الفريق السامعي: اغتيال الرئيس الحمدي كان في جوهره اغتيالاً للحرية والسيادة الوطنية    الفريق السامعي: اغتيال الرئيس الحمدي كان في جوهره اغتيالاً للحرية والسيادة الوطنية    السلطات الايرانية تفرج عن بحارين يمنيين    تقرير يرصد أكثر من 1600 حالة انتحار سنويًا في مناطق سيطرة الحوثيين    من يقرر مستقبل حضرموت؟    القائم بأعمال وزير الاقتصاد يتفقد سير العمل في مكتب الوزارة بالحديدة    مسير راجل ووقفة في صنعاء الجديدة تضامنًا مع الشعب الفلسطيني    عشرات الوقفات النسائية في صنعاء وحجة بمناسبة الذكرى الثانية للطوفان    تكريم فريق السنوار الرياضي في البيضاء    كاحل مبابي يثير مخاوف ريال مدريد    المنتخب الإيراني لرفع الأثقال يتوج بلقب بطولة العالم 2025 في النرويج    مدير هيئة المواصفات يطلع على سير العمل بميناء الحديدة وفرع الهيئة بالمحافظة    منشور لترامب يتسبب في تراجع مؤشرات الأسهم الأمريكية    فعالية في الحديدة باليوم العالمي للصحة النفسية    توقيع اتفاقية تعاون مشترك بين جامعتي البيضاء والضالع    وداع الستين: وقفة للتصفية والتجديد والاستعداد    وفاة الفنان علي عنبة    احباط محاولة تهريب قطع اثرية عبر منفذ جوي    جدد دعم المجلس للاصلاحات الحكومية.. النائب العليمي يؤكد التزام مجلس القيادة بمواجهة التحديات بروح جديدة وصف متماسك    مصر تجدد عزمها استضافة مؤتمر دولي لإعادة إعمار غزة    تعز.. لجنة الإخلاء تسعى للتهرب من مهمتها وتفتح باب تلقي الشكاوى    أمن العاصمة عدن يلقي القبض على أخطر عصابة تزوير وثائق وشهادات رسمية في مديرية كريتر    مئات الآلاف يواصلون العودة في اليوم الثاني لوقف الحرب على غزة    تكتيك جديد لفليك مدرب برشلونة.. راشفورد مهاجم صريح    وفاة وإصابة 3 أشخاص من أسرة واحدة في إب نتيجة انهيار أكوام من التراب عليهم    شبوة.. تنفيذ حكم إعدام قبلي في مديرية نصاب    عن التهريب: ميناء عدن.. ماذا يجري الضبط؟    المهرة.. ضبط أكثر من 3000 قطعة إلكترونية تستخدم في الطائرات المسيّرة وصناعة المتفجرات    خبير طقس يتوقع أمطاراً غزيرة على عدد من المحافظات    الخيال المتوحش في أمريكا حين يتحول الحلم إلى قوة بلا روح    الخطر السكاني: لماذا يهدد ضم مناطق يمنية هوية الجنوب العربي؟    عاجل الى القيادة الجنوبية.. أين الرواتب    التصريحات السياسية بين "الإستراتيجية والتكتيك" وخطورة تأويلها    غزة.. مدينة الرماد والرجاء    شكر وعرفان    فورين بوليسي: هذه أكبر العقبات أمام اتفاق غزة    توزيع 5 أطنان من بذور الذرة لعدد 150 مزارعا في وصاب السافل    علاء الصاصي يهاجم قيادات اللجنة الأولمبية واتحاد رفع الأثقال    تشييع جنازة الشيخ محمد يحيى حسن الورد    وفاة فنان شعبي يمني شهير    تحذير من توقف كلي لكهرباء عدن    الفنان أحمد الحبيشي يغادر المستشفى بعد عملية طارئة    ضبط ثلاثة ألف قطة إلكترونية حساسة تستخدم في الطيران المسير بجمرك منفذ صرفت    اليمن يستأنف مشاوراته مع صندوق النقد الدولي بعد 11 عاما من الانقطاع    قطاع الحج والعمرة يعلن بدء تطبيق اشتراطات اللياقة الطبية وفق التعليمات الصحية السعودية لموسم حج 1447ه    تصفيات اوروبا لكأس العالم: هولندا تعزز صدارتها بفوزها على مالطا    التصفيات المؤهلة لكأس آسيا 2027: سوريا تكتسح ميانمار بخماسية    منتخب اليمن يحيي أحلام التأهل لكأس آسيا 2027    فريق التوجيه والرقابة الرئاسي يشارك في ندوة علمية بعنوان "سقطرى في مواجهة الغزاة"    "دبور الجولان" يقتل جندي إسرائيلي    الرمان... الفاكهة الأغنى بالفوائد الصحية عصيره يخفض ضغط الدم... وبذوره لها خصائص مضادة للالتهابات    ما فوائد تناول المغنيسيوم وفيتامين «بي-6» معاً؟    اليهود في القرآن...!!    إِنَّا عَلَى العَهْدِ    مرض الفشل الكلوي (22)    كاد تهرب المسؤول أن يكون كفرا    جريمة قتل جماعي قرب حقل مياه عدن.. دفن نفايات شديدة الخطورة في لحج    بدء توزيع الزكاة العينية للأسر الفقيرة في مديرية اللحية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دول مستقرة ودول منتفضة

تعددت الطروحات العربية التي عنيت بمفهوم الدولة أو بالدولة العربية الحديثة وطرق تقسيمها تاريخيا أو سياسيا أو منهجيا، وشارك في ذلك العديد من الباحثين والمفكرين العرب وغير العرب، وهو موضوعٌ بطبيعته قابلٌ للتغير، بحسب حراك التاريخ وتغير الدول وتطور المجتمعات.
الواقع العربي اليوم، وبعد انتفاضات عام 2011 التي طالت عددا من الجمهوريات العربية، يشير إلى عناصر جديدة ينبغي أن تطال تلك التقسيمات والأنواع التي كان متعارفا عليها لفترة غير قصيرة من الزمن، وذلك أن العالم العربي كلّه قد دخل في مرحلة جديدة من التاريخ، وهي تستحق إعادة النظر وترتيب الأفكار.

فعلى مستوى الدولة الوطنية الحديثة في العالم العربي، يمكن تقسيم الدول العربية اليوم إلى 3 أنواعٍ تقريبا، ويندرج تحت كل نوعٍ تفصيلات أكثر دقة حتى لا نقع في وهم اتحاد النماذج غير العلمي وغير العملي في نفس الوقت، وهذه الأنواع هي: الدول الملكية، والدول المنتفضة، ودولٌ لها سياقات خاصة.

أما الدول الملكية فهي دول الخليج الستّ ومعها الأردن والمغرب، وهي دولٌ استطاعت تجاوز الأزمة الكبرى فيما كان يُعرف بالربيع العربي، ولئن سلكت كلٌ منها سبيلا مختلفا في فهم ما كان يجري، وفي السبل الأمثل للتعامل معه ومواجهة تداعياته، إلا أنها جميعا استطاعت النجاح في ذلك التعامل داخليا وإقليميا. وقد أدركت شعوب تلك الدول أهمية الاستقرار السياسي، وفهمت معنى هيبة الدولة، وضرورات البقاء مع إصلاحاتٍ سياسية ومؤسساتية واجتماعية، كلٌ منها بحسب ظروفه، فطالت الإصلاحات السياسية تغييرات يشملها التطوير السياسي المتدرج، وشملت إصلاحاتٍ مؤسسية فيما يتعلق بالقضاء والتعليم وغيرهما، وكان ثمة إصرارٌ على أن تصل الإصلاحات الاجتماعية إلى كافة شرائح المجتمع، وبالتحديد الشرائح الفقيرة والأكثر فقرا.

بالإضافة لهذا، فإن هذه الدول، وبالنظر للخراب الذي لحق بغيرها وبالذات بالدول المنتفضة، قد حدث فيها تطوراتٌ ملحوظة يمكن التمثيل لها ب3 عوامل: الأول، ارتفاعٌ ملحوظٌ في حضور الشعور الوطني لدى الغالبية العظمى من المواطنين الذين كان بعضهم منشغلا بهوياتٍ أصغر، كالقبلية والمناطقية، أو بمطالب خدمية، وإن كانت محقة فقد كانت تجعل التفكير في استقرار الدولة يتمّ على أساس أنه أمرٌ مسلمٌ به ولا يحتاج للتفكير.
العامل الثاني، شعورٌ جديدٌ بالولاء للدولة، والحرص على بقائها ونموها، وكذلك استحضار الأعداء الأشداء الذين يستهدفونها ويكيدون لها ويمكرون بها، وقد أصبحت أصابع الاتهام تتجه بشكلٍ كبيرٍ لكل مثير فتنة أو مرتكب خيانة أو ساعٍ لتفرقة.

العامل الثالث، التعبير المتزايد عن الفرح بالدولة أو الاحتفاء بالوطن، وذلك عبر مظاهر ذات رمزية خاصة، مثل التركيز على الفرح باليوم الوطني لهذه البلدان بشكلٍ واسعٍ وكبيرٍ لم يكن موجودا بهذه الكثافة من قبل، ومثل العناية بأعلام الدولة الرسمية وشعاراتها المعتمدة وصور قياداتها ورفعها على البيوت أو وضعها على السيارات والملابس ونحوها.

هذا بالنسبة للدول الملكية، أما بالنسبة للدول المنتفضة، أي تلك الجمهوريات العربية التي طالتها نيران الربيع الأصولي العربي، فقد عمّت فيها الفوضى والأصولية والإرهاب، وهي كلٌّ من تونس ومصر وليبيا وسوريا واليمن، وقد اختلفت مصائرها بناء على اختلاف عدة معطياتٍ داخلية وإقليمية ودولية، فمصر، على سبيل المثال، استطاعت الخروج من النفق الأصولي بإرادة شعبية عارمة وباستجابة كاملة من الجيش المصري، وبدعمٍ غير مسبوقٍ من دول الخليج المستقرة، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ودولة الكويت، ولم تزل مصر تسعى لفرض هيبة الدولة واستقرارها ونموها وتقدمها، وإن بقيت جيوبٌ لم تزل الأصولية والإرهاب تقاوم فيها، كما في شبه جزيرة سيناء.

أما تونس، وهي أولى الدول المنتفضة تاريخيا، فقد شهدت سيطرة سياسية لحزب النهضة الإخواني الأصولي المعروف، وهي اليوم تخوض انتخاباتٍ جديدة ستحدد مصيرها ومستقبلها بين الأصولية والدولة الحديثة، والمفارقة هي أنّ هذه الدولة حاملة إرث بورقيبة تحكمها الأصولية، ويخرج من شبابها أكبر أعدادٍ للمشاركة في الإرهاب العابر للحدود من تنظيم داعش في سوريا والعراق إلى جبهة النصرة ومثيلاتهما، وهي تعاني اقتصاديا ولا تكاد تجد مخرجا، وستكون مهمة إنقاذها عسيرة.

وجارتها ليبيا تعاني من فوضى مستحكمة وإرهاب متفشٍّ وحركاتٍ وتنظيماتٍ إرهابية من كل شكلٍ ولونٍ، ويعاني مواطنوها واقتصادها من إرهاب الإسلام السياسي المتمثل في جماعة الإخوان المسلمين، وفي التنظيمات التابعة لتنظيم القاعدة وغيرهما، وهي تحاول اليوم بشتى الطرق ضرب ذلك الإرهاب عبر جيشها الوطني وبرلمانها المنتخب، وهي لو نجحت في القضاء على الأصولية، فإن اقتصادها سينتعش بشكلٍ أسرع، لكونها دولة نفطية لا تمرّ صادراتها بالمضايق البحرية في المنطقة، ومهمة النجاة ليست سهلة بأي حالٍ من الأحوال.

أما النزاع في سوريا فهو نزاعٌ تطوّر من كونه نزاعا داخليا بين شعبٍ أعزل وحاكمٍ متوحشٍ إلى نزاعٍ إقليمي واسعٍ، إلى أن أصبح صراعا دوليا، وتعتمل في داخله كل العناصر الأكثر تخلفا في التراث العربي والإسلامي.

وما يصح في سوريا يصح في اليمن الذي يبدو اليوم وكأنه في طريق الخضوع للأصولية الكاملة والنزاع بين الأصوليات المتشابهة من جماعة الإخوان المسلمين وتنظيم القاعدة إلى جماعة الحوثي، وقد وصل به الحال إلى أن يكون مهددا بالتقسيم، ويتجه بقوة إلى أن يصبح دولة فاشلة.

هذا بالنسبة للملكيات المستقرة والجمهوريات المنتفضة، أما بالنسبة لبقية الدول العربية، كالصومال والسودان والجزائر والعراق ولبنان، فالصومال لم يكن قد تبقى فيه شيءٌ بعدما التهمته الفوضى الأصولية منذ أمدٍ، والسودان تقسم بفعل الحكم الأصولي، وهو مهدد بمزيدٍ من التقسيم، أما العراق ولبنان فقد فرخت فيهما الطائفية منذ أمدٍ، أما الجزائر فقد اجتازت الامتحان الصعب بحكم الحرب الطويلة مع الأصولية.

فيما عدا الملكيات فنحن نعيش في زمن الميليشيات التي تعتدي على الدولة، وهي في مجملها حصيلة الربيع الأصولي الإرهابي، وبعضها يمتد تاريخها لما قبله، فميليشيا «حزب الله» تطبق الخناق على مصير الدولة اللبنانية منذ سنين طويلة، والميليشيات الطائفية الشيعية عاثت فسادا في العراق، ثم دخلت على الخط ميليشيا «داعش» التي تحتل مناطق في العراق وسوريا، وميليشيات «القاعدة» وجماعة الإخوان المسلمين تنشر الخراب والدمار في ليبيا، وميليشيا الحوثي تسيطر على العاصمة صنعاء، وعلى مناطق واسعة من أرض شمال اليمن، بينما ينشط تنظيم القاعدة في جنوبه.

* نقلا عن "الشرق الأوسط"


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.