على بوابة إحدى الخيم البالية في بلدة سوروج، جنوب شرقي تركيا، تجلس إمرأة في الثلاثين من العمر، وتقول متذمرة: "سئمنا العيش هنا. أعطوا لكل 30 شخصاً 5 فرشات "اسفنجات" فقط بدون أغطية. الشتاء على الأبواب ولا نعرف كيف سنتدبر حالنا أو نحمي أطفالنا من البرد". وتضيف: "تفرقنا، كل شخص من عائلتي أصبح في منطقة مختلفة وانقطع التواصل بيننا، أمي بقيت في عين العرب لأنها كبيرة في السن ولا تستطيع المشي. وبقي هناك بعض إخوتي أيضاً، فهم لا يريدون الخروج من المدينة". هذا هو حال الأكراد السوريين اللاجئين إلى بلدة سوروج التركية هرباً من عناصر تنظيم الدولة الإسلامية، الذين حاصروا بلدة "عين العرب" (كوباني بالكردية)، وهي مدينة تقع في الشمال السوري على الحدود مع تركيا، وتتبع لمحافظة حلب، التي تبعد عنها نحو 160 كيلومتراً. المدينة الآن على خط المواجهة بين القوات الكردية في شرق وجنوب شرق البلاد ومقاتلي داعش الذين سيطروا على نحو 67 قرية بالقرب من عين العرب في الأسبوعين الأخيرين. تحاول الميليشيات الكردية أن تدافع عن المدينة، وهي ثالث أكبر المدن الكردية، بالأسلحة الخفيفة والقنابل اليدوية، كي تمنع تقدم تنظيم الدولة الإسلامية في معركة غير متكافئة يستخدم فيها عناصر داعش الأسلحة الثقيلة. وفي وقت يحاول التنظيم تأمين تواصل جغرافي بين المناطق التي يسيطر عليها والحدود التركية، تم تهجير قرابة 160 ألفاً من المدنيين الأكراد إلى تركيا. لكن النقص في عدد الخيام المطلوبة وفي حاجات اللاجئين الأساسية حثّ بعض الأكراد على العودة إلى بلدة "عين العرب" برغم محاصرة داعش لها، وبرغم ما تشهده المنطقة من قصف على أيدي قوات التحالف الدولي. متطوّع في مخيم تركي من مؤسسة الإغاثة التركية يقول: "هناك عشرات العائلات يومياً تغادر المخيم. معظمهم يرجعون إلى عين العرب والآخرون يقولون إنهم سينتقلون للعيش عند أقاربهم في مدينة تركية أخرى". وفيما يرسم واقع عين العرب مشهداً دموياً، تمثّل عودة الأكراد إلى المدينة خطراً على حياتهم وحياة أولادهم، في مجازفة يفضلونها على النوم في الشوارع والحدائق العامة والمدارس والمساجد. وكانت عين العرب من المدن الأكثر أمناً من قصف النظام السوري، وهو ما دفع بعدد كبير من السوريين غير الأكراد للجوء إليها هرباً من حلب وإدلب. لاذ أحمد عمار، وهو سوري من حلب، بعين العرب قبل عامين بسبب قصف داعش العنيف على مدينته، ومصرع زوجته وابنه خلاله. وهو لجأ من سوريا إلى الحدود التركية حيث تسعى الحكومة إلى توفير الحاجات الأساسية داخل مخيمات أنشأتها أخيراً لاستقبال الأكراد النازحين إليها. يقول عمار: "هربنا من الموت إلى الموت. لا يوجد مكان لنهرب إليه."