عندما يتعلق الأمر بأمجاد دوري أبطال أوروبا، تتسع الفجوة بين فريقي مدريد الكبيرين: ريال مدريد الذي حصل على اللقب تسع مرات، ومنافسه أتليتكو مدريد الذي لم يحصل على اللقب من قبل. ويزيد من حدة هذه المباراة التاريخية أن ريال مدريد يسعى للقبه العاشر، في حين يسعى أتليتكو مدريد للقبه الأول، في عام اشتدت فيه المنافسة بين الفريقين الإسبانيين. ويُحاط استاد ريال مدريد، برنابيو، بأحياء ثرية نسبيا في شمال العاصمة الإسبانية مدريد، في حين يقع استاد أتليتكو مدريد، فيسنتي كالديرون، على نهر مانزاناريس، في منطقة مؤدية إلى ضواح جنوبمدريد يغلب على ساكنيها العمال. وعلى الطريق أمام كالديرون، ذي الخطوط الحمراء والبيضاء الخاصة بأتليتكو مدريد، يبيع أنطونيو دورادو بلانكو أفضل الفواكه والخضروات الإسبانية بأسعار معقولة. وبالنسبة له، "لا شيء يهم أكثر من التغلب على ريال مدريد" في نهائي أبطال أوروبا، وأضاف مازحا: "بعدها يمكننا أن نرقد في قبورنا في سلام". ولا يغيب النقاش حول المال عن حديث مشجعي كرة القدم، خاصة في مدريد، إذ يبلغ إجمالي الأجور السنوية للاعبي ريال مدريد خمسة أضعاف منافسيهم في أتليتكو. جمهور أتليتكو أكثر إثارة للضجة وحماسا من منافسيهم الشماليين الأكثر ثراءا
"موسم مميز" ولن يدفع أتليتكو، كأغلب أندية كرة القدم حول العالم، 136 مليون دولار لشراء لاعب واحد كما فعل ريال مدريد عندما اشترى اللاعب غاريث بالي الصيف الماضي. ويقول أنطونيو: "كل شيء في ريال مدريد يدور في فلك المال. هم اشتروا فريقهم، لكننا بنينا فريقنا. وهو ما يُشعر مشجعي أتليتكو بالفخر." بل حتى إن رئيس فريق ريال مدريد السابق، رامون كالديرون، اعترف أن أتليتكو "تميز" في هذا الموسم. وحصل أتليتكو على لقب الدوري الإسباني الأسبوع الماضي لأول مرة منذ 18 عاما، كما يعتبر الفريق الوحيد الذي فاز بكل مباراة خاضها في هذا الموسم من دوري أبطال أوروبا. ويقول كالديرون: "من المهم أن نعي هذا الدرس، أن المال لا يشتري كل شيء. فهو عامل مساعد، لكنه لا يضمن النجاح". ومن هنا، يشير رئيس ريال مدريد السابق أن ناديه يسعى إلى شيء مميز بسعيه إلى لقبه العاشر في دوري أبطال أوروبا. وبشكل عام، فإن جمهور أتليتكو أكثر حماسا وضجيجا من منافسيهم الشماليين الأكثر ثراءا. فبعد الفوز ب 32 لقبا في الدور الإسباني، و19 من كؤوس الملك، والفوز بدوري أبطال أوروبا تسع مرات، من الصعب الشعور بالحماس تجاه نجاح أكبر. لكن مشجعي ريال مدريد انتظروا 12 عاما منذ الفوز بآخر لقب في دوري أبطال أوروبا، كما أن فكرة الحصول على لقب عاشر تزيد من الضغط على اللاعبين ومن حماسة الجمهور. وقال إيفان دياز ديل كورا، أحد مشجعي ريال مدريد: "إننا دائما ما نريد الفوز بدوري أبطال أوروبا أكثر من الدوري الإسباني وكأس الملك،" مبديا إعجابه بحماس جمهور أتليتكو. وتجلس بجانب إيفان صديقته ماريا وهي ترتدي قميص أتليتكو مدريد، حيث تنقسم العديد من الأسر والعلاقات في المدينة حول ولاءاتها للناديين. وتحرص ماريا على الإشارة إلى الفرق بين مشجعي الناديين، "فمشجعو الريال وقورون، يذهبون إلى المباريات، ويجلسون في هدوء، ويأكلون الوجبات الخفيفة، ويصفقون لبعض الوقت، ولا يهتفون كثيرا.. إنهم مملون. يبلغ إجمالي رواتب لاعبي ريال مدريد خمسة أضعاف منافسه أتليتكو
"الأخ الأصغر" ومن المؤكد أن الملايين من مشجعي ريال مدريد في مدريد وإسبانيا وحول العالم سيختلفون مع هذه النقطة. ويعترف مشجع ريال مدريد، إغناسيو رويز إسكويفياس، أن استاد برنابيو غالبا ما يكون "هادئا" في مباريات الدوري الإسباني، "وليس في مباريات دوري أبطال أوروبا". ولا يغفل إغناسيو تعريفه الخاص لعلاقة مشجعي الفريقين، فيقول مازحا: "كنا نعتبر (أتليتكو مدريد) الأخ الأصغر الذي لا يكبر، لأنهم لم يكسبوا أي شيء. حتى أننا شعرنا بالأسى لأجلهم، وهو ما لم يرق لهم على الإطلاق." وأيا ما كانت نتيجة مباراة اليوم في لشبونة، فستكون هناك احتفالية في العاصمة الإسبانية. لكن لم يقرر بعد مكان الاحتفال. ففي حال فوز ريال مدريد، سيملأ مشجعوه بزيهم الأبيض الطريق في "بلازا دي ثيبيليس" وحول النوافير الشهيرة وأمام مدريد سيتي هول. أما حال فوز أتليتكو مدريد باللقب، ستتحول ألوان الاحتفال إلى الأحمر والأبيض، ويتحرك موقعها 500 متر نحو الجنوب في طريق كاستيلاما، إلى نافورة بلازا دي نيبتونو. وبمقاييس ريال مدريد العالية، ستعني خسارة مباراة اليوم في لشبونة فشلا تاما لهذا الموسم. لكن بالنسبة لأتليتكو، كان الفوز بلقب الدوري الإسباني نجاحا في حد ذاته. لذا، يقع أكثر الضغط على فريق ريال مدريد.