خاض الحوثيين ست حروب ضد النظام اليمني، وصمدوا في وجه ذلك النظام، الذي لم يتوانى في شن الحرب ضدهم ومحاولة القضاء عليهم، ولكن لم تحسم اي حربا من تلك الحروب السته، حيث تنتهي بهدنه والتي يسعى النظام لها سراً، لكي يتجنب الاعتراف بأنه لم يقضي على الجماعة العصية، التي انهكته واستعصت عليه... وفي حقيقه الأمر انه اتفاق سلام وفي كل مرة تصبح المهمة صعبة لأن اتفاق السلام كان النتيجة الحتمية لعجز النظام عن الانتصار. ونزل الحوثيين خلال ثورة 2011 من الجبال مؤيدين لثورة التغيير، التي اطاحت بخصمهم اللدود رأس النظام علي عبدالله صالح وعائلته وحرسه الحديدي (الجمهوري)، الذي حاربهم وقتل زعيمهم حسين بدرالدين الحوثي، وجاءت المبادرة الخليجية لتعترف بأزمات البلاد وعلى رأسها أزمة صعده!!! ودخل الحوثيين في الحوار الوطني بجناحهم السياسي انصار الله، وصالوا وجالوا، وفي منتصف الحوار بدأوا بتنفيذ اول خطوات سياسة الامر الواقع، ففجروا أزمة دماج حاصروا قتلوا وسيطروا وانتصروا وفرضوا شروطهم بمباركة الرئيس هادي قائد المرحلة الانتقالية. استفادوا من تقاطع المصالح وقرأوا المشهد جيداً، فدخلوا في حرب مع مراكز القوى التابعة لخصمهم اللدود الجنرال علي محسن وابناء الاحمر الشيخين صادق وحسين والملياردير الاصلاحي حميد، مستفيدين من الخصومة الخفية بينهم وبين هادي، الذي كان يرى فيهم معوقاً للمرحلة الانتقالية، فانتصروا نصراً مؤزراً بعد حرب حامية الوطيس، وقتل اليد اليمنى للجنرال وذراعه القوية اللواء القشيبي. وبعدها بفترة وجيزة دخلوا في تحالف مع الزعيم المخلوع صالح من اجل إزاحة الرجل الذي في الحقيقة قد أُكل يوم أُكل القشيبي. وكانت الانظار تحوم تحدياً ثاقبة نحو صنعاء، ولابد من صنعاء وان طال السفر، ولأنهم محترفو سياسة على عكس كل من يراهم رعاه لا يفقهون؟ اغتنموا فرصة ازمه رفع الدعم عن المشتقات النفطية، ليعلنوا ثورة... وثورة بالصميل والحصار المطبق الاف البشر تحملهم الاف السيارات... ثوره لهاد رعاً وسيف... ثوره داخل صنعاء وجيش يتأهب خارجها لساعه الصفر. حاصروا التلفزيون والفرقة الاولى واطبقوا الحصار، وماهي الا ساعات لتسقط الفرقة ويهرب الجنرال والشيخ الملياردير من البلاد ومعهم ايقونة الثورة التي فازت بنوبل! ولأنهم سياسيون بارعون اوقفوا زيز الرصاص واخرسوا فوهات المدافع ليجتروا اقلامهم ليوقعوا بكل احترافيه على اتفاق السلم والشراكة. وماهي الا شهور افتعلوا فيها الازمة تلو الاخرى لتركيع الرئاسة واذعانها لهم، كان اخرها القشة التي قصمت ظهر البعير. اختطاف مدير مكتب الرئيس بن مبارك والتي اعتبرها هادي إهانة له ولمؤسسة الرئاسة الهشة، وتفجر الوضع لتقتتل الرئاسة والحوثيين لساعات اعقبتها هدنة لم تدم طويلاً، فيها انقض الحوثيين على هادي ورئيس حكومة التكونقراط بحاح وكل المرحلة الانتقالية وكل الرواية، لينتهي فصل الجمهورية ويبدأ فصل الحوثية. وفي حقيقة الامر نحن امام جماعة تمتلك كل مقومات العمل السياسي المحمي بقوه السلاح وفي فترة وجيزة استطاعوا ان يرسموا خارطة الطريق، التي يرونها ارض صالحة لمستقبلهم وفي المقابل لم تستطع اي جبهة سياسية او اي من مراكز القوى المعادية لها ان تتصدى لها، لأنه لم يكن في حسبان كل من قاوم الحوثيين ان يتوقع تلك الحنكة والسياسة الخارقة!! فمن منا كان يتصور ان الحوثيين قد يمدوا ايديهم في يد عدوهم علي عبدالله صالح!! لكنها المصلحة فلكليهما ثأر مع محسن وال الاحمر، صالح لأنهم ازاحوه بثورة التغيير، والحوثي لانهم حاربوه في حروبهم الستة معه وال الاحمر بحربهم له في دماج وعمران. إذاً هي السياسة ومن يستطيع ان يلعب السياسة فالسياسة ليس لها مضمار ومع اعلانهم الدستوري الأخير يكونوا قد افرغوا الساحة من الخصوم ليتسنى لهم رسم سياسة المرحلة القادمة، رغم كل الرفض للجماعة والاستياء الدولي وعدم الترحيب، يبدو انهم لن ولم يتسرعوا في اخذ كل هذا الرفض لهم على محمل الجد. فالجميع مصدوم ومندهش حتى حليفهم وجهوا له اول لكمه بحلهم للبرلمان، فهل يقرأوا المشهد جيداً ويغتنموا الفرص الذهبية كالعادة، ويزيحوا صالح، مقابل اي شيء يري المجتمع الدولي وتكون صفقة اعتراف العالم ومباركته لهم حكم اليمن؟؟ لا استبعد ذلك!