المسيرة تمضي صامتة للتعبير عن التضامن وكذلك الشعور بالصدمة الذي ساد في فرنسا والعالم بعد أسوأ هجوم ينفذه إسلاميون متشددون في مدينة أوروبية منذ تسع سنوات. تجمع عشرات من زعماء العالم وبينهم رجال دولة مسلمون في باريس، اليوم الأحد، للانضمام إلى مئات الآلاف من المواطنين الفرنسيين في مسيرة وسط إجراءات أمنية مشددة في تكريم لم يسبق له مثيل لضحايا هجمات نفذها متشددون إسلاميون الأسبوع الماضي. وتمضي المسيرة صامتة للتعبير عن التضامن وكذلك الشعور بالصدمة الذي ساد في فرنسا والعالم بعد أسوأ هجوم ينفذه إسلاميون متشددون في مدينة أوروبية منذ تسع سنوات. وقبل ساعات من المسيرة، نشر تسجيل فيديو على الإنترنت سجله فيما يبدو أحد المسلحين قبل أن يحتجز رهائن في متجر للأطعمة اليهودية يوم الجمعة ليقتل أربعة أشخاص قبل أن تقتله الشرطة، وكان يجلس مرتديا ملابس بيضاء وبجانبه سلاح. وتم نشر نحو 2200 من أفراد الأمن لحماية المسيرة من أي مهاجمين محتملين وتمركز قناصة على أسطح المباني في حين اختلط رجال شرطة بالزي المدني بالحشود. وتم تفتيش نظام الصرف الصحي في المدينة قبل المسيرة ومن المقرر إغلاق محطات قطارات الأنفاق حول مسار المسيرة. وبالنسبة لفرنسا أثار الهجوم تساؤلات عن حرية التعبير والدين والأمن وبالنسبة لخارجها فقد كشف مدى هشاشة الدول في مواجهة الهجمات في الحضر. ونسب مسؤول في الإليزيه إلى الرئيس فرانسوا أولوند قوله للوزراء "باريس اليوم هي عاصمة العالم. سينتفض بلدنا بأكلمه وسيظهر أفضل ما فيه". وقتل 17 شخصا بينهم صحفيون وأفراد شرطة خلال ثلاثة أيام من العنف الذي بدأ بهجوم بالأسلحة النارية على صحيفة شارلي إبدو الساخرة يوم الأربعاء وانتهى بخطف رهائن في متجر للأطعمة اليهودية يوم الجمعة. وقتل أيضا المسلحون الثلاثة الذين نفذوا الهجمات. ونشر تسجيل فيديو يظهر فيه رجل يشبه المسلح الذي قتل في متجر الأطعمة اليهودية. وبايع الرجل تنظيم الدولة الإسلامية وحث مسلمي فرنسا على أن يسيروا على خطاه. وأكد مصدر في شرطة مكافحة الإرهاب الفرنسية أن الرجل هو القاتل أميدي كوليبالي وأنه كان يتحدث قبل الهجوم. وفي أجواء مشمسة تجمع مئات الأشخاص مبكرا لتأمل أكاليل الورود التي وضعت للضحايا في بلاس دو لا ريبوبليك وهي الساحة التي انطلقت منها المسيرة عبر باريس. وخلال الليل كتب على لافتة مضاءة علقت على قوس النصر "باريس هي شارلي". وقال زكريا مؤمن وهو فرنسي من أصل مغربي يبلغ من العمر 34 عاما بينما لف جسده بالعلم الفرنسي "أنا هنا لأظهر للإرهابيين أنهم لم يفوزا بل على العكس سيوحد هذا الناس من جميع الديانات". وقال لوري بيريه (12 عاما) الذي حضر مع والدته وأخيه "بالنسبة لي الأمر أشبه بتأبين الأحباء. وكأننا عائلة.. أخذنا درسا عن ذلك في المدرسة". وتشارك المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ورئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينتسي ضمن 44 زعيماء أجنبيا في المسيرة مع أولوند. وقال رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس "ستكون مظاهرة غير مسبوقة سيحكى عنها في كتب التاريخ". وقتل 12 شخصا في هجوم يوم الأربعاء على شارلي إبدو وهي صحيفة معروفة بالسخرية من الديانات والساسة. وكان من بين القتلى رسامو الكاريكاتير الأهم في الصحيفة. واستهدف المهاجمون - ومن بينهم شقيقان مولودان في فرنسا من أصول جزائرية- الصحيفة الأسبوعية لنشرها رسوما مسيئة للنبي محمد. وقتل المسلحون الثلاثة فيما وصفه محللون محليون بأنه "هجمات الحادي عشر من سبتمبر الفرنسية". وقال روجيه كوكيرمان زعيم الجالية اليهودية في فرنسا وعددها 550 ألف شخص وهي الأكبر في أوروبا إن أولوند وعد بعد الهجمات بتوفير حماية إضافية للمدارس والمعابد اليهودية من قبل الجيش إذا استلزم الأمر. وتقدر الوكالة اليهودية الفرنسية التي ترصد هجرة اليهود أن أكثر من خمسة آلاف يهودي غادروا فرنسا إلى إسرائيل في 2014 مقارنة بثلاثة ألاف وثلاثمئة في 2013 وهو رقم كان يمثل زيادة نسبتها 73 في المئة عن عام 2012. ورغم التضامن الواسع مع الضحايا فقد ظهرت بعض الأصوات المعارضة. ونقلت مواقع التواصل الاجتماعي الفرنسية تصريحات ممن يشعرون بالاستياء من شعار "أنا شارلي" الذي تم تفسيره بأنه يعني حرية التعبير أيا كان الثمن. ويشير آخرون إلى أن مشاركة زعماء دول تطبق قوانين إعلامية قمعية في المسيرة هو ضرب من النفاق. وقالت مارين لوبان زعيمة حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف التي يتوقع محللون أن تحصل على دفعة في استطلاعات الرأي بسبب الهجمات إن حزبها المناهض للهجرة استبعد من مسيرة باريس وسيشارك بدلا من ذلك في مسيرات محلية. وفي ألمانيا اجتذب تجمع ضد العنصرية وكراهية الأجانب أمس السبت عشرات الالاف من الأشخاص في مدينة دريسدن الشرقية التي أصبحت مركزا للاحتجاجات المناهضة للهجرة والتي تنظمها حركة جديدة تطلق على نفسها اسم "أوروبيون وطنيون ضد أسلمة الغرب". ومن ناحية أخرى قالت الشرطة اليوم الأحد إن مبنى صحيفة هامبورجر مورجن بوست الألمانية تعرض لحريق متعمد بعد أن أعاد نشر رسوم شارلي إبدو مثل مطبوعات أخرى كثيرة. وقالت مصادر تركية وفرنسية إن امرأة كانت الشرطة الفرنسية تلاحقها كمشتبه بها في الهجمات غادرت فرنسا قبل عدة أيام من الهجمات ويعتقد أنها في سوريا. وبدأت الشرطة الفرنسية عملية بحث مكثفة عن حياة بومدين (26 عاما) وهي شريكة أحد المهاجمين ووصفت بأنها "مسلحة وخطرة". وقال مصدر مطلع على الوضع إن بومدين غادرت فرنسا الأسبوع الماضي وسافرت إلى سوريا عبر تركيا. وأكد مسؤول تركي كبير هذه الرواية وقال إنها مرت عبر اسطنبول في الثاني من يناير كانون الثاني.