إن السبب الذي أدى إلى ضمور الاسلام من الأطراف البعيدة والتسوّس الذي نخر بالأجزاء الداخلية للدولة الإسلامية هو ظهور المذاهب الدينية التي كانت نتيجة طيش سياسي بحت ومسؤولية فقهاء المذاهب هؤلاء في تراجع الإسلام هي مسؤولية كبيرة جداً وان هذه المذاهب في الإسلام أسست عقيدة المذهبية والطائفية وجعلت الإنسان يقتل أخاه الإنسان ومن الخطورة أيضاً ان نعتقد - أيا كان الاحترام الذي نكّنه لعلماء الماضي وفقهاؤه الكبار - ان الفكر البديع والمفكر المبدع والتفكير الابداعي توقف معهم ، وان هذا التقليد الذي يمارس اليوم والعائد إلى القرون الوسطى يمكنه ان يدلي بجواب عن مشكلات عصرنا الحاضر. فعندما حذرت الجماعات التقليدية من التجدد ودعوا إلى العودة إلى الماضي واجتهدوا اجتهادا تقليديا ركدت الحضارة الإسلامية وتراجعت إلى الوراء وماتت الروح العلمية المبدعة كما أن الجماعات الناشئة مؤخراً انطوت على ذاتها وانعزالت وادعت تمثيل الإسلام وكذلك الفقهاء والعلماء ورجال الدين تركوا ماهو الأهم - العلم والبحث في الحقائق - وانشغلوا بالاضطراب السياسي قديما وحديثا وبذالك زاد تجسيد المذاهب في الحياة الاجتماعية أكثر فوصل المسلمون ( المتأسلمون ) بالاسلام إلى ما وصل اليه ..
وهذا يوجب على أبناء وعلماء الأمة نبذ الخلاف والشقاق والتناحر الذي أحدثه الانقسام الطائفي والمذهبي الذي قام على أسس سياسية بحته قديما وحديثا ونخر وتنخر في عمق الإسلام ذاته كما نخرت في أقوام وأمم من قبلنا هذا بدوره يؤدي إلى حتمية استقاء الدين من النبع الأساسي الصافي الذي جعلنا في أوائل عهده أمة تحترم ذاتها وتقدس نفسها وتنشر العدل والمساواة ولن يكون لها العز والمجد إلا إذا رمت ما أنتجه الفكر المتعصب والمتلون بلون السياسة التي نشأت في تلك العصور بالإضافة إلى تجديد الحياة المعاصرة بروح التجدد الذي يتسم به الدين الإسلامي. في الأخير.. محاكاة الماضي درب لا ينفذ إلى أي مستقبل ..!