تتعاظم التحديات التي تواجه الرئيس عبدربه منصور هادي والذي انتخب رئيسا لليمن في العام 2012 لفترة انتقالية مدتها عامين . في ال21 من سبتمبر الماضي تمكنت جماعة الحوثي من السيطرة على العاصمة اليمنيةصنعاء عقب معارك عنيفة مع قوات موالية للفرقة الاولى مدرع وقوات من الجيش ومسلحين من حزب الاصلاح. قلبت السيطرة الحوثية على العاصمة اليمنيةصنعاء موازين القوى في اليمن رأسا على عقب حيث تمكنت من إزاحة قوى سياسية عتيقة سيطرت على اليمن لعقود طويلة . تمكنت جماعة الحوثي من ذلك الحين من ان تتحول إلى القوة السياسية الاولى المتحكمة بالكثير من الامور في صنعاء. وفق ماكان يعتقد دفعت سيطرة جماعة الحوثي على العاصمة اليمنيةصنعاء قوة سياسية تراجعت إلى الخلف هي قوة الرئيس اليمني السابق علي صالح إلى الواجهة. تمكن صالح من العودة إلى الساحة السياسية بقوة وبات يوصف بأنه الشريك الاساسي والفاعل في تحركات جماعة الحوثي الاخيرة لكن الرجل في المقابل ينفي ذلك ويصر على عدم صلته بهذه الجماعة. في أواخر العام 2011 خرج الرئيس اليمني السابق علي صالح عن الحكم في اليمن ودفعت أطراف سياسية مختلفة بينها صالح نفسه بالرئيس اليمني الحالي عبدربه منصور هادي إلى الواجهة . قاد هادي منذ العام 2012 حركة اصلاحات واسعة النطاق واتخذ عدد من القرارات السياسية بعدد من المجالات لكن الرجل ظل بعيدا عن إي اصلاحات حقيقية في الجنوب . رغم كل حجم الاصلاحات التي اتخذها هادي في اليمن الا ان الصراعات السياسية التي خاضتها القوى السياسية المتصارعة بشمال اليمن كانت أقوى من كل هذه الاصلاحات. سعى هادي بقوة لاجل إزاحة كافة مراكز القوى السياسية في الشمال اليمن واتخذ عشرات القرارات التي أزاحت قيادات عسكرية موالية للرئيس اليمني السابق علي صالح واللواء الهارب علي محسن الأحمر. ورغم أن هذه القرارات نفذت على ارض الواقع فعلا الا ان الولاءات القائمة بين صالح وقيادات عسكرية في الجيش ظلت قائمة. مع مطلع العام 2013 قاد الرئيس هادي الاطراف السياسية في اليمن صوب مؤتمر الحوار الوطني في اليمن واستمر هذا المجلس في حوارات سياسية عدة استمرت لاكثر من عام وأنتجت في الاخير مابات يعرف بمخرجات مؤتمر الحوار الوطني في اليمن . تضمنت مخرجات مؤتمر الحوار الوطني نتائج سياسية بينها تقسين اليمن إلى 6 أقاليم وهي المخرجات التي لم تجد لها قبولا سياسيا في الجنوب ، على خلاف ذلك يرى كثيرون ان قطاع واسع من الجنوبيين كان يمكن له ان يقبل بمخرجات سياسية لفيدرالية من إقليمين. بعد أشهر من إقرار مخرجات مؤتمر الحوار الوطني في اليمن بدأت ملامح أزمة سياسية في اليمن تلوح في الافق. وتمثلت ملامح هذه الازمة باحتجاجات قادتها حركة الحوثي في العاصمة اليمنيةصنعاء تحت لافتة احتجاجات تطالب بتخيفض أسعار المشتقات النفطية . سرعان ما تمددت هذه الاحتجاجات في أنحاء مختلفة من العاصمة اليمنيةصنعاء تحولت إلى مصادمات عنيفة بين قوات الامن والمحتجين خلفت عدد من القتلى والجرحى. بدا واضحا ان هذه الاحتجاجات وسرعة تمددها وقوتها كانت اكبر من قدرة جماعة كالحوثي على تنظيمها . اتهم علي صالح الذي حكم اليمن ل33 عام بتغذية ودعم حركة الاحتجاجات هذه وظهرت شعارات جماعة الحوثي جنبا إلى جنب شعارات الحزب الذي يقوده الرئيس اليمني السابق . بم تنكر قيادات من حزب المؤتمر الشعبي العام مشاركة قواعدها في هذه الاحتجاجات . ومع اقتراب منتصف شهر سبتمبر بدا واضحا ان مطامح جماعة الحوثي بدت اكبر من قدرة الحكومة اليمنية على مواجهتها . اتهم علي صالح الذي حكم اليمن ل33 عام بتغذية ودعم حركة الاحتجاجات هذه وظهرت شعارات جماعة الحوثي جنبا إلى جنب شعارات الحزب الذي يقوده الرئيس اليمني السابق . استجابت الحكومة اليمنية لبعض مطالب المحتجين وقامت بإجراء تعديلات على قرارات رفع المشتقات النفطية الذي اتخذته قبل اندلاع هذه الاحتجاجات . قوبلت تحركات الحكومة برفض جماعة الحوثي التي أعلنت في المواجهة أنها متمسكة بمطالبها المتمثلة بتعديل أسعار المشتقات النفطية وإقالة الحكومة وتشكيل حكومة جديدة وتطبيق مخرجات مؤتمر الحوار الوطني. بالنظر إلى المطالب التي ترفعها يجد ان المتابع ان مطلب تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني كان كافيا لان يمتد احتجاج الجماعة إلى سنوات قادمة. في ال21 من سبتمبر 2014م تمكنت الجماعة من بسط سيطرتها على العاصمة اليمنيةصنعاء بصورة مفاجئة وغريبة حيرت كثيرين. جأت هذه السيطرة عقب 4 أيام من المعارك العنيفة مع وحدات من الجيش ومسلحين تابعين لحزب الاصلاح. مثل سقوط العاصمة اليمنية بيد جماعة الحوثي التحدي الاكبر لادارة الرئيس عبدربه منصور هادي وفي المقابل تمثل هذا السقوط تأكيدا من جديد على ان الرئيس اليمني السابق علي صالح لايزال لاعبا رئيسيا في الساحة اليمنية . حاولت إدارة الرئيس هادي التحرك والمناورة لكن كل فرص التحرك كانت ضئيلة وقليلة وظلت هذه الادارة عاجزة عن تقديم تبرير واضح ومفهوم لما حدث في حين سارعت جماعة الحوثي على بسط سيطرتها على مناطق خارج العاصمة اليمنيةصنعاء. واجهت جماعة الحوثي إدارة الرئيس هادي بمتغيرات الخارطة السياسية الجديدة وطالبته صراحة بالقول بها في المقابل باتت خيارات الرئيس هادي قليلة وكان بينها التوجه لتشكيل حكومة جديدة عبر رئيس وزراء جديد يختاره هادي شخصيا وهذا ماتم لاحقا قبل ان ترفض جماعة الحوثي تكليف من الرئيس هادي لاحمد عوض بن مبارك وهو ماتم الرضوخ له لاحقا. بسطت جماعة الحوثي بالتعاون مع أنصار صالح سيطرتها على عدد من المناطق والمحافظات اليمنية عقب سقوط صنعاء بيد الجماعة لكن الجماعة لم تتمكن من التقدم صوب مناطق الجنوب. مثلما تمثل جماعة الحوثي التحدي الاكبر للرئيس هادي يمثل الجنوب التحدي الاكبر لجماعة الحوثي حيث باتت الجماعة غير قادرة على التقدم صوب مناطق الجنوب لادراكها العميق ان إي تحرك صوب الجنوب قد يشعل حركة احتجاجات مسلحة ستنتهي في نهاية المطاف بخروج الجنوب بشكل كامل من تحت سيطرة حكومية تفرض عبر المركز الرئيسي في العاصمة اليمنيةصنعاء. … في مواجهة جماعة الحوثي والكثير من الضغوطات التي يواجهها الرئيس هادي يمثل الجنوب ورقة أخيرة ورابحة للرجل ، لكن الرئيس هادي في الجنوب يواجه الكثير من التحديات الأخرى . يرفض الجنوبيون منذ العام 2007 التعاطي مع الأطراف السياسية الحكومية اليمنية ويذهب كثيرون إلى توصيف الوضع السياسي في الجنوب على انه احتلال لذا فان إي تعاطي جنوبي مع الرئيس "هادي " هو تعاط مرتبط باي خدمات يمكن ان تقدم للجنوب ولقضية الاحتجاجات في الجنوب حيث يطالب الجنوبيون بالاستقلال . ترى أطراف سياسية عدة ان الجنوبيين يمكن ان يتعاطوا مع الرئيس هادي في حال ماتعاطى بشكل "ايجابي" مع قضيتهم ومطالبهم السياسي ومادون ذلك يمكن للاطراف السياسية المتنازعة في صنعاء ان تستخدم أطراف جنوبية بما فيه أضرار للرئيس "هادي". في أواخر سبتمبر ظهر زعيم جماعة الحوثيين "عبدالملك الحوثي" وغازل الجنوبيين ووعد بتقديم حلول لقضيتهم لكنه تجاهل إي مناقشة لدعوات استقلال الجنوب عن الشمال . يمكن للأطراف السياسية المتصارعة في شمال اليمن ان تستخدم قوى الجيش والقبائل ومسلحي الميليشيا لإضعاف قدرة الرئيس "هادي" على الحكم لكنها لن تستطيع ان تتوغل في الجنوب أو ان تستخدمه ضد الرئيس "هادي" في حال ما تمكن الرجل من كسب ولاء وتأييد الشعب في الجنوب وهو تأييد مرتبط باي مكاسب تحقق لصالح قضيتهم . لذلك فانه يتوجب على الرئيس "هادي" ان يتوجه صوب الجنوبيين بشكل اكبر والعمل لأجل الانتصار لقضيتهم لان إي اضعاف للحراك الجنوبي من قبل القوى السياسية في الشمال هو اضعاف شخصي له ولادارته .