وصل مسبار روزيتا الأوروبي بالقرب من المذنب "تشوروموف-غيرسيمينكو"، بعد رحلة استمرت عشر سنوات. ولأول مرة في تاريخ الفضاء، تدور مركبة فضائية إلى جانب جرم سماوي سريع، وتصور سطحه بكل تفاصيله. وفعل المسبار روزيتا محركات الدفع لمدة ست دقائق ونصف، لكي يلحق أخيرا بالمذنب تشوروموف – غيرسيمنكو.67p وقال المدير العام لوكالة الفضاء الأوروبية جان جاك دورديان: "بعد عشر سنوات وخمسة أشهر وأربعة أيام من السفر نحو وجهتنا، والدوران حول الشمس خمس مرات وبعد أن قطعنا مسافة 6.4 مليارات كليومتر، يسعدنا أن نعلن أخيرا أننا قد وصلنا هنا". سبات عميق وكان المسبار روزيتا قد أطلق على متن صاروخ من طراز آريان في مارس/ آذار عام 2004، واتخذ مسارا طويلا حول النظام الشمسي لكي يتمكن من اللحاق بالمذنب 67p. واستخدم المسبار الفضائي جاذبية الأرض والمريخ من أجل زيادة سرعته، خلال رحلته التي سجلت أكثر من ستة مليارات كيلومتر. ومن أجل توفير الطاقة، أدخل المهندسون المتحكمون في الرحلة في مركز عمليات وكالة الفضاء الأوروبية في مدينة دارمشتات الألمانية، المسبار روزيتا في سبات عميق استمر 31 شهرا. وفي يناير/ كانون الثاني الماضي، أيقظ المهندسون المسبار بنجاح لكي يبدأ المحطة الأخيرة في مشواره. ويدور المذنب بسرعة 55 ألف كيلومتر في الساعة، ومن ثم تم ضبط سرعة المسبار ليدور إلى جانب المذنب، في مسار بطئ بسرعة 3.6 كيلومترا في الساعة. وعلى مسافة 550 مليون كيلومتر من الأرض، فإن الرسائل قد تستغرق 22 دقيقة لكي تصل إلى المسبار روزيتا. وبسبب هذه المسافة الهائلة، فإن مجموعة الأوامر الأخيرة اللازمة من أجل تشغيل محركات الدفع وتزويد سرعة المسبار، وجب أن يتم إصدارها مساء الاثنين. ويقول جان إيف لوغال رئيس وكالة الفضاء الفرنسية: "مرحلة الوصول في الحقيقة هي أعقد وأغرب مسار رأيناه في حياتنا". وسيضطر المسبار روزيتا إلى الاستمرار في تشغيل محركات الدفع كل بضعة أيام، من أجل الاستمرار في مداره على بعد 100 كيلومتر فوق المذنب 67p. وسيدور المسبار بعد ذلك إلى جانب المذنب لمدة 15 شهرا، حيث يدرس طبيعة المذنب بمجموعة من الأدوات. ويلتقط المسبار روزيتا صورا تفصيلية بشكل متزايد للمذنب كلما يقترب منه أكثر. ويسمي المذنب الغامض باسم "البطة المطاطية"، حيث إن بعض الصور أظهرته في شكل مشابه للبطة أثناء دورانه في الفضاء. وقال البروفيسور مات تايلور أحد العلماء المشاركين في المشروع: "بالنسبة لي فإنها أروع وأمتع مهمة على الإطلاق. إنها تحتوى الكثير فيما يتعلق بالاستكشاف والتكنولوجيا والعلم". الحفر في المذنب وباقتراب المذنب من الشمس فإن درجة حرارته سوف ترتفع، وستزداد الهالة المحيطة به من الغاز والغبار، مما سيعطي المسبار فرصة لتنفيذ عمل علمي أكثر تفصيلا. ويقول البروفيسور تايلور: "لقد رأينا دليلا على انبعاث الغاز من المذنب، الغلاف الجوي الخارجي للمذنب يتكون من الغبار والغاز". وأضاف: "لدينا أدوات على متن المسبار ستبدأ في استشناق وتذوق الغاز، كما سنجمع بعض الغبار ونلمس هذه الهالة نفسها. نأمل أن يحدث ذلك خلال الأسبوع الجاري". وستصل المهمة إلى مرحلة أكثر طموحا في نوفمبر/ تشرين الثاني القادم، بعدما يصبح المسبار روزيتا أكثر قربا من المذنب، حيث سيحاول المهندسون المتحكمون في المهمة إنزال المركبة "فيلا" فوق سطح المذنب. وستستخدم المركبة الحراب لثبيت نفسها فوق سطح المذنب، وستنفذ سلسلة من التجارب، بما في ذلك الحفر في المواد التي يتكون منها المذنب. وتهدف مهمة المسبار روزيتا إلى تعزيز المعرفة بالمذنبات، ودورها في تشكل الحياة في محيط النظام الشمسي.