بين الطائرة والمراقب الأرضي، ثم سقطت الطائرة على المدينة، ونفس الشيء تكرر بالنسبة للطائرتين الأخريين (سوخوي 22)، حيث لم تصابا إلا بعد إنزال العجلات، وليس قبل، ومعروف أن الطائرات العسكرية المتمركزة في مطار صنعاء أو القادمة من قواعد أخرى، عادة ما تنزل عجلاتها فوق صنعاء وليس قبل، كالطائرات المدنية مثلاً. أن يتم استهداف الطائرة من قبل مضادات أرضية بنيران أسلحة خفيفة أو متوسطة، حتى لو أصيبت الطائرة بعدد من الطلقات، إلا أنه لا يمكن أن تؤدي إلى هذا التحطم السريع الذي لا يمكن الطيار من إبلاغ المراقب الأرضي، أو يمكنه من النجاة بنفسه باستخدام المظلة. هذا التحطم السريع لا يمكن أن يحدث إلا في إحدى حالتين فقط: إما أن تبلغ الدقة في التصويب لأي من المضادات الأرضية بحيث تصيب رأس قائد الطائرة مباشرة (ولم نسمع بعد أن وجدت أسلحة بهذه الدقة)، أو في حالة حدوث شيء ما في مقصورة الطائرة (كابينة القيادة) أدى إلى فقدان وعي الطيار أو طاقم الطائرة. والحسابات العلمية تقول إن احتمال تدمير طائرة بواسطة مضادات أرضية (مدفعية مضادة للطائرات) لا يتعدى 04%، بينما احتمال تدمير طائرة بواسطة صاروخ أرض جو 70-90% (حسب نوع الصاروخ). ولدينا تجربة أثناء عمليات المناطق الوسطى، حدث أن أصيبت طائرتان إصابة مباشرة بواسطة صواريخ أرض جو "إسترلا"، وهي صواريخ حرارية (وليس مدفعية)، ومع ذلك استطاعت تلك الطائرات أن تواصل طيران العودة كيفما كان لتنفذ آخر هبوط في عمرها بعد أن أصيبت بأضرار أخرجتها نهائيا عن الخدمة. ما حدث للطائرات التي سقطت على صنعاء في الآونة الأخيرة، شيء غير عادي، ولا مجال هنا للكلام عن أسباب فنية، ولا يزال الغموض يكتنفها، ويستدعي البحث والتدقيق لمعرفة السبب الحقيقي في إسقاط الطائرات بذلك الشكل السريع، وعدم الاستعجال في إغلاق ملف التحقيق قبل التوصل الى معرفة حقيقة ما حدث. من قام بهذا العمل الإجرامي إنما يستهدف قتل أكبر عدد ممكن من المواطنين المدنيين، وليس مجرد قتل طيار أو تدمير طائرة. إن عملاً يؤدي إلى تحطم طائرة فوق مدينة مكتظة بالسكان، لن يكون الهدف منه سوى قتل المواطنين، ولا يهمه أن تسقط الطائرة فوق مدرسة أو فوق تجمع لمواطنين أبرياء.. جرائم مثل هذه لا يمكن السكوت عنها مطلقا، كما أنه من الخطأ استئناف حركة الطيران قبل أن يُعرف من تسببوا في تلك الكوارث، ومحاكمتهم، وقبل أن يُعرف مَن وراء قتل 3 طيارين مدربين جهارا نهارا، بالقرب من قاعدة العند الجوية. وما لم تتخذ الإجراءات اللازمة والصارمة، فلن نتوقع إلا الأسوأ. الأولى-عميد طيار ركن/ مصلح حلبوب [email protected]