الرجل هو حاكم عربي وطاغية مصغر..وعلينا نحن النسوة أي "الشعب" إسقاط النظام. لذا هي أربعة حروف وبعدها رحيل وحينها قلبي الصغير سيذوي ويموت وأنا بين غياهب الألم سأضيع..هو الرحيل وما أصعبه من قرار لكني سأتمسك بي لأسرق لنفسي بعض من السعادة ولشفتي لحظة من الابتسامة ولعيني وميض من ضياء ولأنوثتي المجروحة بقايا من الكرامة والكبرياء. أرحل ودعك من هذا التشبث المجنون بعرش قلبي والاحتلال الغاشم لقاع ذاكرتي والإقامة الجبرية بين شراييني وأوردتي,أنا مجتاحة بك محتاجة لك..ويا لغبائي حين أحن لقاتلي وأستعذب كل نكباتي ونكساتي منه..ويا لطيبة قلبي فهو يأبى كرهك وجرحك..يأبى إلا أن يحبك أكثر وأكثر رغم أنه مكبل بقيودك ومحتل فمن سيحررني من ليل بكائي الطويل؟؟ من سيشفيني من غربة روحي بين الأحبة ؟؟ ومن سيعيد لي ضحكتي الجميلة التي كانت تخرج من القلب رغم عمق الجراح؟؟
أرحل..فأنا أريد حريتي ومن أجلها سأثور وسأعتصم وسأعلن عصياني العاطفي لذكرياتك..وسأبقى مرابطة في ساحات الصبر والكبرياء متحدية بذلك عواصف قسوتك ومخالب ظلمك وسكاكين غدرك التي تقطع أوصالي وتنهش جسدي المتعب,ستكذب مجدداً وستراوغ هكذا كما عهدتك دوما ولن تفهم مطالبي بعد..
فأنا الآن لا أسألك إلا الرحيل لأني أريد أن أعيش بكل حرارة الواقع..بكل حماقة الواقع, أريد أن أولد من جديد وأخرج من رحم هذه الأرض الثائرة, فحتى أرضي يا هذا أراها اليوم تتحرر وتنزع عنها قشور الاستعباد وأنا أريد أن أكون كأرضي الصامدة التي ضحت من أجل حريتها أغلى الدماء.
أريد أن أمسح عني هذا الجفن الدامع,أريد أن أعدو وأجري وألعب مع الأطفال في الشارع..أريد أن أحيا بكل خلية مني بعيداً عن مرارة الواقع..بعيداً عن سخافة الواقع,فأنت قد مارست ظلمك فيني بشكل بارع..بارع فيكفيك ما اقترفت يداك.ووقع على صك عبوديتي وأكتب فوقه: (حرة بعد عناء طويل) وأنا ساعتها سأغلق قلبي وسأكتب عليه(مغلق باسم الوجع والألم)..
وسأسقط بعدها باكية كأني مركب ضائع,سأجمع أجزائي المتناثرة هنا وهناك..سألقى بعض الذكريات على الأرض وسأتعمد عدم رؤيتها في طريقي الجديد..أرحل..هذا ما أريده اليوم منك..وهذا مالا أريد..وهذا ما لا تريده أنت, وكأنك تستمتع بتعذيبي..وأصبحت تستلذ بصرخاتي المكبوتة وشعاراتي المرفوعة التي تسألك الرحيل لكنك تقرأها وتغض الطرف عنها..
(ارحل) أيها المستبد الظالم..ودعني أعيش فجر تحرري منك..رغم أني أعرف جيداً أن ما في القلب من أسى ولوعة لن يسقط بالتقادم, بل أراه يزيد ويكبر ويتعاظم فالحب كدم الشهيد لن تستطع الأيام أن تجفف أغصانه الطرية فالوقت لا يقتل الذكريات ربما فقط يخمدها لفترة ثم ما تلبث أن تثور من جديد..
فالثورات لا تنتهي حتى تحق كل مطالبها وأنا ثورتي لم تكتمل بعد تماماً كثورة شعبي التي ستواجه أعظم اختباراتها في التألق والصمود فقط بمجرد الرحيل وأنا كثورة شعبي...سأنضج من جديد وسأصبح هادرة..قوية..وشامخة لا أخشى الخطوب ولن أرضى بغير رحيلك بديل..يقولون بعض الحب يموت فينا والبعض الآخر نموت فيه..ربما سأموت بعد قليل ربما بمجرد الرحيل لكني ساعتها سأكون قد صرخت صرختي الأخيرة للحرية واحتفلت احتفالي الأخير بسقوط نظامك داخلي إلى الأبد.