قم للمعلم وفِه التبجيلا كاد المعلم ان يكون رسولا .. هكذا يجب ان نتعامل مع من يمتنهن مهنة التعليم فهو ذلك الذي يحمل على عاتقة مسؤولية تنوير الاجيال من أجل النهوض بالشعوب والرقي بالأمم فالمعلم كشمعة تحترق من اجل ان تضيء وتنور طريق الاجيال نحو آفاق المستقبل المنتظر لبناء وتشييد الأوطان فهو يحرق ويبذل قصار جهده ووقته في سبيل مهنة التعليم وتقديم الفائدة والعلم والمعرفة وغرس القيم النبيلة والاخلاق الحميدة في نفوس ابناءه الطلاب . ولكن متى كان ذلك? وهل لا زالت نوعية هؤلاء المعلمين ممن يستاهلون التبجيل والتقدير والاحترام موجودة في زمننا هذا? اجزم انها تكاد غير موجودة وان تواجدت فتواجدها فيما ندر وبأعداد ضئيلة جداً!! نعم انقرضت تلك النوعية والطينة من المعلمين في زمن آني ووضع حالي غاب فيه الولاء وروح الانتماء للمهنة وانقرضت فيه القيم الانسانية وغاب الضمير واندثرت الاخلاق فدنُست مهنة التعليم الشريفة بعد ان تبدل حالها واصبح روادها وقاطني كوكبها لا يتناسبون بصفاتهم واخلاقهم وأساليبهم مع سمو رسالتها و طبيعتها الجذابة وسماتها الفريدة وشرفها الكبير وقدسيتها العظيمة. اليوم لا جديد يلوح في الافق يوحي بتطوير التعليم في وقتنا الحاضر بعد اصبحت منكوبة القيمة مسكوبة المكانة مسلوبة العذرية فالكثير من معلمي اليوم في كافة قطاعات التعليم بكل مراحلة على تنوع مستوياته وتخصصاته إلا من رحم ربي في ظل غياب الرقابة وعدم تطبيق مبدأ العقاب والثواب جعلوا تلك المهنة (الشريفة) جسر عبور إلى تحقيق رغبات (دنيئة) و (رخيصة) لا صلة للتعليم بها. فمنهم من استغل (صلاحياته ومسؤولياته) كسلاح فتاك يشهره في وجه كل طالب وطالبه يخالفه في الرأي ليقطع به مستقبله ويبعثره اشلا متناثرة ، ومنهم من استخدم نفوذة كمصدر دخل غير حلال من خلال الرشاوي والهِبات حتى صار التعليم مجرد وسيلة تشجع الطالب على الفشل وتدعوا الاجيال للانحراف واصبح نتاجها وثمارها مجرد ورقة (شهادة) فقط لا اكثر ولا اقل دون ان تغذي الروح والفكر بالعلم والمعرفة كما كانت في السابق وكما يجب ان تكون دائماً.. والأعظم خطورة والاشد بلاء ان يستغل هؤلاء نفوذهم كطريق معبد وسلس لممارسة الامور إلا اخلاقية. نعم المعلم ليس وحده من يتحمل مسؤولية تدهور التعليم فهناك الكثير من العوامل المؤثرة على التعليم والمتسببة في وصوله إلى هذه المرحلة من الانحطاط ومنها الوضع العام للبلد وغياب الاهتمام بتنميته و تطويره من الحكومة بسبب الظروف القاهرة التي يعيشها الوطن إلا ان المعلم يعد سبب رئيس ومباشر في تدني وهبوط مستوى التعليم وتدنيس شرف تلك المهنة العظيمة.. فالمعلم اذا استشعر قيمة واهمية وقداسة مهنته وأداء حق الانتماء إليها بحب واخلاص في العمل واصدق مع الله ثم مع النفس والناس عندها سيكون بمقدورة احتوى الكثير من سلبياتها والحد من شوائبها بنشر العلم والخير والمعرفة والقضاء على الجهل والكثير من السلبيات ولكن للأسف هذا لم يعد موجود في معلمي اليوم إلا من رحم ربي. نعم ما ورد في سطور باعلاه قد يكون جارحاً بعض الشيء وقاسياً نوع ما إلا أنه لم يكن افتراء اطلاقاً ولم يدفع حبر قلمي للتدفق والكتابة هنا إلا تلك الصور المقززة التي نراها ونسمع عنها بشكل شبه يومي والتي تنبعث من مدارسنا وحتى جامعاتنا والتي يشيب من فضاضتها ريش الغراب وتزكم نتانة روائحها الانوف.. وفي الاخير اتمنى ان يعي المنخرطون في هذه المهنة وبالأخص (المنحرفون.. عن قيم ومبادئ واهداف هذه المهنة الشريفة) مدى قدسيتها واهميتها وعظمتها واعطائها حقها فهي أمانة غالية ورسالة كبرى. فيا معشر المعلمين انكم مسؤولون عن اعمالكم فمجزون عنها من الله والامة والجيل الذي تنشئونه وتقومون عليه فان احسنتم لأنفسكم ولكم من الله فضل جزيل ومن الامة والاجيال ثناء جميل وان قصرتم اسأتم لأنفسكم وامتكم.. وسيضيع الكثير والكثير.