يحدثني بيرتي فوجتس مدرب منتخب ألمانيا الأسبق عن نهائي أمم أوروبا عام 1996 حين كانت ألمانيا متخلفة بهدف للاشيء أمام التشيك حتى منتصف الشوط الثاني، يقول طلبت من بيرهوف وكان احتياطياً أن يدخل للمباراة، قال له بيرهوف ماهو المطلوب مني؟ أجابه فوجتس ادخل وسجل هدفين للفوز بالبطولة، وفعلاً سجل بيرهوف هدفين وفاز الألمان بالبطولة. هذه قيمة المهاجم وهذا إحساس المدرب بمهاجمه وثقته به. علي مبخوت مهاجم منتخب الإمارات الخطير ومسجل أسرع هدف في تاريخ آسيا لم تكن بداياته توحي بأنه سيكون أحد أخطر المهاجمين، كان يضيع الفرص وكانت الجماهير لاتؤمن أنه من الإنصاف أن يلعب أساسياً للمنتخب وهو الاحتياطي في نادي الجزيرة، لم يؤمن به إلا مهدي علي مدرب منتخب الإمارات الذي أصر على مشاركته ومنحه الفرصة تلو الأخرى حتى أتى اليوم الذي أصبح معشوق الجماهير الإماراتية، فرض اسمه أساسياً في المنتخب والنادي والسبب مهدي علي. ومبخوت ليس اللاعب الوحيد الذي اكتشفه مهدي، فأغلب لاعبي المنتخب كانوا لا يشاركون في أنديتهم أساسيين، وكان مستوى اللاعب يظهر مع المنتخب أفضل من ظهوره مع النادي والسبب مهدي علي الذي صنع هوية لمنتخب الإمارات وأعاد كرة الإمارات للواجهة بعد سنواتٍ عجاف من المعاناة ومع ذلك تسمع أحد المنظرين أن مهدي علي مجرد مدرب محظوظ، صوت نشاز تسمعه هنا في الإمارات وهناك في دول عربية وخليجية على شاشات التلفزيون وصفحات الجرائد وما أكثر المنظرين الذين يطلق عليهم مجازاً لقب محلل أو ناقد. وعلى الرغم من كل إنجازات مهدي مع المنتخبات الإماراتية إلا أن البطولة الآسيوية هي المحك الحقيقي لهذا المدرب، فاللعب مع الكبار يختلف شكلاً وموضوعاً عن بطولات الخليج، وما ينطبق على مهدي ينطبق على هذا الجيل من نجوم كرة الإمارات، فمنذ تأسيس هذا المنتخب كانت الإستراتيجية هي الفوز بهذة البطولة والوصول لكأس العالم المقبلة .. فهل يتحقق الهدف؟ حين زج كوزمين بالسهلاوي بجانب نايف هزازي ونواف العابد شكل هذا الثلاثي خطاً هجومياً مرعباً أطلق صرخة في سماء الكرة الآسيوية متمثلة برباعية في مرمى كوريا الشمالية أن الأخضر السعودي الذي أصابه الوهن لم يمت، وأن الكرة السعودية أهم أركان الكرة الآسيوية، وأنه نعم يمكننا الذهاب بعيداً في هذه البطولة فقط لو أدرك الجميع أن المنتخب يمثل الجميع ولا يمثل اللون الواحد، وأن التعصب خارج الملعب يقتل الطموح ويبيد الإبداع ويحرم هذا الجيل من متعة اللعب لمنتخب يمثل الجميع. مازلت عند رأيي أن إمكانيات الكرة السعودية أكبر من نتائجها، وأن هذا الجيل قادر على تحقيق ما حققته الأجيال السابقة، وأن الأجمل للكرة السعودية لم يأتِ بعد، وإن غداً لناظره قريب، وتبقى الكلمة الأخيرة لكوزمين في اختياراته ليحقق إنجازاً مع الكرة السعودية أكبر من جميع إنجازاته .. فهل يلعبها بذكاء؟