إب.. العثور على جثمان معلم بعد 4 أيام من وفاته في منزله    مصر تسدد مليار دولار    "بعدان وبيت بوس" يسجلان أعلى نسبة في كمية الامطار المتساقطة    العبث بمصائر الشعوب    الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض طائرة مسيرة أطلقت من اليمن    برشلونة يعلن رحيل لاعب وسطه بابلو توري إلى صفوف فريق ريال مايوركا    بنك في صنعاء يعلن نقل مقره الرئيسي إلى عدن    فضيحة أكاديمية.. جامعة إب تمنح شهادات لقيادات حوثية دون حضور أو مؤهلات    دعوة للمشاركة في أداء صلاة الاستسقاء غدا الأربعاء 10 صباحا    انطلاق فعاليات موسم نجم البلدة السياحي وسط حضور جماهيري    المدير العام لفرع الهيئة العامة لحماية البيئة بساحل حضرموت تؤكد الأهمية البيئية لظاهرة موسم البلدة    نجاح اختتام الاختبارات التحريرية للشهادة التكميلية بمدارس تعليم القرآن الكريم    الشيخ بريك صمودة : المهرة لن تفرط بأمنها واستقرارها ونرفض أي جموع من خارج المحافظة    تعرف على رحلات طيران اليمنية اليوم الثلاثاء    بلاتر يفتح النار على السعودية    امين عام مؤتمر حضرموت الجامع يلتقي قيادة الهيئة التنفيذية في المكلا ويشدد على توحيد الجهود لخدمة المواطنين    الرئيس الزُبيدي يعود إلى العاصمة عدن بعد زيارات عمل خارجية    75 هجوم يمني على الكيان    مناقشة دعم الصليب الأحمر لمشاريع تنموية وإنسانية في البيضاء    زفاف جماعي رابع عشر ل 38 عريساً وعروس بالبيضاء    ترامب يحدد 50 يوما لانهاء القتال في أوكرانيا    عقوبات أمريكية جديدة تطال شركات مرتبطة بمليشيا الحوثي الإرهابية    كنز دفين منذ 5500 عام.. اكتشاف مقبرتين داخل "أهرامات" في بولندا!    إسرائيل تعلن اعتراض مسيّرة أطلقت من اليمن    أخطاء شائعة في تناول الأدوية قد تعرض حياتك للخطر!    طوابير طويلة لأيام متواصلة.. تعز تموت عطشا    الوزير البكري يوجه بمتابعة أرضية ملعب نادي الجلاء بعدن    مشروع قانون أميركي جديد لتصنيف "الإخوان" منظمة إرهابية    مستشار ألمانيا.. "إسرائيل تقوم بالعمل القذر من أجل الغرب"    تدشين موسم حصاد التمور ومشروع التجفيف بمديرية التحيتا    ريال مدريد يعلن عن رابع صفقاته الصيفية    عبدالفتاح إسماعيل ابتهج بمقتل سالمين وأرتعب وخاف عندما رشح للرئاسة    مستشار رئيس المجلس الرئاسي يعزي الرئيس البيض في وفاة شقيقه    "نيويورك تايمز" تعترف بتعمّد أمريكا قصف مركز إيواء المهاجرين بصعدة    طارق صالح يرفض الحضور إلى عدن ويصف العليمي بالفاشل    الشرعية اليمنية والانهيار من الداخل.. لن تستطع تقديم نموذج حكم محترم    بيان للرأي العام    حلم تلاشى تحت وطأة صفعات قوية    برشلونة يضم السويدي روني بردغي حتى 2029    سلسة مطاعم شهيرة في صنعاء تتجه لاغلاق أبوابها    الحوثيون يتحدون الاتفاق الأممي ويعززون الانقسام النقدي بتزوير عملات جديدة    اجتماع موسع لمناقشة وإقرار خطة وزارة الثقافة والسياحة للعام 1447ه    نقابة الصرافين الجنوبيين تطالب بفتح تحقيق ومساءلة قيادة البنك المركزي    صنعاء.. اعلان نتيجة الثانوية العامة    بطل مونديالي جديد من إيطاليا    سينر: ويمبلدون حلم.. وألكاراز: تنافسنا ساعدني على التطور    مدينة تعز .. السكان يواجهون عطشًا غير مسبوق واتفاق إدارة إمدادات المياه يواجه كوابح سنوات الحرب    نصائح عملية للحد من التعرق المفرط في الصيف    حنان مطاوع تعود إلى المسرح بعد غياب 10 سنوات ب"حتشبسوت.. العرش والحب"    الامم المتحدة: تفشي شلل الأطفال في 19 محافظة يمنية    تدمير مستوطنة أثرية جنوب صنعاء وسط صمت رسمي    كتاب قواعد الملازم.. وثائق عرفية وقبلية من برط اليمن " بول دريش جامعة أكسفورد" (4)    مرض الفشل الكلوي (12)    للتخلص من حصوات الكلى... 5 علاجات طبيعية يمكنك اتباعها في المنزل    يهودي من أبوين يهوديين.. من هو الخليفة أبو بكر البغدادي؟    أين علماؤنا وفقهاؤنا مع فقه الواقع..؟    العام الهجري الجديد آفاق وتطلعات    عاشوراء.. يوم التضحية والفداء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لارا .. عشيقة الدكتور زيفاجو
نشر في عدن الغد يوم 01 - 10 - 2014

كوبنهاجن شتاء 1968 أسير في الشارع الرئيسي الثلوج تنهمر بغزارة .. الأضواء تتراقص من واجهة المقاهي والمحلات ، تبدو كوبنهاجن في هذا المساء الرائع كأنها غارقة في الأضواء - الناس تسير من حولي الكل إلى غايته وأنا وحدي ليس غاية سوى السير تحت سيل الثلوج . يلفني حزن دفين في ليل المنفى ، أواصل السير لا أدري إلى أين أذهب ، توقفت أمام أحد دور السينما دخلت لأشاهد الدكتور زيفاجو الفيلم والرواية التاريخية التي كتبت قصة الثورة الروسية - هذه الراوية التي كتب لها الخلود في عالم الأدب وكتابة التاريخ ، لقد أبدع الجميع في إخراج هذه التحفة النادرة في عالم الفن والجمال.

لقد أبدع الفنان المصري العظيم عمر الشريف ، والممثلة الجميلة جولي كريستي وجيرالدين شابلن ، والموسيقار جار الذي أبدع في موسيقى الفيلم إلى جانب خالق هذا الإبداع الأديب الروسي الكبير الشاعر بوريس باسترناك. تسمرت في مقعدي وسافرت روحي إلى أماكن بعيدة خلف النجوم - نجوم وسماء بلادي .. دارت بي الدنيا وتوقف الزمن . شعرت أن هناك علاقة ما تربطني بما أشاهد وأسمع في قصة هذا الفيلم. برزت عبقريته في الكتابة بقالب كان معروفآ في الشعر الروسي ولكنه أستطاع أن يبلور ذلك بإخراج جديد يحمل معاني كثيرة وهذا العامل الذي أوجد الصعوبة للحزب الشيوعي في إتهامه المباشر ، لقد أستعمل نوع من التباين في المعاني لكلمات متجاورة ومتشابهة في البناء اللغوي ، وهذا ما يشبه السجع عند العرب، ولكن التشابه يكون في بداية الكلمات، ودلالة على ذلك في بداية حملة التطهير التي قام بها الحزب الشيوعي وردت قائمة بالإعتقالات ومن ضمنهم باسترناك وقدمت إلى ستالين ، نظر إلى القائمة وشطب اسم باسترناك وقال لهم : * لا تلمسوا ساكن الغيوم هذا * . كان ستالين معجب بقوته اللغوية وطريقة تعبيره عن الأشياء، وقد قام باسترناك بترجمة الكثير من أعمال شعراء من جورجيا. لم يجد ناشر لروايته الخالدة ولم يُعرف حتى الآن من قام بتهريب النسخة إلى إيطاليا .. هل هي ملهمته وعشيقته الجميلة أولجا إفيسكايا التي رمز إليها في روايته باسم لارا عشيقة الدكتور زيفاجو .

إن بوريس باسترناك قد كتب هذه الرواية الخالدة من وحي عيون لارا .. إن حب لارا قاد إلى هذا الخلود والإبداع. كان رده على إتهامات الحزب الشيوعي : * إن الذات ليست إلا خلية إجتماعية في الجسم الإجتماعي العام ، وإن الثورة الحقيقة لا تكون إلا بإعادة الإنسان إلى الطبيعة، لذا فهو يصور ما تنضوي عليه ذاته بائتلاف الأنغام والألوان والأفكار. ليكون ذلك تعبير عن حاجة إلى وجود عقلاني يشارك في خلق الحياة.* كان يؤمن بأن الأدب هو فن إكتشاف شئ خارج عن المألوف في حياة الناس العاديين وقول هذا بكلمات عادية خارجة عن المألوف – هكذا قال. باسترناك آمن بالثورة الروسية وساندها وأيد مبادئها ولكنه صدم حين رأى عجز التطبيق واللجوء إلى العنف والقوة ، لقد كانت أفكار على ورق كتبت في الخيال وبعقل فلسفي بعيد عن واقع الناس ، الثورة قادت إلى التدمير وحرمت الإنسان من حق التفكير ، وقد حدث ذلك في أماكن كثيرة من العالم وخاصة في الشرق حين لم يملك الثوار عمق التفكير ، ولم يؤمنوا سوى ما سطر في *المنفستو* دون النظر إلى عامل المكان والزمان فكانت الكوارث التي حلت بالناس ، والدماء التي سفكت دون سبب. فهتف باسترناك : * إن القسوة والتسلط وقوى الظلام ستتحطم بمرور الزمن على يد نور الروح * . لقد صدق في قوله وتحقق ما تنبأ به . عام 1958 منح باسترناك جائزة نوبل ، عن روايته الخالدة الدكتور زيفاجو وهي قصة حياته ولكن الحزب الشيوعي أمره مرغمآ أن يرفضها ، قام برفضها ولكنه أرسل إلى اللجنة هذه البرقية * ممتنن كثيرآ ، متأثر ، فخور ، مذهول ومحرج * .

في عام 1960 ألقت السلطات الروسية القبض على عشيقته أولجا إفسكايا بتهمة تهريب الرواية وتلقي أموال غير قانونية في إصدار الرواية ، وحكم عليها بالسجن 8 سنوات مع الأشغال الشاقة ، وحكم على إبنتها بالسجن 3 سنوات. قال يفجني باسترناك الذي تلقى الجائزة بالنيابة عن والده عام 1989 – قال * لم يكن لوالدي يد في إصدار الطبعة الروسية ، ولم تكن لديه أي فكرة عن إهتمام وكالة المخابرات الأمريكية به أيضآ ولم يتوقع والدي الفوز بالجائزة، ومن المحزن ، إنها لم تجلب له سوى التعاسة والمعاناة*. عاش بعدها في فقر مدقع لقد سلطوا عليه حرب نفسية ، ونفوه من المجتمع بطريقة رهيبة ، عاش في عزلة ولكن كان يؤمن بما قال وتنبأ. في30 مايو عام 1960 ذلك اليوم شعر بالغثيان بما يجري حوله ، أستقل الباص وعند نزوله في المحطة أنزلق مرتطمآ بالأرض فمات. خرجت من السينما بعد مشاهدتي الفيلم ، ولم أجد في نفسي رغبة في العشاء ، عدت إلى محطة القطارات الرئيسية في كوبنهاجن لأستقل القطار إلى بيتي في الضواحي ، وفجأة شعرت بالخوف أن أستقل القطار لسبب ما في نفسي أستقر في عقلي الباطني .. ألتحفت معطفي ونمت في محطة القطار على أحد الكراسي.

بقلم : محمد أحمد البيضاني
كاتب عدني ومؤرخ سياسي - القاهرة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.