تحاول النخبة السياسية الأردنية بوضوح وبدون ضجيج ‘ترشيد' كل الردود على التعليقات والتسريبات التي تصدر عن الجانب السوري تعبيرا عن أزمة طارئة اجتاحت العلاقات بين البلدين المتجاورين واتخذت حتى الآن تعبيرا صحافيا وإعلاميا لم يرق الى لمستوى الدبلوماسي أو السياسي. عمان التقطت بهدوء طوال الأيام الثلاثة الماضية سلسلة من التصريحات السورية التي تتحدت عن ‘تسخين' على الحدود الجنوبية لسوريا عبر البوابة الأردنية وبنوايا عدائية. قال ذلك سفير سوريا لدى الأممالمتحدة بشار الجعفري مرتين على الأقل مؤخرا فيما فردت صحيفة الثورة الناطقة باسم النظام السوري المساحة الأكبر للهجوم على الأردن وتحذيره على قاعدة أن من ‘يلعب بالنار ستنحرق أصابعه'. تطور الأمر مجددا أمس الأحد عندما تجاوز السفير السوري في عمان بهجت سليمان صيغة ‘التسخين' متحدثا عن ‘تحشيد' يستهدف بلاده عبر الحدود مع الأردن. في مقر رئاسة الوزراء الأردنية تستقبل هذه المعطيات بهدوء حتى اللحظة ليس لأنها تنطوي على رغبة غامضة في ‘التصعيد' مع الأردن كما يقول الناشط السياسي مبارك أبو يامن بل لأن نظام دمشق يتجنب توجيه أي رسالة مباشرة للأردن من النوع السياسي أو الدبلوماسي يمكن الرد عليها وبصفة رسمية. لكن على مستوى الخارجية الأردنية لاحظ الخبراء أن غالبية التسريبات عن تدريب وتسليح عناصر في الأردن لإرسالها لجبهات القتال في سوريا تصدر عن ‘سفراء' الدولة السورية وليس عن شخصيات محورية في تراتبية نظام دمشق وكذلك عن الصحف السورية. حسب الخبراء أنفسهم قد تكون المسألة ‘شخصية' ومرتبطة بسعي بعض السفراء لإظهار الولاء لنظامهم عبر اختراع المزيد من القصص وإطلاق التصريحات الجزافية المعادية للأردن. تنطحت الصحف الأردنية نفسها لنشر إفتتاحييات ترد على تهجمات صحيفة الثورة السورية لكن مسؤولا بارزا أبلغ ‘القدس العربي' أن الحكومة الأردنية لا تستطيع التعليق على تصريح منسوب إلى سفير سوري حيث لا تصل تقديرات المواقف السورية عبر القنوات الدبلوماسية. بالنسبة لوزير الإتصال الناطق الرسمي الأردني الدكتور محمد مومني لا مبرر للغرق في التهكن واعتماد روايات مغلوطة مجهولة المصدر عندما يتعلق الأمر بالحدود الأردنية مع سوريا. المومني أصدر تصريحا تحدث فيه مجددا عن عدم وجود برامج لتدريب عناصر في المعارضة السورية في بلاده أو برامج تسليح..لاحقا تقصد الرجل تذكير ‘القدس العربي' بأن الحدود الأردنية السورية محروسة في الواقع من الجانب الأردني طوال السنوات القديمة. المومني جدد التأكيد على أن ثوابت الأردن واضحة فيما يتعلق بالملف السوري وسجل أن الحل السياسي يبدو صعبا ومساحته تضيق لكن عمان لا زالت لا ترى حلا للأزمة السورية بدون معالجة سياسية شاملة ولم يحصل جديد على الموقف الأردني. وزير الداخلية الأردني حسين المجالي نفى هذه المعلومات جملة وتفصيلا وقال أن أجهزة بلاده العسكرية هي التي تحمي سورياوالأردن معا مشيرا في تصريح علني لعكس الواقع حيث لا يتسلل مقاتلون من الأردنلسوريا بل العكس من سوريا إلى الأردن إضافة لمحاولات الإختراق الجرمية. السفير سليمان شن عمليا الهجوم الأشرس عبر صفحته على فيسبوك عندما تحدث عن تحشيد لوجستي وبشري لصالح قوى الإرهاب متهما ضمنيا الأردن باستقبال هذه التحشيدات مما يعني مخالفة صريحة وإضافية للتقاليد الدبلوماسية خصوصا وأن الخارجية الأردنية كانت قد طالبت سابقا السفير سليمان بإظهار الإلتزام باللياقة الدبلوماسية في البلاد. وجهة نظر تحليلة حاولت تفسير إحياء النشاط السوري بعنوان تسخين الجبهة الجنوبية على أساس إستمرار الإستقطاب الحاد بين اللاعبين الكبيرين في موسكو وواشنطن بعد إخفاق الحلقة الثانية من مؤتمر جنيف حيث وجدت الحدود الأردنية مع سوريا نفسها عالقة ومعها الأردن الرسمي في منطقة فارق الحسابات والتداعيات بعد موجة جنيف.