يدفع إعلان دستوري أعلنت عنه جماعة الحوثي عصر يوم الجمعة بالعاصمة اليمنيةصنعاء وقضى بحل مجلس النواب اليمني والعمل لأجل تشكيل مجلس رئاسي يمني من خمسة أعضاء جهود الجنوبيين في الحصول على استقلال سهل وسريع خلال أسابيع في حال ماتمكنت القيادات السياسية في جنوباليمن بمختلف توجهاتها السياسية ان تنظم صفوفها بشكل "سليم". جاء الإعلان الدستوري الذي أعلنت عنه الجماعة عقب قرابة أكثر من نصف شهر على تقديم الرئيس اليمني "عبدربه منصور هادي" استقالته من منصبه وكذلك الحكومة التي كان يقودها "خالد محفوظ بحاح". وجاء الإعلان أيضا عقب أيام من المحادثات السياسية التي قامت بها القوى السياسية اليمنية منذ أيام بهدف الخروج بتسوية سياسية تنهي الإشكالية السياسية اليمنية . لسنوات طويلة طالب قطاع واسع من الجنوبيين باستقلال الجنوب عن الشمال بسبب ماقالوا أنها غياب حقيقي للدولة والنظام والقانون والمظالم التي تعرضوا لها من الشريك الشمالي . ورغم اتساع رقعة القوة الشعبية المطالبة باستقلال الجنوب إلا ان الكثير من العوائق السياسية كانت تقف في وجه هذه الدعوات وبينها الرفض الدولي والإقليمي لهذه المطالب . لسنوات طويلة جدد المجتمع الدولي رفضه لمطالب استقلال الجنوب ، كانت الفكرة الدولية ترتكز من كون اليمن بلد "هش" وضعيف والأولى هو دعم حكومة الرئيس اليمني السابق "علي عبدالله صالح" بدلا عن التركيز على دعم أي جهود سياسية أخرى بينها استقلال الجنوب أو غيره . مثل غياب الدعم الدولي في الجنوب لمطالب الاستقلال أول الإشكاليات التي واجهت المطالب السياسية في الجنوب حينها وظلت مستمرة لسنوات أخرى عقب سقوط نظام الرئيس اليمني السابق علي صالح. عقب سقوط نظام الرئيس اليمني السابق "علي صالح " ظل المجتمع الدولي والإقليمي يجدد دعمه السياسي لوحدة اليمن وسلامة أراضيه وتحديدا عقب تسلم الرئيس الجنوبي "عبدربه منصور هادي" مقاليد الحكم في اليمن . ومع تطور الأحداث المتسارعة في اليمن عقب تزايد نشاط وقوة جماعة الحوثي في اليمن بدأ واضحا ان الكثير من المواقف السياسية الدولية الثابتة تجاه وحدة اليمني باتت "متغيرة". في ال 21 من سبتمبر 2014 سيطرت جماعة الحوثي على العاصمة اليمنيةصنعاء وهنا بدأ واضحا ان الكثير من المواقف السياسية الدولية تجاه احتجاجات الجنوب كانت في طريقها إلى التغير . أظهرت الكثير من الدول تحولا طفيفا في مواقفها السياسية تجاه الجنوب وبدأ واضحا ان العالم يمكن له ان يتعاطى مع القيادات الجنوبية في حال تشكيلها مجلس قيادة موحد وهو مالم يتم منذ سنوات . التمثيل الجنوبي مشكلة أخرى ظلت لسنوات مشكلة تمثيل جنوبي رمزي وصوري في التشكيلات الحكومية المختلفة في اليمن منذ حرب صيف 1994 وحتى الأشهر الماضية . اصطدمت الاحتجاجات المطالبة باستقلال الجنوب عن الشمال بحضور سياسي لقيادات جنوبية وتمثيل بعدد من الأحزاب السياسية اليمنية بينها حزبي الإصلاح والمؤتمر والاشتراكي وأحزاب أخرى . سعى الرئيس اليمني السابق "علي عبدالله صالح" لسنوات طويلة لأجل تقديم عدد من الأسماء الجنوبية كمسئولين بارزين في الحكومة اليمنية وأوكل عقب العام 2006 لرئيس وزراء جنوبي هو "علي مجور " منصب رئاسة الوزراء إلى جانب وزراء آخرين بينهم وزراء للدفاع . مثل اختيار الرئيس الجنوبي "عبدربه منصور هادي" رئيسا لليمن وانتظام عملية التسوية السياسية التي اختيرت وفق المبادرة الخليجية في طريقها الصحيح لأشهر ضربة موجعة للاحتجاجات في الجنوب . كان الأمر يشبه إلى حد كبير مشاركة حقيقية وفعلية لجنوبيين في صناعة القرار السياسي اليمني عقب تلاشي قدرة الرئيس اليمني السابق علي صالح وإدارة حكمه . مع اقتراب العام 2014 بدأ واضحا ان جماعة الحوثي في طريقها إلى تحقيق مكاسب سياسية على الأرض عقب استيلائها على مدينة عمران ومناطق أخرى شاسعة بشمال اليمن . تمكنت جماعة الحوثي من الاستيلاء على العاصمة اليمنيةصنعاء في ال 21 من سبتمبر 2014 ومع نهاية يناير من العام 2015 تمكنت من الإطاحة بحكم الرئيس الجنوبي "عبدربه منصور هادي" ووضعته إلى جانب قيادات جنوبية أخرى تحت الإقامة الجبرية . وجهت الإطاحة بهادي ضربة قاصمة لمظاهر المشاركة الجنوبية في الحكم الأمر الذي يدفع بدوره الكثير من القيادات السياسية الجنوبية إلى التخلي عن فكرة الشراكة السياسية مع القوى السياسية اليمنية في صنعاء . يمثل استيلاء جماعة الحوثي على الحكم في صنعاء إنهاء فعلي لأي حضور سياسي جنوبي على الأرض في صنعاء الأمر الذي من شأنه ان يعزز قناعة القوى السياسية الجنوبية المنخرطة في الأحزاب السياسية في صنعاء بضرورة العودة إلى الجنوب والمشاركة بفعالية ضمن إطار سياسي جنوبي يضم جميع القوى السياسية الجنوبية بما يمكن للجنوبيين من إنشاء دولة مستقلة لهم بعيدا عن تسلط جماعة الحوثي . تمثل التغيرات السياسية الحاصلة في الشمال اليمني فرصة لاتعوض لدى الجنوبيين في حال ماتمكنوا من استغلالها بشكل جيد حيث ان المحيط الاقليمي والدولي بات على قناعة تامة بعدم قدرته على التعامل السياسي مع جماعة الحوثي وبالمقابل فان جميع القطاعات الشعبية والسياسية في الجنوب باتت متفقة على ان الحضور والتمثيل الجنوبي في الشراكة السياسية مع الشمال بات "غائبا". يرى كثيرون ان الواجب على الأطراف السياسية الجنوبية المختلفة تناسي جميع الاختلافات السياسية السابقة بينها والسعي لايجاد قواسم مشتركة بين كل الأطراف وبما يمكنها من ترتيب مرحلة انتقالية في الجنوب . في المقابل لاتملك جماعة الحوثي قدرة التمدد صوب مناطق الجنوب لكنها تراهن سياسيا على حالة التشرذم التي تعاني منها الأطراف السياسية الجنوبية لذلك فانها تعول على حالة التشرذم وترى أنها تمنحها فرصة قدرة ترتيب اوراقها السياسية في الشمال والانطلاق لاحقا صوب الجنوب .