بين مؤيد ومعارض، وبين مستنكر ومحتفي به، وبين من اعتبرها بدعة ومن رآها بهجة وفرحة لا بد من الاحتفال بها.. هكذا مر علينا يوم ميلاد سيدنا محمد صلوات ربي وسلامه عليه واله وصحبه وسلم، في يمننا الحبيب، والحقيقة اننا معشر المحتفلين به سنويا شاهدنا هذا العام صبغة جديدة للاحتفال بمولد سيد الخلق، وهي وان كانت بدعة من وجهة نظر البعض، فينبغي ان يحملوها على محمل البدعة الحسنة. لا اعرف لماذا لا يستسيغ البعض احتفالنا بمولد سيدي ابو الزهراء صل الله عليه واله وصحبه وسلم، ويدرجها ضمن البدع المنكرة، مع انه يرتكب من البدع ما لا يعد ولا يحصى، فهو يحتفل بيوم ميلاده الشخصي هو وأولاده وزوجته على الطريقة الغربية، كما انه يخصص يوما للاحتفال بعيد زواجه وآخر للاحتفال بعيد الحب وعيد المعلم والشجرة والعمال والمرأة.. ومع هذا لا يعد تلك الاحتفالات بدعة إلا اذا اتى الاحتفال بجد الحسنين صلات ربي وسلامه عليه واله وصحبه وسلم.
لقد أساء البعض منا الادب مع رسولنا الأعظم، فمن ضمن ما قرأت متزامنا مع المولد الشريف، مقالا في صحيفة اليمن اليوم في عددها رقم 906 الصادر في يوم الاربعاء 31/12/2014م، للكاتب سليم عامر، عنونه ب: رسالة الى النبي .. ما هذا الدين يا محمد، وهنا اتفق تماما مع الشيخ عبد الرحمن المكرم امام وخطي الجامع الكبير بالحديدة، الذي قال في خطبة الجمعة الماضية 2/1/2015م، بأن عنوان المقال بداية فيه سوء أدب في التخاطب مع نبي الرحمة، ناهيك عن المحتوى الذي اورد فيه الكاتب مفردات لا تليق ان يخاطب بها صديق صديقه، فما بالنا عندما يكون المخاطب، من ادبه ربه فأحسن تأديبه، صل الله عليه واله وصحيه وسلم.
لم نكد نردع على ما يقول ببدعية المولد الشريف حتى ظهر علينا من يهين خاتم المرسلين بكلمات اقل ما يقال عنها انها لا تستقيم مع قدر المخاطب ومكانته، ليس لدينا نحن البشر، بل لدى الله عز وجل الذي بعثه مقاما محمودا، وأعطاه من المنن والعطايا ما لم يعطها نبي ولا رسول قبله، حتى قدمه اماما على جميع الانبياء والمرسلين في المسجد الاقصى ليلة الاسراء والمعراج.
وكما نتفق مع البعض بأن المولد الشريف هو اقتداء بالسنة المطهرة، قبل ان يكون اعلاما تعلّق ومفرقعاتتقرّح، ولكن اين المعارضون للاحتفال من سنته التي يأمرون الناس بها وينسون أنفسهم.. ألا يعلمون انه كان يصوم يوم الاثنين من كل اسبوع فلما سأله اصحابه رضوان الله عليهم اجمعين عن السبب قال: ذلك يوم ولدت فيه، فإذاً ما قام به المصطفى صل الله عليه وسلم، هو اقرار لما نقوم به اليوم من تعظيم لهذا اليوم الكبير.
على كل من يدعي بدعية الاحتفال ان يبتعد عن كل ما لم يقم به صل الله عليه واله وصحيه وسلم، فلا يركبون السيارات بل يعودون للحمير والجمال، ولا يسافرون بالطائرات بل بقطعون المسافات بين الدول مشيا على الاقدام، ولا يستعملون الهاتف والحاسوب والانترنت ... الخ، فكل تلك الاشياء بدع استحدثناها ، هل يستطيعون فعل ذلك؟؟ أتحداهم.. ولكنهم عند تعظيم الرسول الخاتم بالاحتفال بيوم مولده سيظلون يقول عنا المحتفلين بأنا مبتدعون.. ونعم البدعة ما نقوم به، ان سلمنا انها بدعة كما يقولون، مع انها اهتمام بسيد الخلق، ومن بسببه وجد الدين الخاتم.
ان الاحتفال بالمولد الشريف يعرفه اليمنيون منذ مئات السنين وليس منذ ان اظهرته فئة بعينها هذا العام، فما من بيت في تهامة وسائر اليمن الا وهي يحتفل به وتقيم المولد ليلا وتقرأ سيرته العطرة ويصام نهاره، وتكسي الابناء الملبس الجديد ويوسع عليهم وتقام الالعاب الابتهاجية بقدوم من خلص البشرية من ظلام الشرك الى نور الإيمان.. ومن ذلك ما يقوم به دار الخير لتحفيظ القران الكريم والدراسات الاسلامية في الحديدة برعاية عميد الدار الحبيب سالم الجنيدي، وغير ذلك من المؤسسات الدينية والثقافية في مختلف مدن يمننا الحبيب، فرحة بمولد الهادي البشير المنير.
نشيد بالتغطية الكبيرة التي قامت بها صحيفة الثورة احتفاء بمولد الرسول الأعظم، فإن كانت الصحيفة تخصص ملحقات للاحتفال بالأعياد الوطنية والمناسبات المختلفة، فرسول الله صل الله عليه واله وصحبه وسلم، احق بالاحتفال به، كما نشيد بتفاعل مختلف وسائل الاعلام الرسمية بهذا المناسبة العظيمة، ولكن حبنا لرسولنا الكريم يجعلنا ننزهه عن المكايدات السياسية، فالاحتفال هو ديني صرف، ولا ينبغي ان نحشر انفس السياسة فيه.