خبر مثير أو صفة عجيبة أو حدث غريب أو نبوءة مدهشة تنتشر أصداؤها بين الناس كانتشار النار في الهشيم .. إنها " الشائعات " التي لا يجمعها إلا جهالة المصدر " بؤرة مجهولة " مع ما فيها من غرابة وإثارة وبين أوساط المكائد السياسية أو الحرب النفسية أو المنافسة التجارية أو لفت الانظار أو حتى مجرد الفكاهة واتنذر .. تنمو وتتضخم وتترسخ في ثقافة المجتمع تارة أو تموت بعد فترة تارة أخرى . إذا توافرت لها مناخات الجهل أو الامية الثقافية فهي تموت على لسان صاحبها لولا وجود الجاهل الذي يجعل من الحبة قبة ، كما أنه يمكن أن تمتلئ بالاكاذيب والايدي المتعطلة تخلق ألسنة لاذعة ، ومن سفلت همته لم يجد بيئة كريمة تدفعه الى العطاء والانجاز ، ولغ في حضيض التفاهة ولم يعرف إلا القليل والقال ! . قد تنطلق من مرض حب الظهور ومدعي الثقافة والرسوخ العلمي الوهمي أو من الراغبين في تضخيم أنفسهم بإدعاء اطلاعهم على دهاليز الأخبار وبواطن الامور ، ومما يزيد الطين بلة أن يكون هذا النمط من مروجي الشائعات ممن لهم علاقة بالجهة التي تعنيها ، خصوصاً لو كانت جهة سيادية لا تتسرب منها الأخبار إلا بشق الأنفس وهنا تكمن الكارثة وتنطلق الشائعة وتحدث التناقضات التي من الصعب أن توقفها بأي حال من الاحوال والتي لها من القدرة ما يمكنها من هزيمة الحقيقة نفسها . لدى أي أنسان قناعة ذاتية بأنه يتلقى معلومات بصورة واعية ، وأنه يفكر بمنطقية وحيادية في أغلب الأحيان ، وآن آراءه وقراراته مبنية على منطقية تفكيره ، لكن الحقيقة أن أدمغتنا تدفعنا الى إختيار المعلومات بصورة انتقائية تنسجم مع قناعاتنا المسبقة ، وفي أحيان كثيرة نعجز عن ملاحظة التناقضات الصريحة في الأفكار بسبب سلطان عواطفنا . في النهاية التناقضات والشائعات تعتبر حجر عثرة لا يستهان بها فهذه الاخبار التي لا تعدو أن تكون مجرد كلمات ، كم من أمة دمرتها ، وجيوش خذلتها ، وجماعات فرقتها ، وافراد أقلقتها وأُسر فككتها .. حطمت عظماء ولوثت أبرياء وشتت اصدقاء وقطعت وشائج وتسبب في جرائم .