وصلت أمس المفاوضات بين الأطراف السياسية اليمنية وجماعة الحوثيين للتوصل إلى حل للأزمة التي عصفت بالبلاد وأدخلتها في فراغ دستوري إلى طريق مسدود، وأعلن البرلمان تأجيل جلسته الطارئة للبت في استقالة الرئيس عبدربه منصور هادي إلى أجل غير مسمى، وسط تصاعد المخاوف من تفتت اليمن وتقسيمه جراء الرفض الشعبي الواسع لمحاولات الحوثيين حكم البلاد بالقوة. في الوقت نفسه يدعم تيار في حزب علي صالح إقناع زعيم الحوثيين بعدم الموافقة على تراجع هادي عن الاستقالة وتشكيل مجلس رئاسي يدير البلاد برئاسة جنوبي. وفيما واصلت الجماعة أمس حصارها لمنازل الرئيس هادي ورئيس الحكومة المستقيلة خالد بحاح وفرض الإقامة الجبرية على عدد من الوزراء أقدم مسلحوها على قمع تظاهرة طلابية مناهضة لها أمام جامعة صنعاء باستخدام الرصاص الحي والهراوات قبل أن تعتقل أكثر من 20 ناشطاً وتقتادهم إلى مكان مجهول. إلى ذلك منع مسلحو الجماعة قائد القوات الجوية اليمنية اللواء راشد الجند من دخول مكتبه في مقر القيادة في قاعدة الديلمي الجوية جوار مطار صنعاء، كما عززوا من سيطرتهم على مختلف الوزارات والمؤسسات الحكومية. وتزامنت هذه التطورات مع اشتباكات بين قوات الأمن وعناصر من «الحراك الجنوبي» المطالب بالانفصال عن الشمال في كل من عدن والمكلا سقط خلالها قتلى وجرحى، بالتزامن مع تصاعد الاحتجاجات الجنوبية المنددة ب»انقلاب الحوثيين على الرئيس هادي ومسار العملية الانتقالية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني». وأعلن الحزبان الاشتراكي والتنظيم الوحدوي الناصري انسحابهما من المفاوضات التي جمعت أمس الأطراف السياسية مع الحوثيين برعاية مستشار الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه إلى اليمن جمال بنعمر، احتجاجاً على وصف ب»التعنت الحوثي» وقمع الجماعة تظاهرة الناشطين أمام جامعة صنعاء. وتعذر انعقاد جلسة البرلمان الطارئة للنظر في استقالة هادي أمس، وأعلنت هيئة رئاسته تأجيلها إلى أجل غير مسمى، في خطوة يعتقد أنها ترمي لإعطاء الأطراف السياسية فرصة للتوصل إلى حل يخرج اليمن من الأزمة، إما بإقناع هادي للتراجع عن الاستقالة أو عبر فرض مسار سياسي بديل يتم التوافق حوله مع الحوثيين. وعلمت «الحياة» أن الرئيس السابق علي صالح أوفد عدداً من قيادات حزبه (المؤتمر الشعبي) إلى صعدة شمال البلاد برئاسة الأمين العام للحزب عارف الزوكا للقاء زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي في سياق محاولة صالح التنسيق مع الحوثيين لمرحلة ما بعد قبول استقالة هادي. ويدعم تيار واسع في حزب صالح قبول استقالة هادي في البرلمان، في حين كشفت مصادر مطلعة في الحزب ل»الحياة» أن صالح يسعى إلى إقناع زعيم الحوثيين بعدم الموافقة على تراجع هادي عن الاستقالة وتشكيل مجلس رئاسي يدير البلاد يرأسه رئيس الوزراء الأسبق على محمد مجور، أو القيادي في الحزب ونائب رئيس الوزراء السابق أحمد عبيد بن دغر، وكلاهما جنوبيان. ودعا الحزب الاشتراكي قواعده إلى الانخراط في عملية الرفض الشعبي لسيطرة الحوثيين، وأكد حزب «الإصلاح» في محافظة تعز (جنوب غرب) رفضه الخضوع للجماعة، في ظل دعوات أطلقها سياسيون في المحافظة لعزل مناطق شمال الشمال التي تسيطر عليها الجماعة وتوحيد بقية مناطق اليمن تحت قيادة موحدة. وتأتي هذه التطورات اليمنية العاصفة مع صعوبات اقتصادية حادة جراء توقف إنتاج النفط في حضرموت وشبوة ومأرب، ووسط تصاعد لهجمات تنظيم «القاعدة» الذي يعتقد بمسؤوليته أمس عن تفجير سيارة للحوثيين جنوبصنعاء ما أدى إلى قتل اثنين وإصابة أربعة آخرين، غداة اغتيال مسلحي التنظيم ضابطين في جهاز الأمن السياسي (الاستخبارات) قرب مقر الجهاز في شارع حدة جنوب العاصمة.