نشر عدد من وسائل الإعلام الدولية تقريرا لوكالة أنباء الأسوشيتيد بريس يقول إن مصر والسعودية والإمارات والكويت يناقشون تشكيل حلف عسكري لمواجهة المسلحين الاسلاميين، مع احتمال تشكيل قوة عسكرية مشتركة للتدخل في أماكن مختلفة في الشرق الأوسط. ويقول التقرير إن التحالف سيكون أيضا بمثابة استعراض قوة للدول المتحالفة إزاء إيران خصمهم التقليدي. ونقل التقرير عن مصدر عسكري مصري رفيع المستوى أن هناك مسرحين محتملين لعمل التحالف، وهما ليبيا حيث سيطر المتشددون المسلحون على عدد كبير من المدن، واليمن حيث استولى على العاصمة المتمردون الشيعة (الحوثيون) الذين يعتقد أنهم على صلة بإيران.
ويقول تقرير الوكالة إن المباحثات حول إنشاء التحالف تعكس إصرارا جديدا لدى القوى السنية في المنطقة على إثبات ذاتها - عقب ثلاث سنوات من اضطرابات ما بعد الربيع العربي - بعد أن أصبحت حكوماتها ترى في المتشددين الاسلاميين وحركات الاسلام السياسي تهديدا لها.
ويرى التقرير إن بحث حلفاء الولاياتالمتحدة العرب إنشاء قوة عسكرية مشتركة يعكس رغبتهم في تجاوز التحالف الدولي الذي أنشأته الولاياتالمتحدة لشن غارات جوية على تنظيم الدولة الإسلامنية في سوريا والعراق، والتي شاركت فيها كل من السعودية والإمارات.
ونقلت الوكالة عن مصادرها قولهم إن التحالف موضع الدراسة لن يتم إنشاؤه بقصد التدخل العسكري في سوريا والعراق وإنما ليعمل بشكل منفصل للقضاء على البؤر المتطرفة الأخرى.
وقالت الأسوشيتد بريس إن ثلاثة مسؤولين عسكريين مصريين تحدثوا عن تفاصيل المباحثات بينما أكد مسؤول رابع تعليقاتهم.
كما ذكر التقرير إن مسؤولا خليجيا على علم بالمباحثات قال للوكالة إن الحكومات المعنية تنسق فيما بينها حول كيفية التعامل مع الوضع في ليبيا، وأن هناك مباحثات "مستمرة حول التعاون في كيفية التعامل مع المتطرفين في المنطقة". وقالت الوكالة إن المسؤول الخليجي والمسؤولين المصريين رفضوا ذكر أسمائهم لأن المباحثات لا زالت سرية.
ونقل التقرير عن المسؤولين المصريين قولهم إن المباحثات حول إنشاء تحالف ضد المتطرفين قطع شوطا كبيرا، إلا أنه نقل عن أحد المسؤولين المصريين قوله إن فكرة تشكيل قوة عسكرية مشتركة لا زالت أبعد، وأن هناك اختلافات بين الدول حول حجم القوة العسكرية وتمويلها ومقرها وما إذا كانت العمليات التي ستقوم بها تلك القوة ستكون تحت الغطاء السياسي للجامعة العربية أو الأممالمتحدة. وأشار التقرير إلى فشل محاولات سابقة لإنشاء قوة عسكرية عربية مشتركة.
وأشار السؤولون إلى أنه حتى لو لم يتم الاتفاق على تكوين قوة عسكرية مشتركة، فإن التحالف سيعمل على تنسيق العمل العسكري، للقيام بعمليات محددة وسريعة ضد المتشددين بدلا من اللجوء للمهام الطويلة.
وقالت الأسوشيتيد بريس إن الدول الأربعة أبدت بالفعل استعدادا غير مسبوق للتحرك سويا، حيث تعاونت كل من مصر والإمارات في القيام بهجمات جوية ضد الإسلاميين المتشددين في ليبيا الصيف الماضي بحسب مسؤولين أمريكيين ومصريين، يقول التقرير، مضيفا أن مصر قامت بهجمات منفردة خلال الشهر الماضي، إلا أن الحكومة المصرية نفت القيام بأي من هذه العمليات.
ويقول التقرير إن الرئيس المصري ووزير الدفاع السابق عبد الفتاح السيسي، نبه مرارا إلي حتمية مواجهة الإسلاميين المتطرفين في عدة أماكن وليس في سوريا والعراق فقط. وقال في حوار مع الأسوشيتيد بريس في سبتمبر الماضي "هناك حاجة إلى استراتيجية شاملة لمكافحة الإرهاب في المنطقة".
ووفقا لتقرير الوكالة فإن جون كريبي، المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون)، رد على سؤال حول علم الولاياتالمتحدة بأمر مباحثات إنشاء القوة العسكرية المشتركة قائلا: "نحن لسنا على علم بهذا الأمر .. لذلك لن أتحدث عنه"، رافضاً التوضيح.
وقال التقرير إن المتحدث باسم الرئاسة المصرية، السفير علاء يوسف، نفى أن تكون المباحاثات الدورية بين مصر وحلفائها من الدول العربية حول مواجهة "التطرف" في المنطقة قد تناولت الحديث عن إنشاء قوة مشتركة للانتشار السريع.
وبحسب الأسوشيتيد بريس فإن المسؤولين العسكريين المصريين قالوا إن قادة عسكريين من الدول المعنية عقدوا عدة جولات من المباحثات، شارك فيها في بعض الأحيان رؤساء أركان القوات المسلحة. وقال اثنان من المسؤولين العسكريين المصريين الأربعة - الذين تحدثت معهم الأسوشيتيد بريس – إنهم شاركوا في هذه المباحثات، فيما ذكر الآخران أنه تم إطلاعهما على نتائجها.
وأضافوا أن التحالف يدرس إنشاء قوة أساسية تتكون من قوات نخبة مدعومة بطائرات وقدرة على الوصول لمعلومات استخباراتية يجمعها أعضاء التحالف.
وأشار المسؤولون المصريون في حوارهم مع الوكالة إلى أن الدول المشاركة في التحالف المزمع قامت خلال العام الماضي بمناورات عسكرية ثنائية ومتعددة الأطراف لتعزيز الانسجام والتفاهم بين قواتها وأنظمتها الدفاعية. وقالت الوكالة إن مصر والسعودية بوجه خاص تمتلكان وحدات متطورة لمكافحة الإرهاب ، كما تمتلك دول الخليج قوات جوية متطورة تم شراء معظمها من الولاياتالمتحدة.
وقال المسؤولون إنه تم التواصل مع الجزائر والأردن لدعوتهم للانضمام للتحالف.
وقال أحد المسؤولين العسكريين المصريين وهو أعلاهم رتبة، خلال حواره مع الأسوشيتيد بريس، "سيتم الإعلان عن الأمر عندما يكون جاهزا وعندما يكون هناك اتفاق على كل شيء".
وقال المسؤولون إن الدول المشاركة تنوي الحصول على "إيماءة" موافقة من الولاياتالمتحدة، مشيرين في الوقت ذاته إلى أن فكرة إنشاء قوة مشتركة تعكس تشكك تلك الدول في استعداد الولاياتالمتحدة لملاحقة المتشددين خارج نطاق مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية في الشام والعراق.
ويشير تقرير الوكالة إلي أن المتشددين الاسلاميين في ليبيا سيطروا خلال الشهرين الماضيين على العاصمة طرابلس وعلى بنغازي، ثاني أكبر المدن الليبية، وأن سياسيين إسلاميين في طرابلس أقاموا حكومتهم الخاصة وأعادوا إحياء البرلمان السابق الذي حصلوا فيه على الأغلبية.
كما اضطر الحكومة والبرلمان الليبيان - المعترف بهما دوليا والمدعومين من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والمملكة العربية السعودية- للانتقال لمدينة طبرق على مقربة من الحدود المصرية، بينما تقاتل الميليشيات المتحالفة معها وقوات الجيش -بقيادة الجنرال خليفة حفتر- المتشددين.
ويقول التقرير إن اليمن يوجد فيه واحد من أنشط أجنحة القاعدة الذي يحارب الحكومة منذ سنوات. كما استحوذ المتمردون الشيعة (الحوثيون) على العاصمة صنعاء في سبتمبر الماضي، فيما يعتبر تهديدا للرئيس عبد ربه منصور هادي الذي يحظى بدعم دول الخليج. وكانت السعودية قد تدخلت في 2010 لمحاربة الحوثيين في اعتقاد منها أنهم مدعومين من إيران.
ونقلت الأسوشيتيد بريس عن المسؤولين العسكريين قولهم إن التحالف سيمثل قوة يمكن اللجوء إليها في أي وقت لحماية دول الخيلج من أي هجوم قد يقوم به تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، مضيفين أن التحالف سيمثل رمزا لوحدة تلك الدول في وجه النفوذ الإيراني.
وقالت الوكالة إن مصر والسعودية تجمعهما علاقة متقاربة منذ تولي السيسي الرئاسة، عقب الإطاحة بالرئيس الإسلامي محمد مرسي.
ومنذ عزل مرسي، شن السيسي حملة على جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي لها مرسي، والتي تعتبرها السعودية والإمارات كذلك عدوا لهما.
ومنذ الإطاحة بمرسي قدمت كل من السعودية والإمارات والكويت مساعدات لمصر بقيمة 20 مليار دولار.
وأشار السيسي مراراً إلى أمن حلفائه في الخليج باعتباره "خطا أحمر"، وأساسي لأمن مصر نفسها، ملمحاً إلى استعداده لإرسال قوات مصرية في حال حدوث ما قد يهدد أمن تلك الدول.