تتسارع الأحداث في اليمن بشكل لافت جعل دول الجوار المعني الأول باستقراره حائرة في أمرها، وتأخذ بعض الوقت لنفسها قبل أن تقرر حركتها المقبلة وردة فعلها، وسبل تدخلها بشكل يسمح لها باستعادة بعض نفوذها على وقع تغير موازين القوى التي مالت للحركة الحوثية المدعومة من قبل طهران الغريم التقليدي للمملكة العربية السعودية. سيطرة «أنصار الله» على مفاصل الدولة اليمنية وتمترسهم بقوات مسلحة في العاصمة صنعاء، وتحكمهم في كافة المؤسسات السيادية في الدولة صنع موجة ضبابية قاتمة على عاصمة اليمن الذي لم يعد يراه أهله سعيدا مثل أيامه السابقة على وقع انتشار شعار الحركة التي جاءت من بعيد لتأخذ كل شيء دفعة واحدة، ومن دون مقاومة من أي كان، ولا أن تحد من تقدمها أي قوة وهي التي سيطرت على مقر وزارة الدفاع والتلفزيون وغيرها من المؤسسات. وكانت السعودية رحبت باتفاق وقعته صنعاء في 26 أيلول/سبتمبر لتشكيل حكومة جديدة تضم المتمردين الحوثيين وبعض الانفصاليين في الجنوب. وبالنسبة للمملكة فإن الخطورة لا تقتصر على أن إيران ستكسب موطء قدم جديداً على الجانب الآخر من الحدود من خلال علاقاتها مع الحوثيين، بل إن بمقدور تنظيم «القاعدة» في جزيرة العرب أن يستغل الاضطرابات القائمة ليشن هجمات جديدة، وينطلق من جديد في عصره الذهبي. وتحاول السعودية أن تضغط على منافسيها الجدد على النفوذ في اليمن أي «أنصار الله» للتماهي وسط المكونات السياسية الأخرى في البلد حتى لا يستقلوا لوحدهم بالقرار، وحمل وزير الخارجية السعودي، سعود الفيصل، في خطاب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، الحوثيين مسؤولية فشل محاولات حل الأزمة في اليمن، لعدم «التزامهم بالاتفاق الأمني»، على حد تعبيره. وفي رسمه للمشهد الحالي في البلد يشير الشلفي إلى وجود كيانات مسلحة عددها كبير ولها نشاط و»القاعدة» سوف تنشط نتيجة هذه التراكمات ويكون لها الأخرى بصمات بسبب تطورات الحالة. وعن الارتدادات المتوقعة يؤكد أنه سيكون هناك خاسر رئيسي هو المملكة العربية السعودية حيث أن تراخيها في معالجة الوضع وحسابات قياداتها لم تكن دقيقة وهو ما شجع قادة من طهران للكشف عن الصحوة الإيرانية سوف تنتقل قريبا إلى داخل المملكة. ويستدل في تأكيد بأن الحوثيين على سبيل المثال يجمعون كميات ضخمة من الأسلحة في المناطق الشمالية من البلاد أي جنوب السعودية وهناك نية لإعادة تشكيل المنطقة وفق حسابات جديدة. ومقابل الرياض تشعر القيادة في إيران بالغبطة للتطورات الأخيرة في اليمن وما أفرزتها من نتائج تصب في صالحها وصالح حليفها الاستراتيجي «أنصار الله» الذي يعزف معها اللحن نفسه وتربطه بها مصالح استراتيجية بعيدة. وحول المخرج من النفق الذي دخله اليمن يرى ممثل عبد المالك الحوثي ضرورة التفاف الجميع على الاتفاق الذي تم التوصل عليه وعلى جميع الأطراف من دون استثناء وعدم تجاوزه ويؤكد أن الحوثيين لن يشاركوا في الحكومة وليست لديهم طموحات للإستئثار بالسلطة ولا تسيد المشهد، وكشف ل»القدس العربي» عن تسمية الحركة المستقل أيوب الحماد رئيسا لحكومة التوافق.