لا حلول لأزمات اليمن والجنوب.. ولكن استثمار    انضمام مشائخ من كبار قبائل شبوة وحضرموت للمجلس الانتقالي الجنوبي    الحوثيون يعترفون بنهب العملة الجديدة من التجار بعد ظهورها بكثرة في مناطقهم    من 30 الى 50 بالمية...قيادي بالانتقالي الجنوبي يتوقع تحسنًا في سعر الصرف خلال الفترة القادمة    الرفيق "صالح حكومة و اللجان الشعبية".. مبادرات جماهيرية صباح كل جمعة    نادي ظفار العماني يهبط رسميا للدرجة الأدنى    انعقاد دورة الجمعية الوطنية في شبوة.. دلالات تاريخية تجسد روح التلاحم الوطني الجنوبي    سياسة حسن الجوار والأزمة اليمنية    "لن نفتح الطريق"...المقاومة الجنوبية ترفض فتح طريق عقبة ثرة وتؤكد ان من يدعو لفتحها متواطئ مع الحوثي    خبير اقتصادي يمني يحذر من استمرار العجز المالي وانهيار العملة ويضع الحلول    وديا ... اسبانيا تتخطى ايرلندا الشمالية بخماسية    بعد أشهر قليلة من زواجهما ...جريمة بشعة مقتل شابة على يد زوجها في تعز (صورة)    ما حد يبادل ابنه بجنّي    صيد حوثي كبير في يد قوات العمالقة ودرع الوطن    أحمد علي عبدالله صالح يعود بقوة للمشهد اليمني والذعر يجتاح صنعاء.. هل يكون الرئيس القادم؟    "الحوثيون يستعدون للمواجهة والحرب القادمة بمشروع سري ضخم"..تعرف عليه    جريمة بشعة تهز اليمن: الحوثيون يقتلون رجل أعمال بعد الإفراج عنه من سجنه!    الحسناء المصرية بشرى تتغزل باليمن و بالشاي العدني    خارجية الانتقالي تندد بالاعتقالات الحوثية بصفوف الموظفين الأمميين    «كاك بنك» يتولى النسخة الثانية من فعالية العروض (DEMODAY)    السلطة المحلية بتعز تعلن إصلاح طريق الكمب تمهيداً لاستقبال المواطنين    أطباء بلا حدود: 63 ألف حالة إصابة بالكوليرا والاسهالات المائية في اليمن منذ مطلع العام الجاري    قرار حكومي بنقل مقار شركات الاتصالات الرئيسة إلى العاصمة المؤقتة عدن    منتخب الشباب ينهي معسكره الداخلي ويعلن القائمة النهائية للمشاركة ببطولة غرب آسيا    زيدان: البرنابيو يحمل لي ذكريات خاصة جداً    80 شهيدا وعشرات الجرحى جراء قصف غير مسبوق وسط غزة والمستشفيات تستغيث    اتحاد النويدرة بطلا لبطولة أبطال الوادي للمحترفين للكرة الطائرة النسخة الثالثة.    أطلق النار على نفسه.. مقتل مغترب يمني في أمريكا في ظروف غامضة (الاسم)    حاول التقاط ''سيلفي'' .. الفنان المصري ''عمرو دياب'' يصفع معجبًا على وجهه خلال حفل زفاف ابنه (فيديو)    الرئيس الإقليمي للأولمبياد الخاص الدولي : مصر من أوائل دول المنطقة التي أقامت ألعابا وطنية    البعداني: البرواني استعاد جاهزيته .. ولا يمكن تجاهل أي لاعب يبلي بلاءً حسنا    الحوثيون يمنحون أول باحثة من الجنسية الروسية درجة الماجستير من جامعة صنعاء    تحرك أمريكي صارم لخنق ''الحوثيين'' .. والحكومة الشرعية توجه الضربة القاضية للمليشيات    تعرف على شروط الأضحية ومشروعيتها في الشريعة الإسلامية    وقفة جماهيرية بمحافظة مأرب تندد باستمرار مجازر الاحتلال الاسرائيلي في غزة    - مواطن سعودي يتناول أفخر وجبات الغذاء مجانا بشكل يومي في أفخر مطاعم العاصمة صنعاء    الوزير البكري يعزي في وفاة الكابتن علي بن علي شمسان    البنك المركزي يؤكد سريان قراراته ويحذر من تداول الشائعات    بينها دول عربية.. تسع دول خالفت السعودية في الإعلان عن موعد عيد الأضحى    الحوثيون يعتقلون عشرات الموظفين الأمميين والإغاثيين في اليمن مميز    تصعيد جديد.. الحكومة تدعو وكالات السفر بمناطق الحوثيين للانتقال للمحافظات المحررة    عن ''المغفلة'' التي أحببتها!    ضغط أوروبي على المجلس الانتقالي لتوريد إيرادات الدولة في عدن إلى البنك المركزي    ميليشيا الحوثي تهدد بإزالة صنعاء من قائمة التراث العالمي وجهود حكومية لإدراج عدن    وداعاً لكأس العالم 2026: تعادل مخيب للآمال مع البحرين يُنهي مشوار منتخبنا الوطني    اشتراكي المقاطرة يدين الاعتداء على رئيس نقابة المهن الفنية الطبية بمحافظة تعز    عدن.. الورشة الخاصة باستراتيجية كبار السن توصي بإصدار قانون وصندوق لرعاية كبار السن    خبراء صحة: لا تتناول هذه الأطعمة مع بعض الأدوية    الوحدة التنفيذية للاستيطان اليمني    في وداع محارب شجاع أسمه شرف قاسم مميز    مدير منفذ الوديعة يعلن استكمال تفويج الحجاج براً بكل يسر وسهولة    العشر الأوائل من ذي الحجة: أفضل أيام العبادة والعمل الصالح    ارتفاع حالات الكوليرا في اليمن إلى 59 ألف إصابة هذا العام: اليونيسيف تحذر    يكتبها عميد المصورين اليمنيين الاغبري    سلام الله على زمن تمنح فيه الأسماك إجازة عيد من قبل أبناء عدن    أغلبها بمناطق المليشيا.. الأمم المتحدة تعلن ارتفاع حالات الإصابة بالكوليرا في اليمن    وكالة المسافر للحج والعمرة والسياحة بحضرموت تفوج 141 حاجاً إلى بيت الله    وفاة ضابط في الجيش الوطني خلال استعداده لأداء صلاة الظهر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخطاب السياسي الحوثي في الأناشيد التعبوية
نشر في عدن الغد يوم 21 - 02 - 2015

من يلاحظ الخطاب الإعلامي الحوثي يجده يتنوع وفق مستويين: المستوى الأول مستوى القنوات الفضائية أو الصحف. وسيجد المتابع هذا الخطاب منمقاً ممتلئاً بكثير من الأناقات اللفظية المبنية على المغالطات المنطقية وتعمد التلطف في التعبيرات اللفظية عن مقاصدهم السياسية. وهذا الخطاب موجه للخارج ولسياسيي ومثقفي الداخل ليتمكنوا من إيجاد مسوغات لأعمالهم الحربية التوسعية على الخارطة اليمنية.
والمستوى الثاني مستوى الأناشيد الغنائية التي ينتجها الحوثيون. هذه الأناشيد ليس لها انتشار في وسائل الإعلام الجماهيري من صحافة وفضائيات, ويقتصر انتشارها على موقع اليوتيوب وبعض المواقع الخاصة بالحوثيين لكنها منتشرة كثيرا بين الحوثيين والمتعاطفين معهم وبين عامة الشعب. وفي هذه الأناشيد يتخلى الخطاب الحوثي عن كثيرا من تنميقاته وأغاليطه المنطقية ويصير صريحا في البوح عن المشروع الحربي التوسعي للحوثيين, ولا تبقى الا بعض العبارات الطائفية التي أحسن تغليفها والمراد منها وصم الغالبية من اليمنيين التي لا تقبل بمشروع التوسع الحوثي.
وأهم خصيصة أسلوبية تظهر على معظم الأناشيد التعبوية للحوثيين أن لغتها بسيطة, وتأتي بمستوى الكلام المحكي, وليس فيها كثير اعتناء بالصور البيانية, وتفقد أحيانا الترابط النصي والوحدة الموضوعية بين أبياتها. والسبب فيما يبدو أن الفئة المستهدفة بها هي الفئات المتدنية التعليم من أبناء الشعب.
أما الموضوعات التي تتناولها هذه الأناشيد فموضوعات شديدة التبسيط وجلها تدور في حقلي الحرب والموت وما اتصل بهما. لذلك نجد أن هذه الأناشيد تعيد تكرار هذه الأفكار, والغرض الواضح أنها تريد إحداث التأثير المطلوب وفقا لمبدأ : " أن تُردِّد نفس الفكرة مرات عديدة نظرا لأن التكرار الدائم لفكرة ما بصرف النظر عن عدم حقيقتها سوف يؤدي إلى جعلها مقبولة ومسلما بها لدى الجماهير"[1] وبعد الاقتناع تسيطر هذه التصورات على معتنقها لاسيما أنها تأتي ضمن سياق تفكير جمعي تصعب مخالفته, فتوجه فكره وتمنعه من التفكير النقدي لهذه التصورات أو قبول ما يخالفها.
وقد درس الباحث ثمانية من الأناشيد الحوثية الأكثر شهرة فوجد فيها عددا من الموضوعات المتكررة نسوقها فيما يأتي:
1- التعبئة النفسية للحرب والاحتفال بالمظاهر المسلحة: وهذا هو الموضوع الأبرز والأكثر تكرارا بين الأناشيد. ويصير مفهوما هذا الاتجاه للخطاب الحوثي في الأناشيد, إذا علم المتلقي أن الحوثيين ليسوا حزبا سياسيا يمارس العملية السياسية ويؤمن بالديمقراطية, بل جماعة دينية متطرفة تمردت على الدولة واستطاعت أن تصل اليوم إلى مراكز السلطة وأن تسيطر عليها وتتحكم في قرارها وتتهيأ لإلغائها واستبدالها بنظام طائفي اثتيعشري. فالأناشيد هنا تعبئ نفوس المناصرين للحوثي للاستعداد للحرب والتوجه إليها, لأن الحرب ليست بالشيئ الهين بل أمر جلل ومن واجهه بنفس لم تجد التعبئة الكاملة ينكفئ عند أول مواجهة يشاهد فيها الموت وأهوال الحرب عيانا. لذلك تأتي الأناشيد لتستفز الحمية للحرب والمواجهة. ومن الأناشيد المثالية لهذه التعبئة نشيد "شبت النار", وفيمطلعه تلك الجملة التي تثير عواطف الأتباع للذهاب إلى الحرب:
شبت النار شبت صدري اليوم فاير الجعب[2] والبنادق جاوبت من دعاها.

وهناك أبيات في مطلع نشيد "طبلة الحرب" تستثير العواطف, هي:
طبلة الحرب دقت دقدقي يا دفوف داعي الحق ومنادي الجهاد ابرقا.
ويبدو أن المقصود بطبلة الحرب قرعات الطبل لرقصة البرع التي هي رقصة الحرب في المرتفعات الغربية في اليمن, وبالمناسبة معظم الأناشيد مصحوبة بطبلة البرع حتى تستكمل الإثارة اللفظية بالإثارة الموسيقية المحمسة, فالشطر الأول يستحضر في ذهن المتلقي رقصة البرع المحمسة, والحماس انفعال يطرأ على الإنسان وينطفئ سريعا لذلك لم يكتف الشاعر بذكر المحمس بل قرنه في الشطر الثاني بالمعتقد, لأن المعتقد الديني أكثر رسوخا في نفس صاحبة ولا ينطفئ كالانفعال, بل إن استثارته تجدد الحماسة كلما فترت وتدفع لمزيد من القتال. بعد أن يستثير الشاعر النفوس للقتال ثم يحفز المشاعر العقدية, يكمل المشهد في البيت الذي يليه للجموع المتحفزة بتوحيد الصف, والزحف على عدوهم, ثم يعود لتحفيز عواطف المقاتلين, لكنه هذه المرة يحفز لديهم الرغبة في المعالي والصيت الحسن إن هم أجابوا.
وحد الصف, سيري وازحفي يا صفوف الشرف والمعالي من بغاها غدا

ويعود مرة أخرى ليحدثهم أن خروجهم في سبيل الله, وأنهم يواجهون غزو الكفار, مع أنهم في حقيقة الأمر هم من يغزون مناطق غيرهم من الطائفة السنية, وهذا المغالطة المقصود بها إشعار الأتباع المخطوفين ذهنيا بأنهم مظلومون, فيزدادون حماسا واندفاعا للحرب لشعورهم الموهوم بالمظلومية. وبالتكفير لليمني السني يصير بالإمكان قتله دون وجل أو شعور بالذنب.
اخرجوا في سبيل الله شم الأنوف من غزا الكفر دينه من دماها استقى

والحرب شيء مكروه ولا تحبه الناس بل يصيبها الوجل عندما يشعرون بقرب وقوعها لأنها كارثة إنسانية تنشر الموت والخراب, لذلك نجد الحوثيين دائما في أناشيدهم ينكرون هذه المشاعر ويكررونها حتى يحدث الأثر المطلوب لدى السامعين, وهو الاستهانة بالحروب وما تجره من ويلات, فنسمع حاديهم للحرب يقول مستخفا بالحرب ومآلاتها الوخيمة أشد الاستخفاف في نشيد "ما نبالي" :
ما نبالي ما نبالي ما نبالي واجعلوها حرب كبرى عالمية
ويلجأ الشاعر ليسوغ أهوال الحروب لدى الأتباع لدعوى أنها لله ولأنها كذلك يرحب الشاعر بالأهوال والموت بقوله:
في سبيل الله ذقنا المر حالي مرحبا بالموت حيا بالمنية
كل هذا ليعزز لدى النفوس مشاعر الصبر والاحتمال والعناد الشديد التي تكون من مفاتيح النصر في الحروب الطويلة المنهكة لاسيما الحروب الطائفية. وفي نشيد "حيا بداعي الموت" نجد الشاعر يحاول غرس ليس الاستهانة بالموت بل الترحيب به مسوغا ذلك بأنهم جنود الله باعوا نفوسهم إليه:
حيا بدعي الموت قل للمشرق والمغرب إحنا جنود الله بعنا بيع ماحد يشفعه
وتصل الأفكار التعبوية للحرب أن تغرس في نفوس الأتباع أنهم آلات للقتل لدى عبدالملك الحوثي. ففي نشيد "حيا بداعي الجهاد" يقول الشاعر:
احنا سلاح ابن بدر الدين واحنا الزناد
ومن أعجب الأفكار التي تؤز على الحرب لكنها ليست مستقاة من قرآن أو دين لكن من الموروث الجاهلي العربي قول الشاعر:
من خشوم البنادق نحتكم والمعابر
فليسوا يحتكمون إلى الدين أو الأخلاق أو الأعراف بل إلى القوة الغاشمة, ومثل هذه الأفكار غالبا ما تستثير رجال القبائل في بعض المناطق اليمنية الأكثر تخلفا. ويبدوا أن الشاعر أراد استغلال هذه السمة الاجتماعية ليوظفها في المشروع الحوثي التوسعي المتوسل بالحروب.
وفي نشيد "والله ما اتوقف" نرى الشاعر يقول معبئا لنفوس الأتباع:
باحط روحي كف وسلاحي باحطه فوق كف
وجهاد ما يوصف اخوض به المشقات العناف
لأن هذه الكلمات تشد من أزر المقاتلين وتصبرهم لا سيما حين يواجهون الأهوال التي وصفها الشاعر بالمشقات العناف.

2- تكريس عبادة الفرد: وهذا هو الموضوع الثاني الأكثر تكرارا في الأناشيد التعبوية. ومضامينه تدور حول تعظيم قائد الحوثيين عبد الملك الحوثي ووصفه بصفات لا تتوفر فيه, وموجبة له الحب بدرجة أعلى من الناس والطاعة المطلقة لأنه من "الآل".
فمن الأفكار التي وردت التمسك بالآل الذين يمثلهم عبدا الملك مهما كانت العواقب أو اشتدت الحروب. يقول الشاعر في قصيدة "حيا بداعي الموت" :
لو السما تنهار والمشرق يجي في المغربِ والأرض تشعل نار من كل الجهات الأربعة
لو بايجي الياجوج والماجوج فوقي يحرق والجو طيارات والدنيا طقوم مدرعة
ما بانفرط في كتاب الله والآل اضربي يا هذه الدنيا طلقتي بالثلاث مودعة
ثم إن هذه الأناشيد تجعل جزاء طاعة عبدالملك الحوثي في الذهاب معه فيما يخوضه من الحروب بالجنة, دون سؤال عن دليل عقلي أو نقلي لهذا المعتقد. يقول الشاعر في نشيد "ألا يا الله" :
مع ابن البدر شدينا الرحال لأن العاقبة جنة هنية
ويأتي بعد هذا البيت وبيتا آخر يليه قول الشاعر: وابو جبريل غالي وابن غالي شرف للناس عزة للبرية
لترسيخ صورة القائد المخلص وغرس محبته بين الناس حتى لا يخالف في مشاريعه لأن مشاريعه في ما يزعم ترفع مقادير الناس وتجعلهم عزيزين.
وفي قصيدة "حيا بداعي الجهاد" نجد الشاعر يحث على تلبية عبدالملك ويكيل له مديحا من النوع الذي يغتر به بسطاء الناس. يقول الشاعر:
لبيك لبيك يا داعي الهدى والرشاد
لبيك يا مخرج الأمة من الاضطهاد
3- التحريض على إبادة السنة: وهذه الفكرة مما يكرر في الأناشيد الحوثية. ويحاولون تمويه هذه الفكرة بألفاظ مثل "شلة يزيد" و "تكفيري" لكن هذه الألفاظ تبقى شفيفة ومنبئة عن المشروع الحوثي الاستئصالي لغير طائفته. يقول الشاعر في نشيد "حيا بداعي الجهاد" :
واليوم شلة يزيد ترحل ورا قوم عاد
وفي هذا البيت بث للكراهية وتحريض على إبادة الطائفة السنية كما أبيد قوم عاد بوصمهم "بشلة يزيد" استدعاء للأحقاد التاريخية التي ستدفع أتباع الحوثي وتحمسهم لمزيد من القتال, فالكراهية فضلا عن أنها دافع ضد المكروه تمكن السياسيين حين بثها من وأد العواطف الإنسانية لدى أتباعهم تجاه أعدائهم فتضمن عدم ترددهم في سحق من يقاومون مشاريعهم دون رحمة.
ويلي هذا البيت قول الشاعر:
الويل يا كل تكفيري مع الغرب قاد .
ونراه يصم السنة بكلمة تكفيري ثم يمعن في وصمهم بأنهم قوادين للغرب الذي هو العدو الحاضر دائما في الوعي الجمعي لدى الشيعة من كثرة ترديدها في الدعايات. وكلمة تكفيري يستخدمها الشيعة في دعايتهم السياسية لتفريق الطائفة السنية ثم ضرب فئاتهم كل مرة على حدة بعد أن يصفوها بأنها تكفيرية فهم مرة يصفون السلفيين لتحييد غيرهم ثم بعد الخلاص منهم نراهم يستعملونها ضد الإخوان, وهلم جرا.
4- استحضار العدو الخارجي: وهذا من الموضوعات الأثيرة لدى الحوثيين, بل إن شعارهم[3] الذي يرفعونه في كل مكان, ومعظم حديثهم إلى الإعلام المرئي والمقروء يحاول أن يغرس في رؤوس الأتباع فكرة أنهم يواجهون أمريكا, ففي نشيد "الا يالله يا عالم بحالي" يقوم الشاعر باستحضار الأمريكان والصهاينة دون مناسبة, لكي يستنهض همم الأتباع وإشعارهم بالعار بقول الشاعر: علينا العار ما نبقي موالي لأمريكا وصهيون اللعينة
وفي نشيد "حيا بداعي الجهاد" يشجع الشاعر على استئصال السنة الذين يصمهم "بأصحاب الشقا والفساد" مطلقا يمينا بعدم قبولهم, وحتى يوغل في خداع الأتباع يظهر العزم عليه حتى لو اجتمع على قتالهم الأمريكان والاتحاد الأوربي. وهنا تتجلى إحدى مفارقات الخطاب الحوثي الإعلامي الذي يظهر العداء الشديد لأمريكا بينما يظهر على الأرض التناغم بينهم في الأعمال القتالية حين تساندهم الطائرات دون طيار الأمريكية في كل مرة يضعفون فيها عن التقدم. يقول شاعرهم: والله ما نقبل اصحاب الشقا والفساد لو يجتمع ضدنا امريكا مع الاتحاد

وفي نشيد "ما نبالي" أيضا إحدى الإيماضات إلى الأتباع التي تستحضر العدو الأمريكي إلى الوعي الجمعي للحوثة لكي تقول أن ما يقومون به من أعمال هو رفض لاتباع الأمريكان. يقول النشيد:
نرفض ان نبقى مع امريكا موالي والأوامر هي تصدرها طرية

5- إرهاب الخصوم: وهذا من الموضوعات التي تطرقها الأناشيد الحوثية وتغيب عن خطابهم الإعلامي المتلفز والمقروء, وهو خطاب موجه لتعبئة نفوس الأتباع بروح الانتقام الشنيع من الخصوم, وموجه كذلك للخصوم حتى يملأ نفوسهم رعبا فيكفوا عن مقاومة مشاريع الحوثي التوسعية ففي نشيد "طبلة الحرب دقت" يتوعد الشاعر الخصوم بالمجيء إلى بيوتهم, ويتوعد من يقاتلهم دفاعا الذي يجعله لغرض المغالطة واسقاط النوازع العدوانية الذاتية على الآخر غازيا بأن يعود وهو يندب حظه قائلا " لا سقا الله يوم قاتلنا الحوثيين"[4] :
من بغانا لقينا حول داره نطوف من غزانا يعود وكلمته "لا سقا"
ثم إن الشاعر يوغل في رسم صورة مرعبة لمن يريد قتالهم بأنهم سيشربون من دمه وبأنهم سيطيرون رأسه عن جسده:
نغرف الدم من كاس المنايا غروف كل راس غزانا مرتفع قد نقا
وفي نشيد "والله ما اتخلف" يمعن الشاعر في رسم صورة إرهابية يقصر عنها الخيال الداعشي في مواجهة الخصوم, فهم لا يكتفون بقتل من يحاربهم بل يقطعون يديه ويجعلون جثته كجثة قرد جفت وانكمشت وتحنطت في حر الصحراء اللاهب الذي لا تتحلل في الجثث بل تبقى :
ياويل من ودف[5] وحاربنا وضد الله وقف نقطع يدين وكف ونخليه جثة قرد جاف
ولا يكتفي الحوثيون من خصمهم بالقتل بل يوغلون في إرهابهم ليصلوا إلى تفجير بيوت خصومهم وتشريد أهلهم. يقول نشيد "والله ما اتخلف" :
اللي يوالي الشر با ينسف ويعرف الانتساف
ويقصد بالشر هنا من يقف مقاوما لمشروع الحوثي العدواني التوسعي.

في النهاية نخلص من خطاب الحوثيين في أناشيدهم أنهم ليسوا أصحاب مشروع سياسي مسالم يقبل بالآخر بل أصحاب مشروع قتالي توسعي يتوسل بالقتل والإرهاب والنسف ونشر الخراب إلى الخلاص ممن يقف في وجهه, لذلك دائما ما يعمل في هذه الأناشيد على التعبئة للأتباع بأنهم يفعلون ما يفعلون طاعة لعبدالملك الذي هو من آل البيت والذين في طاعتهم طاعة لله, وأن من يقف ضد مشروعهم يقف ضد الله عز وجل لذا فالخلاص منه مسوغ.

[1] حرب بلا مدافع , ترجمة محمد عبدالرحمن برج , القيادة العامة للقوات المسلحة إدارة التوجيه المعنوي ,1967.
[2] الجعب: جمع جعبة, وهي الحاوية لمخازن ذخيرة البندقية.
[3] شعار الحوثيين الذي جعلوه مكتوبا على علمهم, والذي يعلق على بيوتهم وغي الأسواق وفي كل مكان يكونون فيه ويلصقونه على سياراتهم وبنادقهم هو "الله أكبر, الموت لأمريكا, الموت لإسرائيل, اللعنة على اليهود, النصر للإسلام.
[4][4][4] دعاء السقيا هو أن يدعو الله بالسقيا بالمطر وعكسه الدعاء بعدم السقيا, وهذه من العبارات المنتشرة على ألسنة العامة في اليمن, والغرض منهما التعبير عن الفرح في المواقف السعيدة في الأولى, والتعبير عن مشاعر الهم والحزن و الإحباط في الثانية.
[5] ودف,: كلمة من المحكية اليمنية تقارب في معناها تورط.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.