والله أنها فوضى خلاقة من نوع خاص ما يجري في البلاد ما بعد مؤتمر الحوار المنتهية صلاحيته من الحركة الشيعية التي تعتبر نفسها فوق الدولة وكأنها المنقذ من الازمات ومخلص الشعب من الويلات، فالجيش ما هو إلا جيشها، والقوة ما هي إلا قوتها ، فما زالت تتوسع غرباً ووسطاً وشمالاً، فهل تجرؤ الزحف نحو الجنوب إلى عدن وحضرموت؟ متأكد إن المهلة التي أعطيت للرئاسة والمحددة بعشرة أيام ستنقضي كما انقضت شهور وأعوام في العدالة الانتقالية والإصلاحات الاقتصادية وأيام مؤتمر الحوار المارثونى والبلاد تتجه نحو الأسوأ، وستنقضي تلك الأيام كما يريد أصحابها لعودة البلاد إلى الماورائية السياسية البغيضة. وحتى ما اتفقت عليه المكونات السياسية بتفويض هادي وبحاح في تشكيل حكومة كفاءات ونزهات فستقوض من الحركة ولم تسلم فيما بعد من تلك الاعتراضات وستفرض رأيها في وضع من تريد حتى لو تطاولت على مكونات أخرى وتلك هي ملامح المرحلة القادمة في جر البلاد إلى المجهول . لم تكن هناك حتى الآن دولة فهي غائبة وضعيفة ومشلولة، ولم يستغل الجنوبيين قنص الفرصة الذهبية التاريخية لإعلان مشروعهم في بناء الدولة الحديثة ولومن جانب واحد فلسنا الوحيدين في العالم فقد استقلت دول دون اعتراف وليس غريب علينا فنحن غير معترف به من زمان لكن سنصل الى الهدف المنشود في الانعتاق من رقبة المستعمر السرى على حد تعبير البردونى ،المطلوب في المرحلة الراهنة الانتقال من طور التشكيل الجنيني التي تعسرت ولادته ولم تتم إلا بتدخل جراحي من نوع خاص تؤسس لمرحلة ما بعد التحرير والاستقلال. العجيب هذه المرة أن يظهر المبعوث الأممي بن عمر متأخراً بل متكاسلا وكأنه حقق نصراً في اتفاق الأطراف بالتوصل لحكومة كفاءات فقد أعلن الاتفاق قبله بكثير فقد تكلس وتصدأ بريقه بعد الاجتياح العظيم وضعفت لغته الدبلوماسية أمام الاكتساح الصامت ولم يذعن إلا الانقياد بالهزيمة والاستسلام المسمى مجازا بالسلم والشراكة فوق المخرجات المبشرة في بناء الدولة المنهارة وهي ما زالت تحت الانقاض وفوهات المدافع لم تسكت بل تعمقت نحو حروب المحليات والجيل الرابع .